على ابواب العقد الثامن من عمر جامعة الدول العربية والتي انشئت بقرار بريطاني لتحول دون اي شكل من اشكال الوحدة او التعاون الحقيقي بين اعضائها الامر الذي اثبتته الايام فلم يكن للنظام العربي اي فاعلية ولم يقدم ما يفيد لهذا العالم العربي سوى الكلام والبيانات النمطية المكررة ولكنه في العقود الثلاثة الأخيرة ازدادت وتيرة التراجع واخذت مهمته الحقيقية تتضح بجلاء عندما تامر هذا النظام العربي على العراق ثم في عهد الربيع الزائف اخذ يبذل المال والسلاح والاعلام لتدمير سوريا وليبيا ولتقسيم السودان وفي الحرب على اليمن فيما لم يقدم شيئا لفلسطين الا دعم القيادة الرسمية المتنفذة التي تناهت مع هذا النظام واصبحت جزءا لا يتجزأ منه.
في حرب تشرين الثانية طوفان الاقصى وفطيرة الشهور التسعة الماضية وصل الموقف السلبي للنظام العربي حدا لا يخرجه عن الدين وعن الحس القومي فحسب وانما عن انسانيته وعن نظام الاخلاق الذي يتعامل به بني الانسان فقد دعم الاحتلال بالمشاركة بالحصار وبتوفير السلع وقوافل تجاره الخضار والمواد الغذائية وبالتصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، وغير ما يتم من اتصالات اصبحت معروفه وتستعجل دولة الاحتلال في وجوب سحق المقاومة وذلك دون النظر الى اي مصلحة مرسلة او مبرر منطقي وصولا الى نتيجة مفادها ان على اسرائيل ان تقضي لا على المقاومة فقط وانما باعتبارها الخطوة الضرورية للقضاء على شعب فلسطين ومسالة فلسطين وارض فلسطين مرة واحدة وللابد.
في مقابل النظام العربي الرسمي نجد محور المقاومة ومشروع وحدة الساحات الذي جاء نقيضا للمشروع الرسمي العربي ان في مضامينه او في ثباته والتزامه بالدفاع عن قضايا الامه وقضايا العدالة وقضية فلسطين هذا ما نراه في البحر الاحمر بالتدخل الاستراتيجي لأنصار الله الحوثيين الزيديين وللحشد الشعبي العراقي لحزب الله اللبناني ولإيران قائدة هذا المحور.
الصمود في غزة كان له عوامله الداخلية من حكمة القيادة وحسن تخطيطها وتدريبها وقدرتها على التمويه الا ان ذلك كله لم يكن ممكنا لولا الدعم القوي من كافة القوى السابق ذكرها في مرحلة الاستعداد الطويل للسابع من تشرين أو في اثناء الحرب ،والذي أكد مصداقية وحدة الساحات و المحور الذي رفع شعارها مقابل تهافت معاهدة الدفاع العربي المشترك و المحور المشارك بها حيث اقتصر دفاعها العربي المشترك على تحطيم العراق و تفتيت سوريا و التآمر على فلسطين والقائمة تطول، الامر الذي اعاد التأكيد للمقاومين في غزة و قيادة حركة حماس الميدانية التي تقود المواجهة على ان الالتزام بهذا المحور قد اثبت نجاعته وصدق وعده بخلاف ما كان قد تبدى للقيادة في الخارج في مطلع الازمة السورية، و المشاركة في قربة النفخ في الخلاف السني الشيعي والتي استثمر بها الغرب و النظام العربي المتهالك مليارات الدولارات..
وبما ان السياسة تتسم بالحركة و التحولات الا ان السياسي و ان كان ملتزما بالنهج القومي لا بد له ان يرى ان احد اهم نتائج حرب تشرين الثانية هي في خفوت نار الخلاف الشيعي السني على قاعدة المقاومة،
وتقدير جمهور السنة على المستوى الشعبي للدور المقاوم للحلف، هذا ما عاد يؤرق النظام العربي الذي قام بإرسال مأجوريه من جديد للبنان حاملين مشاريع اثارة الفتنة من جديد حاملين الشعار البليغ الفصيح القائل: (لا عودة الى الامام)!
مما لا شك فيه ان المشروع المقاوم قد أصبح اقوى من أي وقت مضى، يملك الفرص، ولكنه قد يتعرض للمخاطر الامر الذي يستدعى الحذر و تطوير الوعي الشعبي و القيادي.
سعادة مصطفى ارشيد
جنين- فلسطين المحتلة