السعودية تواجه الأميركيين في بيروت: صراعٌ على انتداب لبنان

منذ ما قبل اتفاق ترسيم الحدود البحرية جنوباً، تدور اتصالات على مستويات عدّة من أجل عقد مؤتمر للحوار يحمل عددًا من الحلول لمشكلات فشلت قوى السلطة في إيجاد مخارج مناسبة لها.
في العمق، ما هو أبعد. المراد مؤتمر يؤسس لمرحلة جديدة من الحياة السياسية اللبنانية، تترافق مع المستجدات التي تحمل عنوان “التسوية في المنطقة”. وتؤمّن هذه استقرارًا ما لمرحلة ما بعد تنقيب الغاز. سوّقت لهذا المؤتمر أكثر من جهة تدور في فلك التنسيق الفرنسي – الأميركي. وكان المقترح في بادئ الأمر أن يُعقد في مصر في منتصف العام المقبل، على اعتبار أن التوجّه العام كان تأجيل اتمام اتفاق الغاز إلى ما بعد انتهاء رئيس الجمهورية.
بحسب المعلومات، وبعد الاطلاع على فحوى الجهود الأميركية – الفرنسية مع عددٍ من الجهات اللبنانية من أجل تضمين المؤتمر نقاطًا تطويرية تتقدّم على بنود اتفاق “الطائف”، لم يعطِ الجانب السعودي ضوءًا أخضرًا لمصر من أجل احتضان المؤتمر وتأمين رعاية اقليمية دولية له. تراجعت القاهرة فكانت سويسرا هي الخيار البديل، والتي بالمناسبة ترعى المصالح الأميركية في دول لا تواجد فيها لممثلين دبلوماسيين للولايات المتحدة. وسويسرا أيضاً تخلّت عن حيادها ودعمت أوكرانيا ما جعلها في صف فريق أميركا والغرب عامة بوجه فريق آخر روسيا وحلفائها.
لبنانياً، وجهت الدعوة لعدد من الاحزاب السياسية ومنها “القوات اللبنانية” التي تراجعت عن تلبية الدعوة إعلاميًا بعد تأكيدها سابقًا قبول حضور الإجتماع التنسيقي في السفارة السويسرية في بيروت.
بدورهم ينقسم نوّاب “تكتل التغيير” حول تلبية الدعوة، اذ يرفض معظمهم موافقة النائب ابراهيم منينمة على الحضور ما يهدّد بقاء التكتّل موحّدًا. هو الذي تشوبه في الأصل خلافات عديدة حول أكثر من ملف أساسي واقتصادي.
من جانبه كان الرئيس مجلس النواب نبيه بري واضحًا بعدم جدّيته في التعاطي مع الدعوة، حيث انتدب لحضور الاجتماع التنسيقي أحد مستشاريه علي حمدان، وليس النائب علي حسن خليل، كما تجري العادة في مثل هكذا مواقف.
وفي المعلومات ان جولة سيبدأها السفير السعودي وليد البخاري الاثنين على المعنيين من أجل تأمين عدم انجاح المؤتمر، وأولى زياراته إلى قصر بعبدا.
هذا ويطرح الجانب السويسري على جدول أعمال المؤتمر عددًا من النقاط المتقدّمة، يُعد أبرزها مسألة عودة النازحين إلى مناطقهم، وملف الودائع في المصارف اللبنانية. إضافة إلى عدد من القضايا التي فشل المجلس النيابي طوال أعوام في معالجتها، كمسألة تحديد مهلة لتكليف رؤساء الحكومات، وتحديد مهلة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، ومسألة صلاحيات رئيس الجمهورية نفسه.
يسعى الجانب الأميركي ومعه الفرنسيين إلى تحديد عناوين واضحة تستند إليها الطبقة السياسية في المرحلة المقبلة، من أجل ضمان استقرار يؤمن مصالح الدولتين في لبنان.
قد يضع البعض الخطوة السعودية في محاولة إحباط مساعي إنجاح المؤتمر في سويسرا في إطار الصراع المستجد السعودي – الأميركي في أكثر من ملف، أبرزهم الحرب الروسية الاوكرانية، إضافةً لخفض انتاج منظمة “اوبك”. ولكن في واقع الأمر أن هناك صراع حقيقي على هوية من ينتدب لبنان بالمباشر!