دائماً ما كانت الجماهير الرياضية في اللعبة الأكثر شعبية حول العالم، كرة القدم، تشكّل حالةً من عدم الانفصال عن الواقع.
وعلى الرّغم من ادّعاء الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، فصل الرياضة عن السياسة، فإنه يستغل أي حدث رياضي، في أقوى الدوريات العالمية، للتعبير عن سياسته المتناقضة مع مبدئه، ويعمد الى إدخال السياسة إلى الرياضة عندما يريد وفصلها عنها متى يشاء. وفي السياق عينه، دائمًا ما كانت فلسطين مسألة تتضامن معها العديد من الجماهير العالمية عمومًا وجماهير العالم العربي خصوصًا.
من هنا، أهدت عائلة الجعبري، فوزها بالمركز الأول، في بطولة عائلات الخليل لكرة القدم لروح الشهيد عدي التميمي. هذا الاهداء وحالة التضامن لم يكن الأول من نوعه تجاه قضية فلسطين، فجميعنا يذكر مشهد الجماهير الاسكتلندية وتحديدًا جماهير نادي سيلتك صاحب الشعبية الأولى في اسكتلندا عندما رفعت العديد من اللافتات دعمًا لفلسطين، وفي مرة أخرى ارتدى هذا الجمهور الكوفية تعبيرًا عن دعمه لها أيضًا.
وفي إيطاليا قامت جماهير نادي ميلان، بطل الدوري في العام الفائت برفع لافتات للتذكير أنَ الأزمة والحرب ليستا في أوكرانيا فحسب إنما هناك في فلسطين وسورية والعراق أيضًا.
من منّا ينسى أيضًا النجم المصري محمد أبو تريكه واحتفاله بأحد هدفيه في مرمى المنتخب السوداني في بطولة أمم أفريقيا 2008، حين رفع قميص المنتخب ليكشف عن قميص ثانٍ مكتوب عليه “تعاطفًا مع غزة” باللّغتين العربية والإنجليزيّة ليتلقّى بطاقة صفراء من حكم المباراة وتحذيرًا من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بسبب ما وصفوه بأنّه “عرض شعارات سياسية خلال المباريات”.
في كأس العرب 2021 والتي أقيمت في قطر قامت الجماهير العربيّة باظهار تضامن واسع مع فلطسين فملأت الأعلام الفلسطينيّة المدرّجات خاصّة خلال مباراة تونس ومصر، والجماهير الجزائريّة كعادتها رفعت أعلام فلسطين في جميع مباريات منتخب بلادها خاصّة بعد التتويج باللقب حين انضمّ لاعبو المنتخب للجماهير في الاحتفال بالأعلام الفلسطينيّة والجزائريّة معًا.
ومنذ فترة قصيرة أعلن منتخب الأوروغواي عن تراجعه عن الذهاب إلى الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة لخوض مباراة ضدّ منتخب الكيان وذلك بعد أن تلقّى المنتخب الجنوب أميركي أربع رسائل من أندية واتحادات كرة قدم فلسطينية توضّح الاعتداءات المستمرّة والخطيرة التي يرتكبها العدو ضد كرة القدم والرياضة الفلسطينيّة.
وأخيرًا وليس آخرًا، قامت جماهير نادي الرجاء البيضاوي المغربي بإطلاق أغنية جماهيرية دعمًا لفلسطين ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي ويقول مطلع الأغنية: “يلّي عليك القلب حزين وهادي سنين تدمع العين الحبيبة يا فلسطين…”
ويذكر أن في سياق إطلاق الدعوات لارتداء شارة كابتن عليها علم أوكرانيا في المونديال القادم، دعا العديد من الجماهير والشخصيات المنتخبات العربية المشاركة في مونديال قطر، الذي ينطلق بعد أقل من شهر الى ارتداء شارات تحمل علم فلسطين للتأكيد على أن الإنسانية لا تتجزّأ أبدًا ولا تسيّس.
هذا غيض من فيض مشاهد التضامن مع فلسطين والقضية الفلسطينية من الملاعب العربية والعالمية، إذ أنّ فلسطين قضيّة إنسانيّة تتخطّى السياسة بأشواط وقضيتها قضية لا ينصرها إلّا أصحاب المبادئ ولا يتنكّر لها إلّا من تخلّى عن إنسانيته وضميره ومبادئه
