“عرينُ الأسود”.. تنظيمٌ ولد من رحم الضّفة

“عرينُ الأسود”.. تنظيمٌ ولد من رحم الضّفة

“لا تقلقوا فأسود العرين منكم وبينكم، حاصروهم فلا مفر حاصروهم لا مفر لهم منا ومنكم.”

اختتمت مجموعة عرين الأسود بهذه العبارة إحدى بياناتها التي طالبت بها الفلسطينيّين بالتّصدي لمسيرات قطعان المستوطنين. لم تكن هذه الثقة بالخطاب لتصبح متبادلة لولا الفعل الذي راؤه الفلسطينيين منهم.

اختلفت الروايات حول نشأة هذه المجموعة، ولكن هناك اتفاق واضح على أن نشأتها كان بمطلع العام 2022. تتخذ مجموعة عرين الأسود من البلدة القديمة في نابلس مكاناً لها. تعود بداية المجموعة حسب التقارير إلى حادثة إعدام قاسية قامت بها قوات العدو بحق ثلاث ناشطين فلسطينين بوابل من الرصاص وبطريقة وحشية، فجاء قيام هذه المجموعة كردة فعل اولى بعد هذه الجريمة، حيث أراد العدو من تلك العمليّة التّي أتت بمباركة وتفاعل من إعلام العدو ووزرائه إرسال رسالة رادعة للمقاومة الفلسطينيّة، لكن سرعان ما أدرك العدو إن هذه العمليّة أدت إلى أكبر خطر يعيشه حالياً.

كما ويذكر أن أحد الشهداء وهو محمد الدّخيل بالعمليّة المذكورة هو أحد أصدقائه المقرّبين لمحمد العزيزي الملقب بأبو صالح أحد مؤسسي المجموعة.
حيث يقول أبو صالح في أحد الوثائقيات أن بداية تأسيس المجموعة بسبب سؤال كان يسأله دائماً، وهو “شو يعني يدخل الجيش الإسرائيلي على البلد ويخرج بسلام؟”

نفذت قوات العدو بتاريخ 24 تموز من العام الحالي، اقتحاماً موسّعاً للحي الذّي يقع فيه منزل محمد العزيزي، وحدث اشتباك عنيف أدى إلى استشهاد أبو صالح وصديقه عبد الرحمن الصبح.

إتّضح بعد العمليّة أنّ المقاومان قاما بالتّضحية بنفسهما لتأمين خروج المجموعة من المنزل الذي كانوا فيه.
هذه التضحية تركت أثراً كبيراً في نفوس المقاومين وأبرزهم هو محمد النابلسي، الذي استشهد في 9 أغسطس عندما تمكنت قوة خاصة من جيش العدو من اغتياله مع رفيقَيه في البلدة القديمة في نابلس. هذا الاغتيال الذي أحدث ضجة كبيرة وعزّز الحالة النّضاليّة في فلسطين كاملة مما جعل الشّبان الصغار يبدأون بالالتفاف حول مجموعة عرين الأسود والانضمام لها.

وفي ضوء تصاعد أعمال هذه الحركة وكم الالتفاف الشّعبيّ واحتضانه لها، شعر العدو بالخطر فبدأ بالتّحريض عليها واصفاً بأنّ الخطر القادم من نابلس هو أهم بكثير من الخطر القادم من جنين.

ظهرت هذة المجموعة لأوّل مرّة رسميّاً، خلال حفل تأبين الشهداء المؤسّسين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح، وكان الظّهور عبارة عن مجموعات بعرض عسكريّ منظّم.
وخلال الحفل ظهر نوعان من المسلّحين، الأوّل ضمَّ مسلّحين ملثّمين يرتدون ألبسة عسكريّة متنوّعة، أمّا النوع الثّاني فضم مسلّحين ملّثمين يرتدون لباساً أسود، ويضعون على فوهات بنادقهم عصبة حمراء، في إشارة هذه الرصاصات لن تطلق إلا على جيش العدو.

وأكّد المقاومين خلال كلمة مقاومي عرين الأسود أنّهم سائرون على خطى الشهداء، فلن تقف المجموعة مكتوفة الأيدي، ولن تترك البندقيّة وستقوم بسحق العملاء والخونة.

وثانياً أنّ البنادق لن تهدر رصاصة في الهواء، فالعدو هو الاحتلال الإسرائيليّ.

وثالثاً أنّ أعضاء الأجهزة الأمنيّة أخوة لنا، وسلاحنا لن يتوجّه إليهم.

وبعد أسابيع على هذا الإعلان، لا تتوقّف أخبار مجموعة “عرين الأسود”، والبطولات التّي تقوم بها والرّعب الذّي ادخلته في نفوس العدو، وأكثر ما يميّز هذه المجموعة هي الابتعاد الكامل عن الاصطفاف لدى أي من الفرقاء الفلسطينيّين وإنّما انتهاجها نهجًا واحدًا وهو المقاومة.