ترسيم الحدود المصطنعة بين لبنان وفلسطين المحتلة

يعتقد البعض أن ملف ترسيم الحدود هو بمنأى عن التطورات العالمية والدولية، وأن هذا “الانجاز” سيحقق ازدهاراً اقتصلديا في لبنان. ما تخوضه الولايات المتحدة الاميركية اليوم من حرب مصيرية مع روسيا جعلها تقدم بعض التنازلات، ليس لصالح لبنان كدولة، وانما السماح له ولو “بالغمز” بالدخول الى نادي الدول المنتجة للغاز والنفط. ويأتي هذا “التنازل” نتيجة الحرب الدائرة في أوكرانيا في محاولة لإيجاد حلول بديلة للغاز الروسي، وبالتالي العمل على تمديد أنابيب الغاز بين فلسطين المحتلة واوروبا. طبعاً، ليس صدفة، أن يتزامن هذا الاتفاق او التفاهم مع صدور موقف من الدولة اللبنانية بالتصوبت ضد الاستفتاء الروسي لضم المحافظات الاربعة، مما يثبت ربط ملف النفط والغاز في لبنان بالحرب الدائرة في أوكرانيا.

فلنعترف أن هذه المعركة وإن حققت على المستوى التكتيكي هدفا آنياً، فهي حققت خسارة على المستوى الاستراتيجي لاسباب عدة منها:

            اولاً: حقق الكيان الغاصب مكسباً جديداً باستثمار حقل كاريش، ليس من أجل تحسين وضعه الاقتصادي، بل من أجل توفير الغاز للاتحاد الاوروبي لتحصينه امام البرد الضاغط على سياساته المنبطحة للولايات المتحدة الاميركية.

            ثانياً: حققت الولايات المتحدة الاميركية تأمين منصة متقدمة لانتاج الغاز، بالبعد الجغرافي، من القارة الاوروبية، بعد ان فشلت بتأمين الغاز القطري عبر أرض الشام، ودفع شعبنا نتيجة تلك الحرب الكونية، ضريبة بنيوية قاسية مازلنا نعاني من مفاعيلها.

            ثالثاً: أضافت الولايات المتحدة الامريكية لاصواتها صوتاً في وجه الاستفتاء الروسي من أجل تثبيت شرعية دولية في وجه الاستفتاء.

            رابعاً: إن إنتاج الغاز والنفط في لبنان يبقى عرضة للضغط الاميركي لان الشركة المكلفة والمنتجة تخضع كلياً لمشيئة العقوبات الاميركية وبالتالي يبقى الانتاج رهينة أهواء السياسات الاميركية المنحازة.

            خامساً: بمعادلة الربح والخسارة حصل الكيان الغاصب على حقل جديد كان قد اعترف بمفاوضات سابقة، وبوثيقة موقعة تؤكد أن الخط 29 هو ملك الدولة اللبنانية.

إن الحصار الاقتصادي الذي فُرض علينا جعلنا نهلل لنافذة امل، قرار إقفالها وإغلاقها ليس بيدنا، وجعلنا نقف ونصوت في وجه من قاتل الى جانبنا في وجه الجماعات التكفيرية وفي وجه مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يسعى الى تقسيم المقسم من خلال إنشاء كيانات مذهبية تتناحر فيما بينها. كان بالامكان الاكتفاء بورقة بيضاء، ليس إيفاءاً فقط، وانما درءاً للآتي.

لعل المصيبة الاكبر هي مصيبتنا في الداخل، فالسلطة المتمسكة بمصالح اقطاعييها ورؤساء طوائفها لن تترك للناس شيئاً، فكما شركات الاتصالات التي هدرت أموال الدولة لصالح منظومة فاسدة، كما شركات توزيع النفط، ستكون نتيجة ما سنستخرجه من مياهنا.

لذا ليس أمامنا سوى التمسك بالقوى المقاومة الحية، وحثها على العمل والصمود والوقوف في وجه المشاريع الخارجية والداخلية التي تستهدف بنية مجتمعنا وثروات بلادنا.

نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي