من هو عجاج المهتار؟

ولد الأمين عجاج المهتار في عرامون الغرب سنة 1908 وتيتّم طفلاً، فقد توفي أبوه وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره. كانت لديه موهبة شعرية منذ طفولته فكان ينظم الشعر العامي قبل ان يتعلم القراءة والكتابة.انتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي في المرحلة السرية. ومن ثم لمع اسمه في صفوفه كشاعر كتب العقيدة الجديدة شعراً وروحاً متوثبة. نظم عدداً من القصائد في مناسبة الأول من آذار، ذكرى ميلاد سعاده، اعتباراً من سنة 1935. أولى هذه القصائد رباعية بعنوان “زوبعة”، وكأنها تعلن للشعب عن الحزب السرّي الذي سوف ينكشف بعد أشهر:”الفجر انبثق وتفجفجوا سدود المضيقوساروا المواكب فيق يا غفلان فيقوتشكّلوا رياح العواصف زوبعةبأربع زوايا تشع وتشق الطريق.”تعرّض الأمين عجاج للسجن والاعتقال في كل عقد بين الثلاثينات والستينات من القرن العشرين. فكان نزيل سجن الرمل سنة 1936، حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة. ومعتقل المية ومية بين سنة 1942-1940، وكذلك في الخمسينات إذ سجن لمدة سنتين بوشاية كاذبة، أما آخر سجن زاره فكان ثكنة المير بشير بعد انقلاب سنة 1961، حيث تعرض لتعذيب شديد.غياب سعاده في مغتربه القسري، ترك أثره في نفس الأمين عجاج، فكانت واحدة من أجمل قصائده وأرقّها في أول آذار سنة 1943، بعنوان “استوحش العرزال”، ومطلعها:”مهما القدر خلاك عنا بعيدمهما صروف الدهر عادتناعالعمر فرحة مولدك منعيدما بتبدل الأيام عادتناوبُعدك يا رمز العيد خلا العيدنغمات مبحوحة بكمنجتنا..”كذلك كان للفساد الذي ظهر مع غياب سعاده أثره في شعر الأمين عجاج وفي تمرده. فنراه يستهل قصيدة بعنوان “عمر جديد” نظمها في معتقل المية ومية، بمناسبة الأول من آذار سنة 1941، بالقول:”لما هجرت الدارلعبت فيا الأقدارعينك تجي تقشعبغيبتك شو صار”أما في المقطع الثالث منها فيقول:يا مفيق الأعلامومكسّر الأصنامناطور حقلك نامحولو الحرامي دار.كان الأمين عجاج من أشد معارضي الانحراف الذي عرف فيما بعد “بالواقع اللبناني”، بشهادة الأمين عبدالله قبرصي في مذكراته. وقد كتب رسالة طويلة بعنوان “إفلاس”، سنة 1946، وكان بصدد إرسالها إلى الزعيم في مغتربه، ولكنه حين عرف بقرب عودته لم يرسلها، بل سلمه إياها باليد، يوم عودته. وفي ذلك اليوم التاريخي، وفي بيت نعمه ثابت القى قصيدة طويلة بعنوان “ما تخلي صنم” ختمها بهذا البيت، مشيرا إلى قيادة الحزب المتلبننة بيده:”وبتريد تعفي… كلنا منبري الذممتا نعلم الجهال بنيان الأممومطلبونا بـ “البيت” ما تخلي صنموبيخضعوا للحق كل الكافرين”.شارك في ثورة سنة 1949، واعتقل في عرنة، سفح جبل الشيخ، واقتيد مخفوراً إلى سجن الرمل. حكم بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى المؤبد، وخرج بعد عفو عام. في الثامن عشر من تموز، 1949، وفي انفراد سجن الرمل الذي أمضى فيه الزعيم ليلته الأخيرة، نظم قصيدة عن اغتيال سعاده فيها استشراف لما هو آت. يستهل القصيدة بالقول:”بعنقك جريمة ما ارتكبها عبقريوالوحش منها بيستحي والبربريحرمت الدني من عبقري ما لو نظيردنّست روح العدل بالدم البري”.ويختمها متوجهاً إلى من أعدم سعاده بهذه الصورة الملحمية:”الدّم فرّخ جيش، وتهيا المصيروكل نقطة بْعِرْق صارت عسكريوهبّوا الزوابع وانطلق زعق النفيروالثار زلغط عـ سِنان السمهريورفرف خيال الموت باعثلك نذيردمع اليتامى، “عُمر جرب تشتري”لو كنت ع سابع سما ناوي تطيربدّو بسيف الحق عنقك ينبرييا ويل روحك فاق بالأمة الضميرومطالبك بحساب دمّ العبقري”.كان الأمين عجاج من الرفقاء الجديين وممن عاشوا مبادئ حزبه وطبقوها في حياته. سنة 1940 تزوج من الرفيقة سيريا كرم من قرية زبوغا في المتن الشمالي، فكان من أوائل الزيجات المختلطة في لبنان.للأمين عجاج عدد من الكتب المنشورة هي “اتق شر من أحسنت إليه”، “الرباعيات”، “الزوبعة”، “الزواده” و”قلب الحياة” وله عدد كبير من المخطوطات قيد النشر. وتبقى قصائده زوادة لأجيال من السوريين القوميين الاجتماعيين حتى اليوم، ينشدها الأشبال والشيب على السواء.