سعادة الفيلسوف

بمناسبة الأول من نتحدث عن الزعيم أنطون سعادة صاحب الاتجاه القومي الاجتماعي ومؤسسه، وهنا لا بد ان نشير الى اراء خصومه قبل أصحابه، والباحثين الآخرين حول طابعه الفريد الذي ميزه عن غيره من المفكرين المعاصرين له واستدعى الاعتراف به فيلسوفاً
يقول مجيد خدوري، وهو من الباحثين المدققين والمحيطين بواقع العالم العربي القديم والمعاصر: “أظهر أنطون سعادة من البداية، خلاف معاصريه من الزعماء، إخلاصاً كاملاً لمهمته، فصرف كل وقته وطاقته في نشر مبادئه، دون أن يكترث لأي كسب أو امتياز شخصي، وتصور نفسه كالأنبياء الأولين، صاحب رسالة ألقي على عاتقه نشرها مهما كان الثمن، ولم تشهد سورية في تاريخها المعاصر قائداً تحلى بهذا القدر من الإيمان والحماسة وقوة الشخصية وسحرها”
ويعترف خصوم سعادة العقائديون بدوره الكبير الرائد في التنظيم الحزبي المبني على أساس عقائدي محدد، فيقول ساطع الحصري وهو من دعاة القومية العربية ومفكريها “لم يظهر في العالم العربي إلى الآن حزب يضاهي الحزب السوري القومي الاجتماعي في الاهتمام بالدعاية المنظمة التي تخاطب العقل والعاطفة معاً، وفي التنظيم الحزبي الذي يعمل بلا انقطاع في السر والعلن، وقد استطاع هذا الحزب بفضل تنظيماته، أن يوجد تيّاراً فكريّاً وسياسيّاً قويّاً جداً في سورية ولبنان.”
ويمكن أن نذكر ما قاله كمال يوسف الحاج وهو من دعاة القومية اللبنانية والطائفية: “أنطون سعادة فيلسوف قبل كل شيء وفوق كل شيء.. بفضله، ولأول مرة، تتفلسف الحزبية فتتحزب الفلسفة.”
لهذا نستطيع القول انطلاقاً من أن سعادة هو كالأنبياء الأولين، والذي يخاطب العقل برعايته، وهو الذي حزّب الفلسفة لتصبح فلسفته المدرحية هي اتجاه جديد بين اتجاهات الفكر الفلسفي، وهو الصواب كونه المخرج النظري في التفكير الإنساني.
المدرحية فلسفة النظام الجديد الذي أراد سعادة إقامته في الأمة السورية، وهي نظرية جديدة في الحياة والكون والفن، تهدف إلى توحيد سورية الطبيعية التي فرقها الاستعمار في معاهدة سايكس بيكو 1916 إلى دويلات عديدة، ولذلك جاءت المدرحية فلسفة خاصة بسوريا نظير الليبرالية الغربية في أوروبا، والبراغماتية في أميركا. والاشتراكية في الصين والتي انهارت قبلاً في الاتحاد السوفياتي.