عملية طوفان الأقصى كشفت وهن بيت العنكبوت

هو الهجوم الأكبر منذ عقود، مقاتلو حركة حماس تسللوا إلى مستعمرات غلاف غزة، وقتلوا وجرحوا وأسروا المئات من المستوطنين والجنود “الإسرائيليين”، واستولوا على دبابات وآليات تابعة لجيش العدو، وقالت الحركة أن الهجوم جاء رداً على تصعيد الهجمات “الإسرائيلية” في الضفة الغربية والقدس وعلى الفلسطينيين في السجون “الإسرائيلية”، ودعت الفلسطينيين في كل مكان إلى القتال، واعتبرت أنّ اليوم هو يوم المعركة الكبرى لإنهاء الاحتلال الأخير على سطح الأرض.

هذه العملية، والتي كانت من عدة جهات ومن عدة محاور، من البر والبحر والجو، كشفت مدى الإخفاق الأمني لدى العدو، وأظهرت مدى ضعفه وهو الذي لطالما كان يفاخر باختراقه لفصائل المقاومة الفلسطينية، وكشفت الصور والمشاهد الآتية من أرض المعركة، عن هول الصدمة التي عاشها العدو جراء عملية”طوفان الأقصى”، التي باغتته بها حركة حماس فجر السبت، حيث تمكنت من التوغل براً وبحراً وجواً في المستوطنات المتاخمة لقطاع غزة، ونجح مقاتلوها بالتسلل إلى معسكرات للجيش في محيط القطاع، وسيطروا عليها لساعات، ونفذوا عمليات إنزال برية في مستوطنات الغلاف، وجرت اشتباكات مسلحة مع بحرية العدو، وأدى الهجوم غير المسبوق إلى مقتل وجرح المئات من “الإسرائيليين”، فضلاً عن عشرات الأسرى من الضباط والجنود، من بينهم قائد المنطقة الجنوبية في جيش العدو الجنرال نمرود ألوني، وقد أكدّت المقاومة أنهم باتوا في قبضتها ونقلوا إلى أنفاق، وأماكن آمنة في غزة، فيما دكت آلاف الصواريخ مناطق مختلفة في “إسرائيل” التي كانت تغط في عطلتها الرسمية يوم أمس.

لقد وجهت هذه العملية ضربة مميتة لجيش العدو وأجهزة استخباراته، حيث أنه لم يكن يتوقع مثل هذه الضربة، التي تميزت بالمبادرة والجرأة العالية وكثافة النيران ونوعيتها، وأصابته بالعمى الاستخباراتي التام، وأُثبتت فشل المشروع الغربي الاستعماري الذي يرعى كيان العدو في مواجهة الحق والثبات القوميين، وأظهرت أن حركة حماس تمكنت من مفاجأة أفضل الاستخبارات وأكثرها خبرة في العالم، والاستهزاء بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط، وأنه تمكن من السيطرة على الحدث لساعات طويلة.

اجتاز المقاومون خطوط الدفاع “الإسرائيلية”، ونفذوا هجوماً منسقاً متزامناً على أكثر من خمسين موقعاً في فرقة غزة والمنطقة الجنوبية لجيش العدو، مما أدى إلى إسقاط دفاع الفرقة، وأظهرت مقاطع فيديو بثتها كتائب القسام سيطرة مقاتليها على مستوطنات في غلاف غزة، وقتل جنود وأسر آخرين والسيطرة على آليات عسكرية “إسرائيلية” وسحبها إلى قطاع غزة، كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى صادمة “لإسرائيل” انتشرت على مواقع إخبارية “إسرائيليين” جلبهم المقاومون أحياء إلى قطاع غزة، وهذا ما أربك العدو وأحرجه إلى حد كبير.

وخاطب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “الإسرائيليين” بقوله أنّهم في حالة حرب، وليست مواجهة أوعملية عادية، وطلب منهم الانصياع لأوامر الجيش وقوات الأمن، بينما أبدى مسؤولون أمنيون كبار مخاوفهم من انضمام المقاومة في لبنان إلى الحرب، وأتت العملية في وقت كان العدو يقول فيه أنّ قواته في أعلى درجات التأهب، تحسباً لعمليات فلسطينية في الضفة أو هجوم من قطاع غزة، وأنّه متأهب أبعد من ذلك لاحتمال اندلاع حرب متعددة الجبهات، لكن الهجوم الذي بدأه المئات من مقاتلي حركة حماس على الحدود، وبدا أنه مخطط له منذ فترة طويلة، أظهر هشاشة غير عادية للجيش “الإسرائيلي” وقوات الأمن والاستخبارات، إلى الحد الذي وصف معه معلقون “إسرائيليون” ما يحدث بأنه حرب عار.

تعددت التوصيفات والتشبيهات لهذه العملية، التي باغتت بها كتائب عز الدين القسام العالم أجمع، فمنهم من شبهها بحرب تشرين الأول 1973، ومنهم من وصفها بالحلم الذي أوشك على أن يتحول إلى حقيقة، واتفق الجميع على أنها كشفت الغطاء عن كذبة متانة الاحتلال الأمنية والعسكرية “الإسرائيلية”، وفي المحصلة فإنّ عملية طوفان الأقصى كشفت وهن بيت العنكبوت.