ذات صباح.. ذات كمال.. ذات وطن..

إلى كمال…
ذات صباح…
ذات كمال…
ذات وطن…
الأطفال شظايا
الأصوات شظايا
والأحلام رايات
على حبل المشنقة
هيا أخرج من الغياب
إنزع الكفن
جسدك الرمح
وعلى جبهتك إكتمل القمر
إنزع الوقت المتراكم
فوق مسامك
لتسرح يداك
عميقاً في الأرض
هكذا تجمّع الزمن في الحفرة
هكذا انفتحت الحفرة وطناً…
2
ذات صباح…
ذات كمال…
ذات وطن…
وجهك إستحالة الغياب
واقف كحضور الألم
مستمرّ في السحر
في الظهيرة
في الغسق
إسمك الإعصار
وانفجار الخريطة…
إسمك الحلم
واغتيال اللحظة…
راحل في غيابك
راحل في أفق الهزيمة
والفرح المثقوب
ماض في مدينة الوجع
في تورّم الساعات
حتى الانفجار
النهار دمعة مذعورة
الطرقات ندى
العيون ندى
الطوفات أبحر في الوجوه
الليل وقع كالنمش
على الأجساد
3
ذات صباح…
ذات كمال…
ذات وطن…
الحروف تورّمت
في شرايين الجدران
هكذا سقط الشعر
عند الساعة الثالثة
بعد الظهر…
4
ذات صباح…
ذات كمال…
ذات وطن…
يستفيق وجهك
مع عودة النورس
أيها الحزن المنصوب
بين عتبة الوطن والحلم
إنهمرْ…
5
يا عسل الورد المقطوف
من قفير الألم والرؤيا
هوذا جسدك يمتدّ…
يفيض…
سأنثرك في تجاعيد الأرض
وتجمعك القصيدة
5
ذات صباح…
ذات كمال…
ذات وطن…
رأيتهم يبحثون عنك
ينقّبون أجنحة العصافير
وتشرُد…
يلملمونك من شوارع الخيبة
بين العبث والموت
وتهرب…
يقبضون على بسمة
نسيتها
على قصاصة ورق.
إني أرى مظاهرة قصائد
تخترق الشوارع
الليل يقف لها بالمرصاد
غصّت المدينة
كل شارع ديوان
إنها عبوة الخلق
إنها ثانية الاحتراق
ها قد فتح الليل النار
6
ذات مساء…
ذات كمال…
ذات وطن…
وضعت ثلاث نقاط
رحلت…
مغارة الحلم (1985)

المطر الحزين
أتاني المطر حزيناً هذا المساء،
كعادته.
وفي حقيبته،
كل أحجام الخراب، وجوازات الفصول الأربعة.
إلى بلد الغياب.
أتاني المطر حزيناً،
كعادته،
بعد زيارته
لأبواب المدينة، وفي يديه أقنعة الوجود،
وبلاد نسيت أن تبقى
وحيدة،
تحت مشنقة القصيدة.
هكذا دقّ الباب،
وعرف كيف يسرق من عينيّ
سرّ الجواب…
حروف على ورق النورس (1982)

مخول قاصوف (1946-2014)
ولد في بلدة الخنشارة في المتن الشمالي، ملحن وعازف الغيتار وشاعر، يمكن اعتباره رائد الأغنية الملتزمة والمقاوِمة في لبنان، تأثر في شبابه  بنمط الفن الأميركي في ستينيات القرن الماضي، فشارك في تأسيس فرقة موسيقية في عام 1963 أطلق عليها اسم Animals ، وكانت تؤدي أغاني فرقتي Devils وBeatles.
جمع إلى مهنته في طب الأسنان عشق الأدب والموسيقى والرسم فبرع في الإبداع في مختلف الميادين. ارتبطت عنده الكلمة باللحن، وكان أول من غنى الأغنية السياسية الملتزمة. نالت أغنيته الأولى “في خيامنا أطفال” (1969) شهرة واسعة.
صدرت له مجموعتان شعريتان بعنوان “حروف على ورق النورس” (1982) و”مغارة الحلم” (1985)، وشريط يحمل عنوان “بواب الفرح” (1986)، ثم أصدر ألبوماً بعنوان “مثقفون نون” (1996). لحّن وغنى كلماته، ولكنه غنى أيضاً قصائد لشعراء آخرين أمثال كمال خير بك وطلال حيدر (بدوية).
شغل بين 1970 و1982 منصب وكيل عميد الثقافة، كما نشط في الندوة الثقافية.
كتب عنه المفكر نصري الصايغ: ” طالباً كان في كلية الطب في الجامعة اليسوعية، عندما أعلن «العصيان» الفني والسياسي. خلع الموسيقى من طوباويتها وأعطاها جسداً آخر جديداً، بنص شعري ملتزم، وتغيب عنه المباشرة والخطابية، ويميد معنى وثورة وغضبا. قيل عنه في صحافة ذلك الزمن، انه وضع المدماك الأول للأغنية السياسية الوطنية. وهي في العمق، لم تكن كذلك إلا من جهة التصنيف، فيما هي في الأساس، تنخرط في حملة عصيان كامل، على اللحن السائد والكلمة السائدة والجمهور السائد.”