دون اعلان مسبق أعلن البيت الابيض عصر الثلاثاء ان الرئيس بايدن سيلقي خطابا هاما يتعلق بالحرب الدائرة في غزة وهو ما قد حصل، اذ قدم خطة خارطة طريق جديده لإنهاء الحرب وهي كما قال خطة او مقترح (اسرائيلي) ولكنه لا يعبر عن رأي رئيس الحكومة نتنياهو وانما عن توجهات (إسرائيلية) لوزراء وسياسيين (اسرائيليين) مرشحين من قبل أداره بايدن للحلول مكان بنيامين نتنياهو.
يقول بايدن انه قد آن الاوان ليعود الاسرى (الاسرائيليين) الى بيوتهم واسرهم وانه آن الاوان لتنتهي الحرب وان يبدا اليوم الثاني بإعادة الاعمار واعاده بناء القطاع عمرانيا وسياسيا وامنيا من جديد، وقد تضمن المقترح ثلاثة مراحل تبدا الاولى بوقف الاعمال القتالية لستة اسابيع وخروج الجيش الاسرائيلي من المناطق المأهولة وعودة النازحين الى جميع ارجاء القطاع بما في ذلك شماله وتبادل الاسرى المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية، اما المرحلة الثانية فهي تتضمن تبادل كل الاسرى الاحياء بمن فيهم الجنود واطلاق سراح بضع مئات من الاسرى الفلسطينيين و المرحلة الثالثة هي اعادة اعمار غزة دون تفاصيل.
تمثل هذه المبادرة اعادة تدوير للمشاريع السابقة (الاسرائيلية) و الامريكية و المصرية- القطرية، ولكن طرحه في هذا الوقت يخدم مجموعه من المسائل عند الرئيس الامريكي وادارته الديمقراطية الاولى هي في تعزيز فرص بايدن الانتخابية خاصة انه لم يعد يفصلنا عن تشرين الثاني موعد الانتخابات الرئاسية الا بضعة اشهر وهو يرى ان فرصه الضعيفة في الفوز قد تتعزز لا بسبب سياساته بقدر ما هي بسبب مشاكل خصمه الجمهوري القضائية و الفضائحية، وهو بطرحه لهذه المبادرة يريد ان يحقق نقطة مقابل ترامب ويريد ان يبقى داعما (لإسرائيل) وان يحصل على اصوات المترددين في الولايات المتأرجحة في حسم موقفها، و المسالة الثانية هي في الخلاص من الحكومة (الإسرائيلية) الحالية ورموزها المتحالفين مع الحزب الجمهوري لصالح من هم اكثر انسجاما مع الإدارة الديمقراطية خاصة وان نتنياهو يلعب ذات اللعبة ويحاول تقطيع الوقت املا في وصول ترامب من جديد للبيت الابيض، و المسالة الثالثة ان ادارة بايدن ترى في هذا الطرح و قبوله المبدئي ما يساعد في اعادة دوران عجلة التطبيع المتوقفة مؤقتا بسبب الحرب، و هو ما تستعجله السعودية ايضا لإعادة ترتيب المنطقة و التفرغ لمن تراهم اعدائها و اعداء الولايات المتحدة.
في المشروع المطروح ثمة فراغات يبدو انها تركت ليتم تعبئتها من قبل الاطراف اثناء التفاوض والحديث عن التفاصيل، وفور القاء الخطاب اعلنت الدول الغربية وتلك المتحالفة معها و الدائرة في محورها تأييدها ودعمها للخطة فلا يوجد في دكاكين السياسة غيرها، وفي حين جاء كلام الحكومة (الإسرائيلية) متصفا بالعمومية دون الدخول في التفاصيل و تتضن تاييدا ملغوما للخطة ثم ترافق مع تصريحات رئيس الحكومة التي اكد بها ان شروطه لوقف الحرب لم تتغير وانها تبدا من تدمير المقاومة و تحرير الاسرى بالقوة و اعادة تشكيل غزة بشريا و امنيا بما يكفل عدم تكرار ما حدث صبيحة السابع من تشرين اول الماضي، الا انه ترافق مع تصعيد عسكري على جبهات غزة والضفة الغربية ولبنان، اما المقاومة فقد مارست حنكتها وطريقتها بالقول نعم ولكن وهي بذلك تحول دون دخول الكرة في ملعبها لا بل تتلقفها وتعيد رميها من جديد.
تفيد بعض التسريبات الدبلوماسية ان الإدارة الأمريكية قد ادركت انه لا مجال الا التعاطي المباشر مع المقاومة و خاصة حركة حماس، وهي تفضل بالطبع التعاطي مع من تفترض انهم الاكثر اعتدالا و حمائمية في قيادتها، لذلك تم الطلب من القطريين ترتيب لقائهم ،ويجمع ما بين مدير وكاله المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز بقادة من حركة حماس من اولئك المقيمين في قطر بشكل مباشر، ولعل ذلك ادراكا من بيرنز وادارته ان الوسطاء لم يعودوا محل ثقة لدى المقاومة وان بعضهم يحاول التذاكي باستغلال وساطته لتحقيق مكاسب وارباح وان طالت الحرب، وان اطالة امد الحرب يعطيهم هوامش لاستغلال ورقة غزة بما يعزز من استمرار الحاجة لبقائهم.
طرح بايدن لهذه المبادرة ان صح القول انها ذات منشأ (اسرائيلي) مع بعض الحذف والإضافة من قبل الإدارة الأمريكية قد جاء لأنه لا يوجد في تل ابيب زعيم او قائد يستطيع طرحها دون ان يخسر وسط جمهور مجمع على الحرب وان اختلف احيانا على تفصيلاتها واولوياتها.
هل تمثل المبادرة فرصة لإنهاء الحرب؟ هذا ما لا زال بعيدا.
جنين- فلسطين المحتلة