يعتبر انطون سعاده من اوائل شهداء ما بعد النكبة وهو أعدم بتواطىء بين حاكم دمشق أنذاك وعصاية الحكم اللبناني التي انبثقت اثر الاستقلال فشهادته لم تكن لتكون لولا بذرة الوعي التي زرعها في عقول الناس حول خطورة ما يجري على التراب الفلسطيني ولم يكتف بالزرع فقط بل شاركت فصائل من حزبه منذ ثلاثينات القرن المنصرم في التصدي للمؤامرة التي حيكت من قبل الدوائر الصهيونية واشتركت بها دولا عظمى كبريطانية وبعض حديثي النعمة من المتبطحين للعب دور سياسي ان في دمشق او في بيروت.
سعاده لم يستشهد لأنه جاء بفكرة او أسس حزبا. هذه الأمور كان المنتدب يعالجها عن طريق الاحتواء لما لديه من سلطة مادية ومعنوية فأحزاب كثيرة قامت واستطاع تسخيرها لأهدافه حتى ان البعض يشير ان بعضها كان من صنع دوائره. ما فعله سعاده وعجل في عملية الاطاحة به هو وعيه المبكر لما كان يحاك من وعد بلفور مروراً بسايكس بيكو وصولاً للنكبة التي كانت بداية لعملية التهويد على ان تطال لاحقا كل مساحة الامة،وكما نسمع اليوم البعض من اصحاب العقول الضيقة حول ما لنا ولغزة سمع هو ايضاً في حينه ما لنا ولفلسطين،وقال عام 38 “ان خطر اليهود لا ينحصر في فلسطين بل يتناول لبنان والشام والعراق ،وهم لن يكتفوا بها فوحدها لا تكفي لإسكان ملايين اليهود” ثم عام 47 اي قبل النكبة بسنة يقول “لعلكم ستسمعون من سيقول لكم ان إنقاذ فلسطين أمز لا دخل للبنان فيه ،ان إنقاذ فلسطين امر لبناني في الصميم كما هو أمز فلسطيني في الصميم وشامي في الصميم “.
ان ما فعله اراخنة ذاك الزمن بقتلهم لسعادة، لا يعتبر جزيمة بحقه شخصيا او بحق عائلته وحزبه فقط انما بحق كل الامة. فما أراده من خلال إنشاءه لحزبه ليس للعب دور سياسي واكتفاء بمقعد حكومي او نيابي بل لجعل الشعب يعي اهمية ما يحاك ضده من مؤامرات وعلى رأسها الخطر الصهيوني وما جرى طيلة تلك السنوات لأسطع برهان على ما حذر منه وما يجري اليوم من شراسة لتلك الهجمة والتصدي الفذ والفدائي من قبل المقاومة لأكبر برهان على ما راهن عليه بقوله ان إنقاذ فلسطين امر لبناني وفلسطيني وشامي.
في ذكرى الجريمة التي حصلت بحقه من خلال إعدامه بمحاكمة صورية تذكرنا بما يفعله الصهاينة اليوم بحق اهلنا في فلسطين من عزل وأطفال وشيوخ، والجاني واحد والشهيد واحد .