يشكل النفط والغاز ثروة طبيعية تحتاج الى إدارة وتطوير وصناعة. لذلك، نرى أن إنشاء هيئة او مؤسسة وطنية للبترول في لبنان ضرورة قومية. لا يوجد في لبنان صناعة ثقيلة حتى الآن، ذلك ان القطاع الصناعي في لبنان يقتصر على بعض الصناعات الخفيفة التي تعتمد في معظمها على الإنتاج الزراعي، كما ان هذا القطاع يعاني من التراجع الكبير لأسباب عدة أهمها خدمات البنية التحتية الضعيفة والمكلفة، هذا إن وجدت.
إذاً كيف ستتم ادارة قطاع النفط المستحدث وكيف سيتم استكشاف واستثمار هذه الثروة الطبيعية على كامل الشاطئ اللبناني؟
مهما اختلفت الآراء حول كمية النفط والغاز الموجودة ومدى سهولة استخراجها وتكريرها وتسويقها فإنه من المتوقع أن يسهم هذا القطاع جدياً وبحجم كبير في زيادة الناتج المحلي ونموه في السنوات المقبلة. إن الغموض الذي يحيط بالموضوع يجعل من إنشاء مؤسسة وطنية للبترول أمراً ملحاً ومستعجلاً. إضافة إلى أن التحولات في المجالات النفطية ومشتقاتها عديدة ومتسارعة ولبنان لا يمتلك الخبرة في استخراج النفط وتسويقه.
من المهمات الأولى التي تقع على عاتق هذه المؤسسة الإشراف على عمليات الاستكشاف عن طريق الشركات الاجنبية لتحديد الثروة الطبيعية المتوفرة وتقييم حجمها ومواقعها ومدى سهولة وكلفة استخراجها والمدة الزمنية المطلوبة لذلك. وهكذا يخرج الموضوع من التجاذب السياسي والنزاعات المذهبية التي تحول ثروتنا الطبيعية إلى مادة متنازع عليها بين من يمجد بها كونه في السلطة ومن يقلل من أهميتها كونه على هامش السلطة.
إن عملية الاستكشاف ليست بالمسألة السهلة التي يمكن إنجازها في خلال فترة زمنية قصيرة، لذلك من المستحسن أن تكون متزامنة مع البحث عن كيفية الانتاج عن طريق الشركات الاجنبية أيضا وذلك عن طريق المقاولة أو التحضير لتوقيع عقود الاستثمار.
كما أنه بإمكان المؤسسة الوطنية للبترول تأسيس شركات وطنية تقوم بالاستكشاف ولاحقا بالتطوير والإنتاج للثروة النفطية والغاز الطبيعي إضافة الى شركات التسويق الداخلي والخارجي.
إن مسألة التسويق بذاتها داخل وخارج لبنان بحاجة إلى خطط وطنية تساهم في الاستفادة من هذه الثروة الطبيعية بأفضل الطرق والأهم منع الإحتكارات ووضع حد لها وتعزيز الاسواق الحرة التي تؤمن أفضل طريقة للتسويق.
ومن مهمات المؤسسة الوطنية للبترول توقيع العقود مع شركات عالمية مختصة ليس فقط بالاستكشاف بل أيضا بالإنتاج وفق التقنيات الحديثة في صناعة النفط والغاز.
كما أن لهذه المؤسسة مهمات إضافية تتعلق بدراسة السبل المثلى لتكرير وتصنيع النفط والغاز الطبيعي وإدارة هذه المصافي وإنتاج المشتقات النفطية من بتروكيماويات وغيرها
إن الهدف الأساسي للمؤسسة هو تنمية وتطوير الإحتياط النفطي والاستفادة منه وتوظيفه بأفضل الطرق الممكنة وأشدها فعالية كي تأتي مساهمة هذا القطاع عالية في الناتج المحلي والنمو الاقتصادي. إن التحدي الأكبر يكمن في كيفية إدارة واستثمار هذا القطاع لتحقيق أفضل العائدات، لذلك نحن بحاجة الى مؤسسة تدير هذه الثروة الطبيعية بافضل الطرق الممكنة.
ومن مهمات المؤسسة أيضاً الإشراف على أعمال الحفر وصيانة الآبار والشبكات وإنشاء وصيانة خزانات النفط والغاز. كل ذلك يتطلب إجراء الدراسات الفنية والإقتصادية لمصلحة لبنان وإجراء اختبارات مراقبة الجودة وإصدار شهادات خاصة بها وتقييم براءات الاختراعات وتراخيص الاستغلال والرسوم والنماذج المتعلقة بالنفط ومشتقاته ونشر هذه البحوث والدراسات لتعزيز الشفافية وليطلع عليها الاختصاصيون والشعب معاً. وأخيراً علينا أن لا ننسى اليد العاملة اللبنانية وضرورة إشراكها وتطويرها ليتم دعم الصناعة النفطية بالعناصر الوطنية المؤهلة وتدريبها من خلال المعاهد والمراكز التابعة لها.
أما في حال إدارة هذا القطاع من قبل الفاسدين من أصحاب السلطة لتقاسم المغانم وزيادة ثرواتهم الشخصية فإنه لن يكون هناك من تقدم أو نمو للاقتصاد اللبناني.
ماذا يستفيد لبنان واقتصاد لبنان والشعب اللبناني إذا تم استخراج النفط والغاز وتخلصنا من الاحتلالات والتهديدات من قبل العدو في الكيان الاسراءيلي الذي يهدف الى السطو على مواردنا الطبيعية واستغلالها، لتقوم باستغلال هذه الموارد الطبيعية سلطة فاسدة حاكمة بالتزوير من أهل الوطن؟