الحزب السوري القومي الاجتماعي يستعيد أيامه العظيمة، يوم الحمرا 2023 أشبه بيوم بكفيا ويوم عماطور 1937

……وزحفت غابات الأسنة تحت رايات الزوبعة الحمراء إلى ساحة خالد علوان في شارع الحمرا، تحيي الذكرى الحادية والأربعين لعملية علوان البطولية التي شقت درب المقاومة الوطنية وتحرير بيروت، العاصمة الأولى بعد القدس التي دخلها العدو الإسرائيلي عند اجتياحه لبنان عام 1982، واندثر منها مذعوراً، فكانت نداءاته وهو يتراجع “لا تطلقوا النار علينا، نحن راحلون”.
يوم الأحد الرابع والعشرين من أيلول أعادت بيروت صوتها الهادر في مواجهة الهزيمة والخنوع والإستسلام وإعادة رهن البلد لخيارات مدمرة مدعومة من قوى الخارج.
بيروت عادت والحزب القومي أيضاً استعاد مواقفه واستعاد نفسه مكرساً خطاباً سياسياً مقاوماً، يتبنى ويكرم فيه مواقف أبطاله في زمن التسويق للتطبيع ولعناوين التقسيم والتهشيم الجاري للمقاومة، وحصرها في نطاق ضيق من المذهبية والطائفية بقصد إضعافها. يأتي خالد علوان وحبيب الشرتوني وحزبهما ليعلنوا أن المقاومة هي ابنة هذه الأمة بكافة أطيافها ومذاهبها، هي صناعة ينسجها الشعب الواحد الموحد في مشروع إستعادة كل الارض والدفع بكل أبناء الوطن إلى خيار مقاومة مشاريع المؤامرات المرسومة، وإلى تثبيت أعمال بطولية سددت ضربات مفصلية للعدو الإسرائيلي وعملائه.
خالد علوان ابن بيروت وبطلها، وحبيب الشرتوني وعمليته التي قضت على المشروع الصهيوني المرسوم للبنان والمنطقة أنذاك على أيدي أهم عملاء تلك الحقبة. وأهمية الوسام (وسام يوسف عظمة)الذي منح للبطلين، وهو أعلى وسام الحزب العسكرية، أكد مدى تقدير القوميين الإجتماعيين لهذين العملين العظيمين، والذين كما قال بيان رئيس الحزب ربيع بنات، أنجزا بنجاح.
ما أشبه يوم الحمرا، يوم خالد علوان وحبيب الشرتوني، بأيام مشهودة في تاريخ الحزب سبق لسعادة المعلم أن أعلنها أياماً عظيمة على الحزب: يوم بكفيا، ويوم عماطور.
في يوم بكفيا، يوم زحفت غابات الأسنة تحت راية الزوبعة، إلى حيث استعرض الزعيم صفوف القوميين الاجتماعيين قبل حفلته الخطابية التي استمرت أكثر من ساعتين، ويومها كان الصدام التاريخي بين قوات الحزب وقوة السلطة السياسية وحراب المستعمر.
واستطاع القوميون الإجتماعيون أن يسجلوا أرقى آيات النظام والبطولة، كما وصف ذلك الحدث يومها سعادة ويقول: الدولة وسلطات الإنتداب قصدت أن تضرب الحزب وتعزز من دور التجمعات الطائفية في بكفيا، وأن يكون الصدام الذي حصل بداية النهاية للحزب، بينما أرادها سعادة تأكيداً على معنى الحياة الجديدة التي فجرها، وإلى تعزيز حرية التعبير عن حاجات الشعب وإرادته.
يقول سعادة نفسه عن ذلك الاحتفال: “لقد ظهرت متانة نظام الحزب وقوة معنوياته بأبرز مظاهرها فهو ظهر تفوقه المعنوي، لأنه لم يكن قادماً لحزب أو لقتال، بل أظهر تفوقاً عظيماً وحمل القوة المسلحة على إحترامه.”
أضاف: “كان لا بد من حدوث من الصدمة، لنعرف كم هو استعداد الحزب لقبول الصدمات والتغلب عليها.” وقد تناوله سعادة عام 1938 في ندائه من الأرجنتين للقوميين، فقال عن حادث بكفيا 1937 أنه قد تم تصنيفه من الأيام التاريخية للحزب “أذكركم بيوم بكفيا”، واضعاً ما تعرض له الحزب من هجوم من القوة الحكومية المسلحة “التي قصدت إنتزاع أعلامكم فأطبقتم عليها” وهو بالحقيقة يوم لم يمر بسلام. فقد حصلت مواجهة كبيرة أثر إنتهاء الإحتفال أظهر القوميون الاجتماعيون فيها بطولاتهم وشجاعتهم وكذلك إنضباطهم.
وأيضاً يتحدث سعادة عن يوم عماطور الشوف عام 1937 أثناء زيارته إلى الشوف، وهي مناسبة عبرت عن نزاع شديد بين الحركة القومية ونفوذ الإقطاعيين والإنتداب: “أذكركم بيوم عماطور. ألم تقفوا في ذلك اليوم تجاه القوة المسلحة المرسلة لتفريق شملكم وبعثرة صفوفكم موقف النظام والطاعة المثلى.” وهنا يقول من وصف تلك الواقعة “كم كانت الدهشة عظيمة عندما تلاقت الوفود من جميع انحاء منطقة الشوف في عماطور تتقدمها أعلامها وتسير بخطى موزونة ، كأنها قطع جبارة من جيش مدرب عظيم “. وهكذا أنذاك وجدت السلطة المحلية بأم عينها أن الاصطدام لن يكون لصالحها، ولم يعد بأمكانها إلغاء المهرجان ووقف إلقاء كلمة الزعيم. . .
ما أشبه الأمس باليوم مجدداً نقول، ما أشبه ما فعلته السلطة السياسية الحكومية اليوم في زمن حكومات الإنتداب بومنا هذا وبقرار منعها إقامة مهرجان المقاومة في الحمرا، تنفيذاً لأجندات بعيدة، مستغلة نوايا محلية لأخصام الحزب، تريد أن تبقي حزب أنطون سعادة العظيم أسير مشاريعها ومشاربها الخصوصية.
فكان تقدم القوميين الإجتماعيين في هذا اليوم وهم لا يملكون إلا مواقفهم الحرة وأجسادهم وأجساد أبنائهم الأشبال الصغار يواجهون بها النوايا والقرارات الجائرة، التي تطال مستقبل حزبهم النهضوي ودوره وتراث هذا الحزب المقاوم بالموقف وبالكلمة وبالبندقية المعقدنة التي ثبت أنها تصنع تاريخاً مجيداً.
اليوم نقول: يوم الحمرا أو يوم خالد علوان وحبيب الشرتوني هو عينه يوم بكفيا، ويوم عماطور عام 1937، يوم كان الحزب ينطلق مواجهاً قوى الإقطاع والطوائف وقوى الإنتداب الذي يحتل الأرض بأيدي سلطة سياسية مرتهنة له.
كانوا في الحمرا كسيل النهر الهادر يستجمعون في وجدانهم كل الإلتزام والإنتظام والإنضباط تنفيذاً لقرار حزبهم. وقد قرر أن يكون قدوته زعيمه وأيام عظيمة في الحزب حفظها التاريخ. والى السلطة السياسية التي كانت ممثلة بالشرطة والجيش، كانت لغة الحزب لهم ورداً قدمه الأشبال، معبرين لهم عظم المودة لكل أبناء هذا الشعب في كل مواقعه، وكما قال سعادة “نحن نكبر بالشعب وليس عليه”.