سيرة ذاتية مختصرة للدكتورة كفاح سلامة الغصين

عرفتُ اللهَ من أمي

عرفتُ اللهَ من أمي..
فقد كانتْ تلمُّ العشبَ للعنزاتِ
كي تأكلَ،
وتهمسُ: ربُّنا ينظر

وكانت تجمعُ الخُبزات
تقطعُها بسيفِ القلبِ
وتُهديها إلى العصفورِ
وتهمسُ: ربُّنا ينظر

وكان لعابري الحيّ من بركاتِها حظاً
فهم شركاؤنا في الزادِ والدعوات
وكانت كلما ثُرنا على ذلك
تهمسُ: ربُّنا ينظر

عرفتُ الله من أمي
التي كان الندى يجثو على الشُباك
إذ تمضي
يضيءُ البيتُ من بركاتِها
حين يجنُّ الليلُ
من التسبيح ليلَ نهار

بلا صوتٍ ولا صمتٍ
وعقبهُ تُمسحُ الخدين
وتهمسُ: ربُنا ينظر

عرفتُ اللهَ من أمي
التي كان الخريفُ صديقَها الأوفى
ودمعُ العينِ لا يخبو بمقلتها
وحين يستبيحُ السيلُ باب البيت
تهمسُ: ربنا ينظر

عرفتُ اللهَ من أمي
التي غنى لها الحسون
رأيتُ سنابل النعناعِ
تنمو بين كفيها طوال العمر
وكنتُ أرى أصابعها
بساتينَ من الزعتر
وحين أقول: ما هذا..؟
تهمسُ: ربنا ينظر

عرفتُ الله من أمي
التي كانتْ طوالَ الفقر توهمنا
بأنّا أغنياءُ القومِ
وأن اللهَ في الملكوتِ أعطانا فزادَ الكيل
وحين في ثياب البرد نشكو
تشعلُ الزندين
وتهمسُ: ربنا ينظر

عرفتُ اللهَ من أمي
فربُّ العشبِ والخبزات والتسبيحِ
ربُّ السيل والنعناع والزعتر
رأيتهُ دائماً يهدي غيوم العزّ والخيرات
ومنذ رحيلها عني
وقلبي فوق زندِ البابِ
يهمسُ: ربُّنا ينظر