اخفاقات “إسرائيلية” أدت إلى مفاجأة 7 تشرين الأول

نشرت صحيفة يديعوت احرونوت “الإسرائيلية” تقريراً تحت عنوان “سلسلة الإخفاق التي يستحيل استيعابها وأدت إلى مفاجأة 7 تشرين الأول”، أشارت فيه إلى أن قاعدة “يركون”، رغم “قدراتها الهائلة ونجاحاتها الكبيرة”، لم تتمكن من اكتشاف خطة حركة حماس لتنفيذ هجوم واسع ومفاجئ في “غلاف غزة” وبلدات في جنوب “إسرائيل”، في السابع من تشرين الأول، والقاعدة المذكورة هي قاعدة عسكرية كبيرة قرب كيبوتس أوريم في النقب الغربي، وفي موقع قريب من قطاع غزة، وتتبع لوحدة التنصت 8200 في الجيش “الإسرائيلي”، والتي تُعتبر “وحدة الإنذار القومي”، ويتم التنصت من هذه القاعدة على جهات كثيرة في العالم، لكن التركيز الأكبر هو على التنصت على الفلسطينيين ومحاولة كشف خططهم لاستهداف “إسرائيل وجيشها”، وكان الملفت فشلها من اكتشاف خطة حركة حماس لتنفيذ هجوم واسع ومفاجئ في غلاف غزة وبلدات في جنوب “إسرائيل” في السابع من تشرين الأول، لا بل استطاع مقاتلو المقاومة الدخول إلى هذه القاعدة السرية وقتلوا من وُجد فيها وأخذوا منها مواد استخباراتية وأجهزة بالغة الحساسية، وتابع التقرير أنه كانت هناك عدة سيناريوهات حول تجاوز الجدار والدخول، من تحت الأرض أو من فوقها، من أجل الخطف والقتل، لكن لم يفكر أحد بأي شيء مشابه لهذا الهجوم.

    وأشارت الصحيفة إلى أن عشرات الفرق من قوات النخبة شاركت بالهجوم، وكان أفرادها مزودين بمعلومات استخباراتية شاملة، خرائط، مركبات، أجهزة اتصال، ذخيرة ووسائل أخرى، وتفرقوا إلى مواقع مختلفة، وأضافت أن الفريق 17 من قوات النخبة، تألف من عشرة مقاتلين، دخلوا راكبين على خمس دراجات نارية، وتوغلوا نحو عمق جنوب “إسرائيل”، ووصلوا إلى قاعدة “يركون” واقتحموها، وتم توثيق هذا الاقتحام من خلال شريط مصور بكاميرا مثبتة على جسد أحد المقاتلين، ولدى وصول المقاتلين إلى منطقة القاعدة العسكرية السرية، اتضح مدى عمق المعلومات التي جمعوها، فقد علموا بشكل دقيق موقع هذه القاعدة، من بين عدة قواعد عسكرية في هذا الموقع، واستطاعوا الوصول إلى بوابة قاعدة “يركون” مباشرة، والتي لم يتواجد أحد عندها، وفجروها، ودخلوها وهم يطلقون نيراناً كثيفة نحو الجنود، ثم بحثوا عن خندق القاعدة، وكان بحوزة أحدهم صورة للقاعدة التُقطت من الجو، وعليها إشارات، ثم توجهوا إلى الخندق، بعد ذلك بدأوا يحاولون استخراج معلومات استخباراتية من الحواسيب والأجهزة، فيما كان بحوزتهم وسائل تكنولوجية متنوعة، لكن عندما حاولوا ربط هذه الوسائل، سُمع صوت إطلاق نار في الخارج، وعندما خرجوا اصطدموا بقوات خاصة إسرائيلية.

    وأضافت الصحيفة أن مقاتلي فرقة أخرى من قوات النخبة كانوا يعلمون كيف يصلون إلى مكتب قائد أحد الألوية في مقر فرقة غزة العسكرية “الإسرائيلية”، وأطلقوا النار على بابه بشكل يدل على أنهم يعرفون بنية الغرفة وأين يجلس هذا القائد، وتابعت أنّه تم العثور على كراسة لقوات النخبة في حركة حماس جانب بلدة مفلاسيم، بعنوان سري للغاية، وفيها شرح مفصل لخطة الهجوم، وتفاصيل وتعليمات دقيقة للمقاتلين في تنفيذ هجوم في البلدة المذكورة، كما تضمنت شكل انتشار القوات “الإسرائيلية” في هذه المنطقة والمناطق المجاورة لها.

    وبحسب يديعوت احرونوت، فإنّ هجوم حماس المفاجئ كان نتيجة سلسلة طويلة من الإخفاقات “الإسرائيلية”: عَمى استخباراتي، منظومة دفاعية مخترقة، وعجرفة غذّت المؤسسة كلها، إضافة إلى إدمان “إسرائيلي” على شعور التفوق العسكري، الاستخباراتي والتكنولوجي، وتحليل خاطئ من الأساس لنوايا “العدو”، ومن أسباب هذا العمى الاستخباراتي الذي أصاب الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية، هو ضرب قدرة هذين الجهازين على التنصت في قطاع غزة، في أعقاب اكتشاف حماس قوة كوماندوز إسرائيلية من سرية هيئة الأركان العامة، التي توغلت في العام 2018، في منطقة خان يونس، بهدف زرع جهاز تنصت يتغلب على شبكة حماس للمحادثات المشفرة بين قادتها السياسيين والعسكريين، وقُتل حينها قائد القوة “الإسرائيلية”، وكانت حركة حماس قد اشترت في العام 2008، جهاز اتصالات مشفرة من شركة تايوانية، من أجل إجراء المحادثات المشفرة، وبعد ذلك منعت “إسرائيل” دخول قطع إلكترونية إلى غزة، كانت غايتها إقامة وصيانة شبكة اتصالات آمنة لحماس.

    وأشارت الصحيفة إلى سبب آخر للإخفاق الاستخباراتي “الإسرائيلي”، برز خلال لقاء بين ضباط الوحدة 8200 وبين ضباط نظيرتها الأميركية NSA، حيث قدمت صورة استخباراتية ركزت فيها على حزب الله، ووضعت حركة حماس في مرتبة منخفضة في سلم التهديدات، وأضافت أن تلك الوحدة توقفت عن التجسس على وسائل الاتصال التكتيكية في حماس، مثل أجهزة “ووكي توكي”، التي كانت موجودة على جثامين المقاتلين الذين شاركوا في هجوم حماس واستشهدوا، خلال عملية طوفان الأقصى.

    مما لا شك فيه أن الإخفاقات “الإسرائيلية” كثيرة، وتظهر يوماً بعد يوم، بفعل نجاح العمل المقاوم في جميع المجالات، ويمكن رصد عدد من تلك الاخفاقات من خلال عملية طوفان الأقصى، حيث أن أجهزة استخبارات العدو لم تستطع أن ترصد استعدادات حركة حماس، التي استطاعت إخفاءها بشكل عالي الكفاءة، وبالتالي فقد استغرق العدو وقتاً طويلاً ليدرك أبعاد الهجوم، بسبب غياب أي معرفة مسبقة به، يُضاف إلى ذلك نقص قوات العدو الذي ساهم في أسقاط التشكيل الدفاعي المحيط بقطاع غزة لحماية المستوطنات، كما أن الجنود انتظروا ساعات طويلة دون توجيه، حتى شكلوا وحدات ارتجالية، وفي الوقت الذي طورت حركة حماس استراتيجيتها، فكر جيش العدو بطريقة تقليدية، وكرر أخطاء حرب 1973، ولكن بشكل مضاعف في هذه العملية.