بالأسماء: مرشّحون رئاسيون ينتظرون اتفاق الغاز

ثلاثة محاور انقسم إليها المجلس النيابي في جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة الأولى؛ المحور الأوّل يُشكَّلُ من حزب الله وحلفائه في الثامن من آذار والتيار الوطني الحرّ، المحور الثاني هو الذّي انتخب مرشّح الولايات المتّحدة العلني الأوّل ميشال معوّض، والمحور الثالث هو تكتّل التغيير الذي انتخب المرشّح المدعوم فرنسيًا سليم إدّة.
هذا المشهد أفرز التالي: بإمكان حزب الله وحلفائه أن يذهبوا جميعًا نحو رئيس يتوافق عليه ثلاثة أطراف أساسيين، حركة أمل، حزب الله، والتيار الوطني الحر. هذا الأمر يُعدّ اليوم غير ممكن بسبب التباعد الكبير بوجهات النظر بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب جبران باسيل، إضافةً لعدم تبنّي حزب الله لأي مرشّحٍ حتى الساعة.
وصول عدد الأوراق البيضاء إلى 63 في الجلسة الماضية، مرجّح أن يرتفع إلى 64 في الجلسة المقبلة (بانتظار بتّ المجلس الدستوري بالطعون الإنتخابية). وإن ذهب حزب الله وحلفاؤه فعلًا إلى خيار الورقة البيضاء، دون التصويت لأي مرشح فعلي، فإنّ هذا لا يُترجمُ سوى بأن الأمور لا تزال أمام التوافق. هذا طبعًا إن حصلت جلسة الخميس ولم تؤجّل نتيجة تزامنها مع ذكرى 13 تشرين التي تعمّد الرئيس بري تحديد الجلسة في يومها.
وبعيدًا عن الحسابات، يمكن تفنيد المشهد على أن الجلسات الأولى هي جلسات حرق لا انتخاب، وأن اعتماد الورقة البيضاء من قبل نصف المجلس تقريبًا يعني أن الأمور لم تنضج بعد.
على المقلب الآخر هناك من سقط باعتماده اسمًا معيّنًا، ولا سيما أولئك الذين ساروا بخيار ميشال معوّض، وأخفقوا بإقناع من يرون أنهم يتشاركون معهم بنظرتهم “السياديّة”. خيارهم هذا لم يكن سوى خيار حرقٍ وابعادٍ لاسم معوّض من السباق، هو المؤهل للرئاسة كأهلية الرئيس ميقاتي لمكافحة الفساد!
المعلومات تشير بوضوح أن ميشال معوّض ليس المرشّح الفعلي لمعسكر الولايات المتحدة في لبنان، إذ يروّج أكثر من سفير أجنبي في بيروت وفي مجالسهم الخاصّة اسم وزير المالية السابق جهاد أزعور والذي يشغل اليوم منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. جسّ النبض هذا يعني ببساطة أنّ المراحل الانتخابية المقبلة ستشهد على مرشحين أكثر جدية، دون أن يملكوا بالضرورة حظوظًا فعلية لبلوغ قصر بعبدا. الفرنسيون من جانبهم لا يمانعون وصول أزعور، هم الذين يبحثون عن ضمانات لمصالح توتال بعد أن يصبح اتفاق الغاز أمرًا واقعًا.
وسطيًا، قائد الجيش لا يبدو خيارًا بعيدًا، وقد يكون نقطة التقاء بين المحاور، لا سيما أنّه يلقى دعمًا مصريًا كبيرًا، قد تنجح مصر مع الوقت في تأمين دعم سعودي له أيضًا. من جانب حزب الله قد يُعتبر القائد ضمانة للثوابت الأساسية وأبرزها مسألة السلاح، اذ أنّه نجح في إحداث توازن بين الدعم الأميركي للمؤسسة العسكرية وبين عقيدتها المواجهة للعدو، إضافةً للتنسيق بين قيادة الجيش والمقاومة الأمر الذي لم يسمح لمشاريع المواجهة بينهما أن تنجح!
في المحور المناوئ لمن سيتبنّى مرشّح صندوق النقد الدولي، هناك من لم يتبنّ أي مرشّح بعد، وهنا يكمن الهمس.
ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية سيكون أمرًا واقعًا في المراحل المقبلة، في حين يبدو تبنّيه من قبل حزب الله أمرًا ليس مضمونًا بعد، اذ إن الحزب لا يمكن له تبنّي ترشيح أي شخصية دون ضمان وصولها، كون هذا سيُسجلّ انكسارًا وربّما هزيمةً سياسية.
في هذا الإطار يدور بعض المرشحين على المرجعيات السياسية مسوّقين لأنفسهم، والبعض لم يدرِ بعد باحتمال ترشيحه.
وزير الداخلية السابق مروان شربل، الملقّب بأبو ملحم نسبةً لسياسة تدوير الزوايا و”تبويس اللحى” التي اعتمدها في معالجة ملفات الوزارة، لا يبدر خيارًا مستبعدًا، وبالإمكان درسه.
وبعد سليمان فرنجية ومروان شربل وقائد الجيش جوزيف عون، قد يشهد السباق الرئاسي تبنّي بعض الكتل ترشيح شخصيات بقيت لفترة بعيدة عن الضوء، أحدها هو وزير الإتصالات السابق جان لوي قرداحي، الذي ترك انطباعًا ايجابيًا لدى تولّيه الوزارة، كما أنّه يعيد اللبنانيين بالذاكرة إلى عهد الرئيسين إميل لحود وسليم الحص الذي نجح في حينه في وقف تصاعد الدين العام.

كل هذا لن “يُقرّش” رئاسيًا قبل الإعلان عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو، وهو ما سيرسم ببساطة معالم المرحلة المقبلة، ومنها اسم رئيسي الجمهورية والحكومة وسياسة الدولة اللبنانية على كافة الصعد.

ماهر الدنا