بيان عمدة الإذاعة بذكرى الفداء، الدماء نفسها ما زالت تغيّر وجه التّاريخ

أيها السائرون على درب تمّوز

يا جبابرة الأمة وأبطالها… يا مَن كرّستم أكتافكم وسواعدكم لانتصار الأمة ومجدها…

أيها القوميون الاجتماعيون…

إنّه يوم الفداء يعاود حضوره على وقع المعارك التي تخوضها المقاومة مستعيدة كرامة أمّتنا، على طريق استعادة أرضنا في الجنوب، وجنوب الجنوب.

إنّه اليوم الذي يستمرّ تأثيره في حاضرنا، وسوف يستمرّ فعله حاضراً في مستقبلنا القريب والبعيد، لأنّه الثّامن من تمّوز الذي سقت فيه دماء  زعيمنا الفادي تراب الوطن، مع مَن لحقه من شهداء الثّورة السّوريّة القوميّة الاجتماعيّة الأولى، فكان قدوةً لكلّ قوميّ اجتماعيّ منّا آمن بنهجه ومنهجه، وكان إشعاعاً يضيء أمامنا درب الانتصار…

هو الثّامن من تمّوز الذي علّمنا أن نعرف بوصلة الصّراع، وأن نسير باتّجاهها دون أن يعيقنا عائق، أو أن يلهينا جدال عابر؛ لأنّنا أدركنا أنّ أقرب الطّرق إلى تحقيق نهضتنا، كلّ نهضتنا، هو العمل الجدّيّ على أرض الواقع، وفي جبهات المواجهة كافّة، بتخطيط واعٍ، بعيداً عن التّشتّت والضياع؛ لأنّ دماء تمّوز، والدّماء التي سبقته، والدّماء التي تبعته واتّبعته، في فلسطين وفي بقاع أخرى من الوطن، تبقى أمانةً في أعناقنا، كما المبادئ التي اتخذناها  إيماناً لنا ولعائلاتنا، وشعاراً لبيوتنا، وطريقاً لحياتنا…

يا أبناء الحياة…

أمّتنا اليوم تمرّ بمرحلةٍ أكثر حرجاً في تاريخها، فالخطر الفئويّ والقبليّ والطّائفيّ والمذهبيّ ما زال يعمل على هدم مجتمعنا في العراق والشام ولبنان، والنزعات الكيانيّة ما زالت تتغذّى بأبشع صورها تحت عناوين النزوح والسّيادة والاقتصاد والحدود… كما أنّ المخاطر الخارجيّة والمخطّطات المتنوّعة البعيدة منها والقريبة، مستمرّة في تنفيذ خطواتها ضدّ بلادنا وعلى حسابها، في مختلف الكيانات… إضافةً إلى أنّ اقتصادنا القوميّ مرهون بالخارج، ومواردنا القوميّة في أيدي الخارج، وسياستنا لم تستقلّ لتتحوّل إلى سياسة قوميّة تؤمن بوحدة المصالح، ووحدة المصير، ووحدة العوامل النّفسيّة-المادّيّة…

لكنّ، في المقابل، تزهر الآلام والمعاناة كلّ يوم في بلادنا مقاومةً شرسةً متواصلةً ومتماسكةً تمكّنت من الوقوف ندّيًّا في وجه أعدائنا، ولا تزال، مع التّضحيات المبذولة كلّها، تتطور جهوزيّةً وتسليحاً وعلميًّا؛ والعالم أجمع يشهد الآن على قوّتها وعظمتها ومصداقيّتها…

أيّها القوميّون الاجتماعيّون،

إنّكم تجسّدون اليوم إرادة الأمّة، بحضوركم المقاوِم، وبثباتكم على نهج الصراع، وبتأكيدكم على أنّكم أبناءٌ حقيقيّون للحياة، وتقديمكم للشهيد وسام سليم ولثلّة من الجرحى في هذه المعركة؛ وأنتم تدركون تمام الإدراك الدور الخطير الملقى على عاتقكم، بإيمانكم بنهضتكم ومبادئكم، خصوصاً في الوفاء لدماء تمّوز من أجل تأمين كلّ ما تتطلّبه المعركة التي نخوضها.

أمّا أنتم أيّها التموزيّون المقاومون، فعلى أكفّكم تقع آمالنا، وبتضحياتكم يتمثّل شرف الأمة، وفي نبضاتكم وعزيمتكم نرى النصر الآتي…

عمدة الإذاعة

العميد لؤي زيتوني 2024