“ظريف الطول مُهلك شمشون”

“متطورون جدًا في التكنولوجيا ، مفتقدون جدًا لرمزية البَطَل… “

هَكذَا وَصف الشَّهيد بَاسِل الأَعْرَج الجَيْش الصّهيوني ضِمن سِلْسِلَة “وعيّ المحارب” الَّتِي حَاوَل دائمًا خَلطها بِطِينَة المثقفين ليصبحوا مثقفين مشتبكين…

إستِشهَاد الفدائي عُديّ التَّمِيمِي يُشبِه بِالشَّكْل مشهد مَوْت أبطَال الرِّوَايَات الملحمية، تِلْكَ الَّتِي تُنقَش عَلَى مقدسات الْأُمَم ومعابدها لِتُصْبِح جُزْأَيْه لا يُمْكِن التَّخَلِّي عَنْهَا ضَمِنَ الرِّوَايَات والأساطير الشَّعْبيَّة.
هذا يَعنِي أَن يُسَاوِي “فعل الشّهيد” فِعل الْإِلَه الَّذِي افْتَدَى بِنَفْسِه رُؤُوس المُؤمِنِين، فَيَقُوم الشَّهِيد مِنْ مَوْتِهِ كَمَا تَقُومُ الْآلِهَة دائمًا، إنَّمَا بِشَكْل أُسْطُورِي يُقَدِّس كُلّ صِفَاتِه وَيَرْفَعُهَا فَيَسْتَحِيل الشَّهِيد رمزًا لِكُلّ الْبِلَاد.

لطالما حَاوَلَت الجُيُوش أَنْ تربُط جنودها بِقُوَّة غَيْبِيَّة تَرْفَع الْمَعْنَوِيَّات وَتُعْطِي لِفِقْدَان الْحَيَاة في سَبِيلِ “القضية” مَعْنَى، وَالْجُيُوش الإسْتِعَمَارِيَّة لَيْسَت إستثناءًا… فَحَتَّى النازيون اسْتَعْمَلُوا عِبَارة “Gott mit uns”-الله مَعَنَا على أحزمتهم، رُبَّمَا لِتَخْفِيف عَذَاب ضَمير الْمُقَاتِل عند قَتله البشر دُونَ مَعْنى.
أَمَّا عِنْدَ الصهاينة، “شعب اللَّه المختار” ، فَحَتَّى شمشون الدَّنِيّ خُسف إمَام عَظْمُه بُطولَة مَّا فَعَلَهُ أبطَال أُمَتِّنَا الَّتِي إعْتَادَت قُتِل التنانين، فأضحوا جيشًا بِلَا بطولة تلاحقهم الْمَذَلَّة أَيْنَمَا حَلْوا…
لَم يفشل الصهاينة وَحْدَهُم فِي خَلْقِ تِلْك الرَّمْزيَّة.
فلطالما حَاوَلَت الماكينة الإعلامية خَلْف الْجَيْش الأمريكِيّ أَن تُخْفِي أَثَر الهَزَائِم الَّتِي تُمَنَّى بِهَا .
ف “رامبو” الْجُنْدِيّ الْخَارِق الْمُقَاتِلِ فِي ڤييتنام وَمَا شَاكَلَهُ مِنْ شَخصِيَّات وَهْمِيَّة، لَم تَحْضُر إلَّا فِي هوليوود، بَيْنَمَا إخْتَبَأ أَبْنَاء جَلَدْتُهَم أمَام أَبْنَاء الْأَرْض.

المُفَارقة أَنَّنَا جسدنا أساطيرنا بِاللَّحْم وَالدَّم، دُونَ حَاجَة لِتَدْخُل مِن “هوليوود” أَو لتزييف الْمَشْهَد .
فَالْحَقِيقَة كُلُّ الْحَقِيقَة أَنَّ أَرْحَام نِسَاءَنَا لَم تُنْجِب إلَّا أبطالًا تأسطروا تأثرًا بالبيئة، والبيئة فَقَط…

فَعُديّ الْمُقَاتِل الَّذِي “أراد أنْ تُحَرِّك العمليّة مِئات الشَّبَاب لِيَحْمِلُوا البُنْدُقِيَّة مِنْ بَعْدِه… “
هُوَ من ركّع سُلَّطَه التطبيع وَجَيْش “الكرتون” لِعَشَرَةِ أَيَّامٍ دُونَ أَنْ يكشفوا عريْنَه ، و الَّذِي بَرَز وَحْدَه مقاتلًا حَتَّى النَّفَس الأَخِير وقابضًا عَلَى الزِّنَاد.
أَمَّا عُديّ الأُسطورة، فَهُوَ الَّذِي تَجَلَّى رمزًا أَشْبَه بِـ ظَرِيف الطُّول
“اللي قتل أَكْثَرَ من 20 يهودي… وطخ ببارودتين… و اللَّي سحب عَمَّار وَجِهَاد أوْلاد اللأرمَلة مِن ساحة المعركة ، وهُم جرحى ، والرَّصاص زيّ زخ المطر فوْق رأسه”

الصُّورة لأطفال فلسطينيين يلهون من خِلَال إعَادَة تَجْسِيد مَوْت الشَّهِيد عُديّ التَّمِيمِي..