تنشر مجلة صباح الخير/البناء على حلقات من مذكرات الأمين الراحل صالح سوداح، كيف تعرف على الحزب السوري القومي الاجتماعي بعد رحلة الشتات التي عاشها من ترشيحا في فلسطين
المحتلة الى بنت جبيل وصور في جنوب لبنان ثم الى مخيمات اللجوء في مدينة حلب ثم بيروت حيث تلقى
خبر اعدام زعيم الحزب أنطون سعادة عام 94 .
ترشيحا 1946
بقلم صالح سوداح (الحلقة الأولى)
كنت في الصف السابع الابتدائي، أعلى صفوف مدرسة القرية وأتطلع إلى العام الدراسي المقبل والانتقال في مطلعه إلى المدينة. أي مدينة؟ لم يكن الأمر واضحاً بعد وان كانت آراء العارفين ترجح عكا، وقيل يومئذ أن مدرسة عكا ستصبح ثانوية كاملة
ذات يوم وأنا عائد إلى البيت، سرت في أثر مدير المدرسة وابن أخيه العائد من المدينة ليقضي إجازة الربيع. كانا يتحدثان في السياسة وحديث السياسة يشوقني ويشد انتباهي منذ تلك الأيام، سمعت ابن الأخ يقول:
أشد الأحزاب هدماً وتخريباً هو الحزب السوري القومي الذي يتزعمه أنطون سعادة فرد المدير: وهل تغرنا إذن كلمة قومي
رسخ هذا المقطع من الحوار في ذهني لأني كنت أسمع بالحزب السوري القومي الاجتماعي لأول مرة ولم يطرأ لي في حين أنها ستكون بداية طريق طويل ومسيرة جاوزت ثلث القرن
لم أشارك يومها في الحديث فوجود المدير واشتراكه يمنعاني من ذلك، ورغم أني لقيت ابن أخيه مراراً خلال تلك الإجازة لم أوجه إليه أي سؤال على الحزب او سواه، كما لم يحدثني في السياسة
يومها كنا نتابع أخبار السياسة وتحركات الساسة ففي القرية بعض أجهزة الراديو التي تيسر لنا أن ننصت إليها عن بعد، كما تصل إليها بعض الصحف التي تقع في إبدينا بعد أن يقرأها الكبار. نسمع عبر الأحزاب ولا نعرف ماذا تعني، المهم عندنا هو القضية ولا خلاف عليها، والحاج هو الزعيم غير المنازع، وليس في القرية من لا يحصنه التأييد.
الأساتذة يشوحون لنا بعض الأمور ويضمنون أحاديتهم توجيهات غير مباشرة شاء مدرس الدين أن يمتحن مدى اطلاعنا فأخد يوجه إلينا الأسئلة. أذكر أن سألني عن وزير خارجية مصر فعرفته وأجبت أنه أحمد خشية (باشا) فأعجب. حاولنا المشاركة في الإضرابات التي تعلن من وقت لآخر إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل، ففي كل مرة انطلقت فيها صرخاتنا معلنة الإضراب، خرج المدير وقرع الجرس بنفسه طالب إلينا الدخول، فندخل