حرب تشرين الثانية…ملاحظات اولية سريعة

منذ ساعات الاولى لحرب تشرين الثانية اجتاح التفاؤل ارواحنا وكانت اولى ملاحظاتي وانا اشاهد صباحا الاخبار على احدى الفضائيات الوجوه الباسمة للمذيعات والمذيعين كما لأفراد اسرتي.
لا تزال المعركة في بدايتها، بل ربما انها لم تبدا بعد فالعدو مشدوها بشياعه المقاومة ونجاحها ومصدوما بانكشاف ضعف العدو وتهافت جيشه الذي ظن بعض منا انه لا يقهر وراهن عليه، من المؤكد ان الوضع لن يكون سهلا وان (الاسرائيلي) قد يلجا الى الرد بقدرات تدميريه غير مسبوقة ضد غزه وربما ضد غير غزه وهو مرشح لارتكاب حماقات سوف تؤذي في المدى القريب ولكنها ستعود عليه بخسائر اكبر واكثر فداحه بالبعد الاستراتيجي.
تقديرات تفصيليه اوليه تثبت ان المقاومة حصينة من الاختراقات الأمنية و عصية عليها، تلك الاختراقات التي كان يتم تضخيمها بين حين واخر، وتؤكد التقديرات معركة من هذا النوع والحجم والنتائج كان الاعداد لها دقيقا ولمده طويلة ، ويدل على قدرات استثنائية للمقاومة في التخطيط والتنفيذ والمعرفة ، يقابل ذلك فشل استخباري ذريع لدى العدو، وتذهب التقديرات ان عمليه التخطيط والاستعداد والانطلاق لم تكن قرارا منفردا للمقاومة في غزه، وانما تمت بالتنسيق مع محور المقاومة الذي نامل كل الامل ان يكون جاهزا للدخول في المعركة ان اقتضت مجرياتها ذلك، وتؤكد تلك المجريات بما لا يدع مجالا للشك ان (الاسرائيلي) العادي قد فقد ثقته في عساكره وقادته السياسيين وهرع الى المطارات التي سريعا ما اغلقت لمغادره بلاد يعرف انها ليست بلاده، وحسب الاعلام الاسرائيلي ان الوجهة الافضل لدى المستوطنين الهاربين من جوار غزه كانت مدينه صفد وهي ابعد نقطه في شمال فلسطين عن المستوطنات المجاورة لغزه، لذلك اعلنت بلديات الشمال حالة الطوارئ لاستقبال اولئك الشاردين، وكشفت حرب تشرين الثانية المكشوف والمعروف لا بل عززته في ان المعركة مع هذا العدو هي معركه مع الغرب وعلى راسه الولايات المتحدة التي اعلن رئيسها انه ودولته شركاء في هذه الحرب.
اما في التقديرات السياسية الأولية، فقد حققت المعركة منذ لحظاتها الاولى كثيرا من النقاط التي قد يكون من الصعب العودة عنها مهما كانت تفاصيل المجريات العسكرية في الايام القادمة، واولها ان التغول الاسرائيلي على القدس وخاصه في عيد العرش الاخير الذي استباح فيه المستوطنون المسجد الاقصى واقاموا به من الشعائر اليهودية والتلموديه ما لم يحصل من قبل في ظل صمت رسمي فلسطيني وعربي واسلامي لا يمكن له ان يستمر.
مشروعا شرم الشيخ والعقبة لتصفيه المسألة الفلسطينية والتي تم العمل عليهما في الاشهر الماضية بين اطراف عربية و دولية و دولة الاحتلال، و التي كان قد بدا الشروع في تنفيذ بعض تفاصيلهما قد اصبح جزءا من التاريخ ولسوف تتنصل او الاطراف الشريكة من التزاماتها،
مشروع التطبيع السعودي (الاسرائيلي) الذي كان في طريقه لان يتحول من السر الى العلن فقد فرصته، قد يبقى حيا ولكن في حالة نوم عميق بانتظار الظروف تسمح بإيقاظه، نامل ان لا تأتي ابدا، والسعودية تعرف ان جيرانها في الجنوب الحوثيين الذين يعتبرون انفسهم شركاء للمقاومة في غزة و اعضاء في محورها يراقبون ما يجري بتلهف وان لديهم من العدد والعتاد ما يفوق ما لدى غزه في محيط ضيق فيما لا تملك السعودية من العدد من العتاد ما تملكه دولة الاحتلال و امامهم حدود مترامية مع اليمن.
الامارات والبحرين و السودان التي افترضت انها بتطبيعها مع اسرائيل قد اصبحت تتكئ على قوة عسكريه هي الجيش الرابع في العالم والقادر على احداث توازن رعب ضد ايران رات بأم العين ان بضع مئات من مقاتلي المقاومة غير النظاميين قد خرق هذه القوه ومزقها بسرعه يمكن مقارنتها بسرعه الصوت.
في مصر، يقوم خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي اعلن ترشحه للرئاسة على نظريه ان مصر كان من الممكن ان تكون بخير لولا فوز الإخوان المسلمين في الانتخابات و استلامهم للحكم عام ،2011 وهو خطاب لا يمل من ترداده وفي ظني ان محمد ضيف الفلسطيني المقيم في غزه لو ترشح اليوم للانتخابات الرئاسية في مصر، لاستطاع ان يكون منافسا جديا لرئيسها الحالي بفضل هذه المعركة، و تفاعل الشعب المصري معها، والاخوان المسلمين في مصر ليس لديهم مرشح في الانتخابات القادمة، ولكن خططهم تقوم على اسقاط عبد الفتاح السيسي لصالح اي مرشح اخر.
لم يعد الوقت يسمح اليوم بالحديث عن خلافات داخل محور المقاومة او في نكئ جراح بين الاخوان المسلمين والمقاومين عموما فهذا صوت المعركة الهادر ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

سعاده مصطفى ارشيد -فلسطين المحتلة