الصراع وعناصره

تؤكد الاحداث والاخبار على حدا سواء ان حرب تشرين الثانية (طوفان الاقصى) هي حرب إقليمية وعالمية سواء بقي ميدانها محصورا في الاشتباك الدائر بين غزة ودوله الاحتلال او ان انتقل الى اماكن اخرى في الاقليم.
تشارك الولايات المتحدة والغرب وبعض الدول العربية في هذه الحرب الى جانب دولة الاحتلال وكل منهم يقوم بدوره ووظيفته ومساهمته في هذه الحرب، الولايات المتحدة تقوم بدورها من خلال دعمها المطلق لدولة الاحتلال في السلاح والسياسة والدبلوماسية وصولا الى مشاركة ضباطها وادارتهم للعمليات العسكرية فيما باقي الغرب بين مشارك على ذات الطريقة وبين داعم اقل ظهورا في الاعلام ولكنه يعبر عن الفكرة الغربية الأساسية في الثقافة و السياسة، و بان دوله الاحتلال هي امتداد لهذا الغرب، اما الشريك العربي فيمارس دوره ووظيفته من خلال الحصار وتجويع اهل غزه والضغط على المقاومة في سبيل ان تقبل بمطالب (الاسرائيليين)، واولها اطلاق سراح الاسرى الذين تحتجزهم منذ السابع من تشرين اول الماضي، ثم في تحميل المقاومة الوزر و المسؤولية عن الجرائم التي ترتكبها (اسرائيل) ضد المدنيين وإبراء ذمه الاحتلال من هذه الجرائم.
في مقابل ذلك دعمت ايران ولا زالت المقاومة بالتسليح والتدريب والسلاح والمال وفي فتح افاق علاقات لها مع المقاومات التي تدعمها و تشكل معها محورا مقاوما، من الحليف اليمني الذي قدم مشاركة من العيار الثقيل في البحر الاحمر ارعبت لا اسرائيل فحسب وانما العالم الغربي بأكمله و جوارها العربي الشريك مع ذلك الغرب، والمقاومة العراقية برغم وتركيزها على التواجد الامريكي في العراق وشرق الفرات السوري، ثم المقاومة اللبنانية التي تشاغل جزء وازن من جيش الاحتلال وتضرب مواقعه في الشمال وتتحمل ضرباته بصبر، عدا انها هجرت ما يقارب من نصف مليون مستوطن من الجليل يبدو ان قسما كبيرا منهم لن يعود ابدا. تشارك في الحرب الى جانب المقاومة دول اخرى عبر العالم امتلكت الإرادة لتحدي الولايات المتحدة والغرب وعلى راس هذه الدول البرازيل والارجنتين التي تشاغل دولة الاحتلال في امريكا اللاتينية وفي منظمات الامم المتحدة، ودولة جنوب افريقيا من خلال الدعوى التي رفعتها لدى محكمه العدل الدولية في لاهاي ضد دوله الاحتلال تتهمها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.
تشارك الجماهير في هذه الدعم للمقاومة، في الاردن وسوريا ولبنان والعراق كما في مصر والعالم اجمع، ومن اللافت حجم المظاهرات في الاردن المجاور لفلسطين المحتلة والتي تطالب جماهيره الحكومة بطرد السفارة (الاسرائيلية) ووقف تصدير البضائع الى دولة الاحتلال وهي مظاهرات وضعت الدولة في موقف بالغ الحرج بين التزاماتها تجاه الولايات المتحدة والاتفاقيات المائية وتلك المتعلقة بالطاقة مع دولة الاحتلال وبين توجهات شعبها وضرورات سيادتها واستقلالها الذي انتقصت منه تلك الاتفاقيات.
هذا ما يمكن ملاحظته ايضا من خلال اخبار الاسبوع الماضي فمن الجانب المعادي اذ يفترض ان يجتمع اليوم الاثنين في واشنطن عسكريون(اسرائيليون) مع نظرائهم الامريكان لبحث تفاصيل معركه رفح ووضع الخطط من اجلها بعد ان عاد الامريكان عن موقفهم الرافض لهذه المعركة و هو الموقف الذي سبق ان تحدثت عنه بشكل مباشر نائبة الرئيس الامريكي وكبار المسؤولين في واشنطن، ولكن اليوم الامريكي هو من بدل موقفه ويبدو انه هو من سيدير المعركة بوجود مباشر لضباطه وعساكره فيما يناقش قادة الامن الاسرائيلي في مصر موضوع الاسرى في ضوء هذا التهديد.
بالمقابل لا تبدي المقاومة ضعفا او خوفا من معركة رفح مع ادراكها لحجمها وفداحتها وقسوتها، فالمقاومة لا زالت تقارع الاحتلال في كل سنتيمتر من ارض غزة، فيما تفيد اخبار الضفة الغربية و القدس عن ارتفاع مستوى المواجهات و عمليات المقاومة على ارضها، وكان الحدث الاهم هو في زيارة طويلة لرئيسي المكتب السياسي لكل من حماس والجهاد الاسلامي لطهران ومع ان المعلومات والتفاصيل عن تلك الزيارة لا تزال محدودة وفي نطاق البيانات العامة الا ان طبيعة الجولة التي قاما بها والزيارات التي شملت كل اطياف الدولة في طهران تفيد بانها زياره ناجحة وانهما سمعا ما يعزز من موقفهما ويصلب من ارادتهما.
من يتابع تفاصيل الحرب بدقة يستطيع ان يؤكد ان الطريق نحو نهايتها لا زالت بعيدة، فالولايات المتحدة و الرئيس بايدن يعتبرونها حربهم بالدرجة الاولى و لدرجة نكاد ان نقول معها ان بايدن يعطي الاولوية لانتصار اسرائيل على اولوية فوزه في السباق الانتخابي الرئاسي، بالمقابل تتعاطى اطراف محور المقاومة مع الحرب ايضا على انها حربها التي تريد خوضها حتى النهاية، انها حرب يخوضها فريق يملك كل عناصر القوة المادية من عدد و سلاح و اقتصاد مقابل فريق لا يملك الا القليل من تلك العناصر المادية و لكن كثير من عناصر القوة المعنوية و ارادة الانتصار

جنين- فلسطين المحتلة