جماعية القيادة والتزام الأقليةّ بالخضوع الى قرار الاكثرية والاكثرية باحترام أراء الأقلية:
نصّت المادة العاشرة من دستور الحزب ان «للحزب السوري القومي الاجتماعي مجلس أعلى يجتمع بناء على دعوة من الزعيم لإبداء الرأي وإعطاء المشورة …».
يتضّح من نص هذه المادة ان دور المجلس الأعلى هو استشاري والسبب في ذلك ان امتياز الحكم الفردي هو للزعيم وهو مصدر السلطات في الحزب وهو الذي يتولىّ القيادة الفعلية. عند سفر الزعيم في عام1937 الى المغتربات والى حين عودته عام 1947، فوّض كامل صلاحياته الى المجلس الأعلى، وكان المجلس الأعلى هو المرجع الثاني بعد الزعيم. وهذا ما يؤكّده سعادة بقوله «بحيث لا يكون لأية عمدة من العمدات حرص مستفل على مصلحة الامة غير مندمج في حرص المرجع الاخير للمنظمة مهما كان شكل هذا المرجع الزعيم او المجلس الأعلى (سعادة شروح في العقيدة 66 و 67 )
يؤكّد سعادة ان المرجع الثاني بعده هو المجلس الاعلى، وهو قيادة جماعية وتتخذ فيه القرارات بالأكثرية والأقلية تخضع لقرار الاكثرية. وهذا تطبيق للأسس الديمقراطية في التنظيمات المركزية الديمقراطية.
ان تفويض الزعيم صلاحياته الى المجلس الاعلى هو تطبيق للمركزية في الحزب حيث يحق للمرجع الاعلى وهنا الزعيم ان يفوّض كل او بعض صلاحياته الى مرجع أدنى وان يستردها او يعد لها او يبطلها عند ما يشاء ويرغب. وان تفويض الصلاحية لا يعني تفويض السلطة في المركزية التسلسلية، فالزعيم فوّض صلاحياته وبقي وهو في المغتربات المرجع الاعلى وصاحب السلطة العليا في الحزب فيوجّه الحزب ويتخذ القرارات في كافة الامور التشريعية والتنفيذية والاعلامية والقضائية والامنية …. الخ ويوجّه كافة المراجع الدنيا مهما ابتعدت او اقتربت بدءاً من المجلس الأعلى الى مجلس العمد الى الرفقاء وكافة الأعضاء.
ان المجلس الاعلى في الفترة التي كان مفوّضا خلالها من الزعيم، قيادة الحزب كان يمارس صلاحياته كاملة وكانت قراراته ملزمة، وكان يعين العمد ووكلاء العمد وهيئات العمدات والمنفذين العامين. وكان رئيس الحزب هو رئيس المجلس الأعلى الأمين نعمة تابت، وتأكيداً لذلك نورد قرارات المجلس الاعلى كما دونت في النشرة الحزبية التي كانت تصدرها عمدة الاذاعة وقد ورد في العدد رقم4 تاريخ 10 كانون الاول عام 1944صفحة 18 ما يلي:
قرارات المجلس الأعلى:
قبلت استقالة عميد المالية وعينّ عميداً للرياضة
أقيل وكيل عميد المالية وعينّ عميداً للمالية
شغلت لأول مرة عمدة الثقافة والفنون الجميلة
كما ورد في نشرة عمدة الإذاعة تاريخ أول اكتوبر 1944 ما يلي:
قرارات المجلس الأعلى
أديب قدورة منفذاً عاماً لمنفذية بيروت
مسعد حجل منفذاً عاماً لمنفذية المتن العامة
خليل حلاوي منفذاً عاماً لمنفذية صور
غسان تويني منفذاً عاماً لمنفذية الطلبة العامة
شوقي غنطوس منفذاً عاماً لمنفذية الكورة العامة
نقولا خوري منفذاً عاماً لمنفذية القويطع
حكمت شرارة منفذاً عاماً لمنفذية البقاع الجنوبي العامة
ان المواد 8 و9 و10 من الدستور تؤكّد على الديمقراطية بمفهومها المركزي في دستور سعادة وان تفويض الزعيم صلاحياته الى المجلس الاعلى هو تأكيد للمركزية التسلسلية وعمل بأصولها وقوانينها.
- انتخاب القيادة من القاعدة
من الشروط الاساسية لا بل الشرط الاهم لتوفر الديمقراطية في التنظيمات المركزية الديمقراطية هو انتخاب القيادة من القاعدة وان الزعيم رسم هذا الاتجاه الديمقراطي بكل وضوح في مرسوم الطوارئ وفي المرسوم عدد أربعة المتعلقّ بمؤسسة لجان المديريات ومجالس المنفذيات طبقاً لما يلي:
مرسوم الطوارئ
لقد نصّ مرسوم الطوارئ الذي وضعه الزعيم في 20 يوليو 1936 في المادة الاولى انه «في حالة اعتقال الزعيم وهيئة الادارة العليا يعلن الاضراب العام والعصيان المدني في جميع انحاء الجمهورية اللبنانية».
كما ورد في المادة الثانية ما يلي: ينعقد مجلس المندوبين عن جميع مناطق الحزب (عن المنفذيات والمديريات المستقلةّ) لبحث التدابير والاجراءات الضرورية بصورة ايجابية فقط وانتخاب هيئة إدارية جديدة كما ورد في المادة الثالثة «كلما اعتقلت هيئة إدارية ينعقد مجلس المندوبين لاختيار هيئة إدارية تحل محلها».
واضح من مرسوم الطوارئ انه عند اعتقال الزعيم والهيئة الادارية العليا وبصورة اولى عندما يحول اي مانع دون ممارسة الزعيم صلاحياته يجتمع مجلس المندوبين وينتخب هيئة ادارية جديدة. اي ينتخب قيادة جديدة للحزب، وهكذا يعيد الزعيم الحق الى القوميين في انتخاب قيادتهم بملء ارادتهم وفي هذا تطبيق سليم وصحيح للديمقراطية في النظام المركزي الديمقراطي الذي اخذ به الزعيم في دستور الحزب.
مرسوم عدد 4 (مجلس المندوبين)
لقد وضع الزعيم سعادة المرسوم الدستوري عدد اربعة ليكون هو مرسوم انتخاب القيادة من قبل القاعدة بحيث ان لجان المديريات المنتخبة من الاعضاء في الحي والقرية، تنتخب مندوبيها الى مجلس المنفذية (المنفذية هي الوحدة الحزبية على مستوى منطقة إدارية) وان مندوبي مجالس المنفذيات بالإضافة الى المنتخبين من المديريات المستقلةّ يشكلوّن مجلس المندوبين الذي بدوره ينتخب المجلس الأعلى. لقد اعطى الزعيم طيلة فترة ممارسته للحكم الفردي في الحزب للجان المديريات ومجالس المنفذيات دوراً استشارياً ولكن من بعده وتطبيقاً للديمقراطية المركزية فهذه اللجان والمجالس المنتخبة تجتمع في مجلس المندوبين وتنتخب القيادة، ما يؤكّد ذلك ان الزعيم وضع شروطاً صعبة لحل مجلس المنفذية كي لا تتحكم القيادة في إرادة الأعضاء وتحل عند حصول الانتخابات من لا يتوافق معها بحيث ورد في المادة الرابعة عشر من المرسوم عدد اربعة الصادر عام 1934 بأنه « يحق لمجلس العمد ان يتخذ قراراً بحل مجلس المنفذية بناء على اقتراح معلل من المنفذ العام مبني على قرار مجلس المديرين ومطالعة عمدة الداخلية .»
ان حل مجلس المنفذية لا يقتصر على ارادة مجلس العمد، بل ايضاً يتطلبّ موافقة مجلس المديرين الذي يعكس وجهة نظر أعضاء المديريات.
ان مرسوم الطوارئ والمرسوم عدد اربعة يؤكدّان بكل صراحة ووضوح حق القاعدة في انتخاب القيادة، ويثبتان ان الزعيم أرسى دستور الحزب على أساس نظرية المركزية الديمقراطية، وقد عزّز الديمقراطية على حساب المركزية من بعده بشكل مطلق بحيث اعاد الى الاعضاء المنتمين الى الحزب الحرية الكاملة في انتخاب قيادتهم دون اية عوائق او ضغوط او تأثيرات.
. . . يتبع . . .