الحزب أداة انتصار النهضة

الحزب أداة انتصار النهضة

منذ تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1932، يحتفل السوريون القوميون الاجتماعيون في الأول من آذار، ذكرى مولد باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية ومؤسس الحزب ليكون أداة انتصار مبادئها، وقيمها ونظرتها إلى الحياة والكون والفن.
وضع مبادئ النهضة وأسس الحزب ليجعل للأمة السورية مكانها اللائق بها تحت الشمس. ولمعالجة قضاياها ومسائلها التي كانت ولا تزال تعاني منها وتعطل مسيرة تقدمها (من تمزق وبلبلة وضياع وارتهان لإرادات أجنبية) مسكونة بنزاعات طائفية مذهبية عرقية وعشائرية.
عندما طرح سعادة مبادئ النهوض وضع منهج العمل للخروج بالأمة مما هي فيه وأوكل للحزب هذه المهمة الشاقة. واعداً القوميين الاجتماعيين بأزمنة مليئة بالصعاب. وأن الطريق طويلة وشاقة. والصراع سيكون مريراً. بين مبادئ الحياة المحيية التي توفر للأمة الحياة (بخيرها وحسنها وجمالها لتنعم الأمة بها وتشع على العالم حقاً وخيراً وجمالاً.
كان الزعيم يدرك تمام الإدراك طبيعة خصوم النهضة وأن الصراع معها ليس بالهين ممثلة (بالرجعية، والنيو رجعية، وأصحاب الثورية الناقصة) جاعلة من أولى أولوياتها تعطيل حركة تقدمنا في سعينا لبناء الإنسان الجديد والمجتمع الجديد لنصل إلى النظام الجديد القائم على أهداف (الحرية – الواجب – النظام – والقوة) فهذه القوى بانتصار مبادئنا يكون سقوطها مدوياً. وخروج الأمة من بلبلة العقائد إلى (عقيدة جلية صحيحة واضحة نشعر أنها تعبر عن جوهر نفسيتنا القومية الاجتماعية إلى نظرة جلية قوية إلى الحياة والعالم) (الآثار الكاملة جزء 15.)
لا يكفي أن تكون احتفالاتنا في الأول من آذار أو أية مناسبة أخرى مجرد مهرجانات ومقالات تتغنى بالزعيم وبعظيم تراثه وعطاءاته – هذا أقل الواجب – تكريماً لمعلم تفرد عن كل القيادات العاملة في مجال السياسة والفكر والأدب، زعيم نذر حياته من أجل فلاح قضية أمته وقدم نفسه قرباناً على مذبح عزها وانتصارها.
ونحن في سياق احتفال الأول من آذار وتكريمنا للمعلم الشهيد وردت على ذاكرتي قصة جرت مع حضرة الزعيم وهو في مغتربه القسري – وأعتذر عن نقلها من الذاكرة – أعد بعض رفقاء المغترب لقاء بين الزعيم وأحد المغتربين الأدباء المحسوبين على الوسط الثقافي في الجالية السورية في المهجر… دار الحوار بين الرجلين حول العقيدة القومية الاجتماعية (مبادئها، أهدافها، غايتها) استطرد الزعيم في الشرح والعرض مما أثار إعجاب الأديب بشخصية الزعيم وسعة ثقافته وفكره.
وفي لقاء الزعيم الدوري مع الرفقاء الذين حضروا الحوار بين الرجلين نقل الرفقاء للزعيم رأي ذلك الأديب المثقف بأن الزعيم رجل مثقف واسع المعرفة ومحدث لبق، فاستشاط غيظاً قائلاً: أضعت معه ساعتين لم يخرج منهما إلا أنني محدث لبق ومثقف واسع الاطلاع ولم يستوعب أنني أشرح له مبادئ النهوض بالأمة لتأخد لها مكاناً لائقاً بها بين الأمم.
عودنا سعادة في كل عام وفي الأول من آذار وفي كل مناسبة حزبية أن يقدم للقوميين الاجتماعيين والأمة هدية المناسبة، نجاحا وإنجازاً حققته النهضة ليعزز ثقة القوميين الاجتماعيين بأنفسهم وثقة الأمة بنهضتها، فهل نحن اليوم نسير على هدي المعلم ونقفز من انتصار لندعمه بانتصار جديد عاملين بقوله كلما بلغنا قمة تراءت لنا قمم.
هل نحن في هذه الأيام الصعبة من تاريخ أمتنا نتحمل المسؤولية التي ألقاها على كواهلنا عندما سيق إلى خشبة الاستشهاد (أنا أموت أما حزبي فباق…إن موتي شرط لانتصار قضيتي…وسيكون انتصار الحزب أعظم انتقام لموتي.)
يمر الشرق الأوسط في هذه الأيام في منعطف خطير ومخاض عسير تختلط فيه أوراق المنطقة ويُعمل على رسم خارطة سياسية اقتصادية أمنية جديدة تُحكم المنطقة بها لعقود طويلة.
محور هذه العملية، المسألة الفلسطينية. تقودها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون ويُعطى لدول الاقليم أدواراً، كل دولة حسب إمكانياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، في مقدمة هذه الدول (اسرائيل، إيران، المملكة العربية السعودية، مصر وقطر) وفي مكانٍ آخر تركيا.
في وقت نجد كيانات الأمة السورية العراق – الشام – الأردن ولبنان.. صاحبة المصلحة الحقيقية في العمل من أجل تقرير مصير المنطقة نأت بنفسها عن الانشغال الجاد بهموم المنطقة ومصيرها، إذا استثنينا بعض التحركات الميليشياوية في هذه الدول.
السبب في ذلك النأي يعود إلى أن هذه الكيانات تخلت عن مسؤولياتها من جهة وتردي أوضاعها الداخلية سياسياً واقتصادياً وأمنياً من جهة أخرى.
فهل نأي كيانات الأمة السورية الرسمية بنفسها عن الانخراط جدياً وعملياً بالمعركة المصيرية الوجودية الدائرة على أرضها يجعلها بمنأى عما يرسم ويخطط لها؟
فمن مسؤولياتنا نحن الحزب السوري القومي الاجتماعي أن نعمل ضمن استراتيجية واضحة ممنهجة لاستعادة المسألة الفلسطينية وسحبها من أسواق المزايدات والمساومات الاقليمية والدولية لتكون في عهدة الأمة السورية عامة، كما وجه الزعيم منذ النصف الأول من القرن الماضي حيث كان يرى أن استقلالنا ووجودنا وسيادتنا يبقى ناقصاً ومهدداً بخروج المسألة الفلسطينية مسألة سورية الجنوبية عن محورها الطبيعي متروكة للإرادات الأجنبية كي تقرر مصيرها.
فكان تأسيس الحزب في العام 1932 خطة نظامية لمعالجة مسائل متشعبة ومعقدة اعترت الأمة وفي مقدمتها المسألة الفلسطينية.
منذ ذلك التاريخ كان سعادة مدركاً أن المسألة الفلسطينية ليست مسألة دينية أو مذهبية، ليست مسألة تعم جماعة سورية دون أخرى حتى لو كان الحزب نفسه، ليست مسألة كيان سوري دون آخر وإنما هي مسألة قومية تهمّ السوريين عامةً، وعلى السوريون أن يتحملوا – في المقدمة – مسؤولية الدفاع عنها وتحريرها وهذا ما أكده في خطاب العودة عندما أعلن أن المسألة الفلسطينية مسألة شامية في الصميم، مسألة عراقية في الصميم، مسألة أردنية لبنانية في الصميم.
لم يكن هذا الإعلان الوحيد للزعيم بسورية المسألة الفلسطينية ففي كل مناسبة منذ عودته إلى الوطن كان يؤكد أن المسألة الفلسطينية هي مسألة عموم السوريين، ففي حوار مع جريدة الكواكب عام 1947، عندما سُئل عن المسألة الفلسطينية قال: (الحزب السوري القومي الاجتماعي يعد القضية الفلسطينية جزءاً من القضية السورية العامة، وأعتقد أنه لا يمكن الوصول إلى حلٍّ نهائيِّ مرضٍ للجانب السوري إلّا بحلٍّ سوريٍّ عام).
وفي مقابلة أخرى مع مجلة الجمهور قال: (إن حلَّ قضية فلسطين يقتضي مجهود جميع السوريين الموحد في جميع الكيانات السورية).
ومع جريدة المصري القاهرية لم يخرج عن هذا الإطار بل أكدّ على (أن النتيجة السيئة في كل الشّوط الماضي في صدد فلسطين حصلت من تلك التدخلات الواسعة غير المضبوطة التي عرضت القضية إلى مساومات وتأثيرات ما كان يجب أن تتعرض لها).
(الآثار الكاملة جزء 14 صفحة 49.)
وعندما أقام الندوة القومية لشرخ عقيدة الحزب وسياسته في المحاضرات العشرة وتطرق إلى المسألة الفلسطينية أكّد أيضاً (أن قضية فلسطين يجب أن تعتبر قضية سورية كلّها وتهمُّ السوريون وحدهم قبل كل واحد سواهم) ومن الطبيعي ألا تخرج قضايانا لتصير إلى أيدي الآخرين مهما كانت درجة القرابة (حتى لا تكون مجال مساومات. فتحالفاتنا مع الأصدقاء ومع من تربطنا معهم صلات تاريخية أو ثقافية ومصالح لا يجوز أن يقرر أحد مهما كان قريباً لنا قضيةً تخصنا نحن، يجب أن ينتظر إلى أن نقرر نحن ليوافقنا على تقريرنا).
(إن عدم اعتبار السوريين قضية فلسطين قضية سورية… أخرج القضية من حقوق السوريين إلى نطاق مشاع).
المحاضرة العاشرة.
فمن خلال رؤية الزعيم العامة للمسألة الفلسطينية دعى أكثر من مرّة لعقد مؤتمر للأمة السورية بكياناتها السياسية وأحزابها وسياسييها لمناقشة مصير المسألة الفلسطينية ووضع الخطط والأهداف التي علينا أن ننتهجها ليصار إعداد العدة الكاملة للتحرير.