المليار الذهبي

المليار الذهبي

يكثر الحديث في هذه الايام عن المليار الذهبي، فتشتعل المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن هذا الامر الجلل، ورغم ذلك يشهد بين الموجة والموجة من الهياج خفوتا” وغيابا” مطلقا” مقلقا” من اذهان الناس واهتماماتهم وتجاهلا” دوليا” تاما (20 “دولة تمتلك ادوات تدميرية مثل برنامج هارب harp اي نظام الكتروني قادر على التلاعب بعوامل الطبيعة كالفيضانات والاعاصير والجفاف والزلازل)، وكأنه اطلالة لنجم سينما في احد الافلام الهوليو – بوليودية او اصدار اغنية لأحد او احدى نجمات الغناء المحظيين الذين أصبحوا كالفطر ينبت بين ليلة وضحاها يجيش لهم الاعلام المرئي والمسموع على مستوى العالم بأوامر او إيحاء خفي من الغامض المسير شؤون الكون لكن ليس الذي في السماء ويقدسه بعض البشر او جزء ليس بيسير منهم ،انما المسير القابع في الدهاليز والاقبية العاجية المولود في قصور من مال على بحور من نفط وعاج وقناطير مقنطرة من الذهب والمرمر والياقوت والماء العذب والملح… ويرى كل شيء ويرينا انه يرى ويتحكم تقريبا” في كل شيء.
هذه اللحظوية في التعاطي مع الحدث والحديث عن المليار الذهبي تشتعل مع حدوث امر جلل وتختفي بعد فترة وجيزة تنام على رعب وهول وفظاعة الخسائر البشرية والمادية التي خلفها ثم تنام بانتظار الاستفاقة على حدث آخر، وبين كارثة واخرى بين زلزال وفيضان أو هزة ارضيه او جفاف غير مسبوق أو حرائق تلتهم مساحات بحجم عدة دول اصطنعها اتباع ذاك المتحكم بشكل ما لتكون في أفضل حالاتها ” كالشاهد ما شفش حاجة” كما في عنوان احدى المسرحيات الكوميدية لنجم الكوميديا الكبير عادل امام. بين كارثة واخرى يغشى على ابصار وعقول الشعوب التي شربت او تنتظر لتشرب من هذا الكأس المر ولا خيمة على رأس كبير مهما كبر بلدا” او شعبا” وسنفصل لاحقا”.
وقبل ان ندخل في تفاصيل الموضوع لا بد ان نعرف الموضوع : فالمليار الذهبي ليس امرا” او طرحا” جديدا” على الساحة العالمية انما هو موضوع بعمر “نهضة الغرب ” الاستعماري وتأصل وترسخ مع ظهور الوحش الاميركي البربري بمبدئه الذي لا مبدأ فيه ويقوم على سياسة الفردانية وسياسة (لا مبدأ) دعه يعمل دعه يمر قائما” على عقيدة تفوق الأبيض الغربي مطعمة بعنصرية يهودية متعالية منذ حقارة ووضاعة هذا الكنيس المتحجر الاصل الذين قال فيهم ” نبيهم حزقيال” ليس فيهم صاحب صنعة يسن سكاكينهم فكانوا يسنون سكاكينهم لدى الفلسطينيين او يطهرون اطفالهم بقطع ما ارادوا بالحجر” ويقوم هذا المشروع المليار في الاساس على نصف هذا العدد من الناس تقريبا” ثم عدٌل فيما بعد ليبلغ المليار اي انه بوجود 8 مليار طبعا” من البشر وليس من البهائم وهنا لا بد من ذكر ان استراليا في احدى دراساتها وجدت ضرورة ملحة للتخلص من 60000 او 600 الف (لا اذكر بالضبط )من حيوان الكانغارو لكنها لم تنفذه لكثرة المعترضين وباعتباره عملا” جرميا” يتنافى مع القيم والقوانين والاخلاق وفيها كل الخطر، لكن قتل 7 مليار انسان مسألة فيها نظر.
قلنا ان المشروع ليس وليد الساعة ونتيجة التكاثر الهائل والمبالغ فيه في اعداد الناس التي بدأت تتزايد بشكل مخيف او في اقل تقدير عشوائي وبمتواليات هندسية تتناسب ونظرية البرجوازي ما قبل نهضوي maltus الذي وللأمانة العلمية اصاب في استشرافه وحساباته الدقيقة والعلمية ولكنه خرج عن الاطار في معالجة الموضوع مع انه وضع الاصبع على جرح الزيادة المفرطة اي انه كان بإمكانه ان يعالج العلة من حيث التصويب على الداء ولكنه من الطينة العجيبة ك”اسياد هذا الزمان” والمتحكمين بالكثير الكثير من شؤونه وشعوبه وموارده كانوا كالطبيب الفاقد الضمير الذي يحمل السماعة بيد والمبضع باليد الاخرى يمزق بها جسد المريض ليكسب منه اجرا” اعلى دون عناء البحث عن علاج يداوي المريض بأقل كلفة والم . ف maltus ومن تبنوا نظريته وجدوا ان الحل للحد من تكاثر السكان يتم من خلال تكاثر الحروب والأمراض والاوبئة والعوامل الطبيعية، لذلك كان من المنطقي ان تشجع الحروب وهذا في المتناول آنذاك.، لكن الأمراض والاوبئة مسألة تحتاج الى جهد توصلوا اليه مطلع القرن الماضي وكانت الحصبة الاسبانية التي ازهقت ارواحا” كثيرة بمئات الالاف مع الكوليرا والملاريا التي اهداها الانجليز للأفارقة والاميركيين الجنوبيين في بطانيات الانسانية الزائفة جالبة الموت. اما العوامل الطبيعية فعجزوا عن تطويعها رغم انهم لامسوا اواسط القرن الماضي ذلك مع القنبلة الذرية التي افنت مدينة بسكانها في لحظات وكادت ان تبيد البشرية لو حصل وفتحت الحر ب وضغط الرئيس الاميركي كينيدي الزر النووية في مواجهة السوفيات في كوبا الا ان ” حكمة” الاخير وتريثه ومن ثم توازن الرعب النووي مع السوفيات حال دون استعمال هذا السلاح الذي استدام توازنه رغم غياب هذا القطب الوازن حيث غابت الشيوعية وبقي سلاحها الرادع في روسيا المتوثبة ثم مع الصين وانتشار هذا السلاح بشكل بات استعماله انتحارا” جماعيا’ لا مليار يسلم ولا متحكم حاكم (اميركا المطرقة تحت السدان الورد الشمالي.)
لم تستطع كل العوامل السابقة التي لا بد هي قبل مالتوس وسواه ولا بد من ذكرها وهذه حشرت في سياق الكتاب المقدس “العهد الجديد” عند المسيحيين في مرحلة سابقة بالطبع ليس في مرحلة كتابة الانجيل في القرون الاولى لظهور المسيحية المشرقية مع يسوع الناصري( الى حين اثبات العكس) ونعتقد انها بعد القرن الرابع عشر مع لويس الرابع عشر وتخيير اليهود بين الموت او الرحيل او اعتناق المسيحية التي كانت اهون الشرور حسب ما رؤوا ( وباتت ديدنهم لاحقا” يخترقون بها معتقدات الاعداء) أو على الارجح مع الثورة الكالفينية البروتستانتية وفي ما سمي رؤيا يوحنا التي كانت السباقة في الحديث عن الموضوع اي حوالي 1535م…
مع الانفجار المعرفي بعد الذرة وخاصة اواخر القرن الماضي بدأ العلم يصل الى آفاق بعيدة في السيطرة على عوامل الطبيعة وتسخيرها لمٱربه ومشاريعه البناءة منها والمدمرة وخاصة مشروع المليار الذهبي موضوع البحث، فألبست المشاريع الهدامة لباسا” قشيبة تزين حقارة ونذالة اصحابها في تدمير البشرية وكان اولها مشروع هارب الرهيب الذي يتحكم بالمناخ ويفرض السيول في اماكن وينشر الجفاف في اخرى اضف الى ذلك قوته الزلزالية المتسترة بغطاء علمي كأداة للبحث عن النفط والغاز وما الى ذلك وقد فعل فعله في اماكن عديدة ، ولو وجد اعلام شريف وقوة تواجه في الدول المتضررة لأسقطت عروش وامم الظلام وعلى رأسها اصحاب مشروع هارب والمعامل البيولوجية لتصنيع اوبئة السارس والايدز والانفلونزا على انواعها والاسلحة الجرثومية الفاتكة بالبشر والحجر بالضربة القاضية، ولكن ضعف تركيا وسورية بعد الزلزال مثلا” في المواجهة المباشرة مع امريكا اعلاميا” وعسكريا” حال دون ذلك، وكذلك مع زلزال المغرب وفيضان ليبيا وحرائق الغابات في كندا واستراليا واميركا الجنوبية ولبنان واليونان….
لكن الجديد المفاجيء اكثر هو انطلاق هذه الأسلحة المدمرة وتجربتها في بلاد المنشأ اي اميركا ذاتها او يعود ليستوطن بها وهذا ما حدث بداية مع الايدز الذي قتل الآلاف من الامريكيين وكلف الخزينة مليارات الدولارات لصالح كارتيل الدواء المتحكم في أرواح الامريكيين والعالم دون ان ننسى” فاعل الخير” ملك اللقاحات بل غيتس صانع العلة واللقاح هذا إن نفع ولم يكن مكملا” العلة كما حدث مع لقاحات ايبولا وكورونا….وعانت منه اميركا والصين ومن ثم اوروبا قبل ان يضرب بقية العالم الذي انهار من هول ما رأى هناك قبل ان يصله الداء وداء الدواء ( اللقاح)..
قلنا ان زيادة السكان مبالغ فيها وصحيح ما قاله مالتوس في جانب منه مع كل الاعتراضات عليه ممن انتقدوا نظريته، وحينها لم يكن قد بلغ تعداد السكان النصف المليار، فماذا سيقال لأصحاب المليار الان وقد بلغ التعداد السكاني الثمانية مليارات نسمة، وفي تزايد مخيف يستنزف فعلا” الماء العذب والهواء النقي ويلوث الانهار والينابيع والموارد المعدنية، ويهشم جوف الارض ويعرضها الى جانب العوامل الطبيعية لعوامل فوق طبيعية من صنع البشر. نقول ان غلبها من صنع اصحاب الشركات العملاقة ومصادر النفط والطاقة ودخان المصانع الملوثة والمفاعلات النووية والطائرات والصواريخ التي فوق قوتها التدميرية لما ذكرنا تعمل على الوقود المسال الملوث والملوث (بكسر وفتح الواو). نقول لو سمح باستغلال الأراضي الزراعية في بعض الدول كالسودان والصومال وأثيوبيا دون سواهم لزال الجوع من العالم، ولو اقفلت معامل التدمير والاسلحة والاعتداء على الغابات كالأمازون وسواها. لعاشت المليارات بأمان…. لكن ذلك لا يبرر هذا الانفجار وبعض الموارد بدأت تنضب او تقل عن حاجة الناس لها وتكاد تصبح كماليات او لاستهلاك النخبة فقط مع انها اساسا” انتاج فقراء مزارعين.
نحن مع الحد من هذا الانفجار السكاني الهائل ولو عدت الدراسات والنظريات التي عالجت هذا الامر ووضعت الاصبع على الجرح وعددت بعلمية العوامل التي تؤدي الى كثرة الولادات لرأينا انها اجمعت في اغلبها على ان الجهل وقلة المعرفة او العفوية او الايديولوجية الدينية والسياسية في بعض الأوقات لضرورات ظروفها طالبت واغرت تارة بالجنة وطورا” بالنعيم والإراء المادي، وظلت هذه الدعوات سارية وتؤثر نتيجة الجهل وقلة المعرفة في العالم الاسلامي والعربي خاصة ، فيما توقفت في المانيا مثلا” بعد انتفاء الحاجة اليها( دعوات هتلر وحوافزه للإنجاب قبل الحرب العالمية الثانية)، وبالتالي فإن نشر المعرفة والوعي والتعليم كفيل بإزالة هذا العامل والحد من تأثير الجهل السلبي .
أضف الى ذلك عامل البطالة والفقر وهما ايضا” موضع اجماع او شبه اجماع بين الباحثين باعتبارهما من عوامل الزيادة السكانية، واصاب من قالوا ان الحد من البطالة والفقر يحد بشكل كبير واكثر فعالية واخلاقية وانسانية من حبوب منع الحمل والاجهاض ووصف الادوية الخبيثة واللقاحات التي تسبب عقم النساء .ان القاء نظرة على البلدان الفقيرة تثبيت ذلك حيث تكثر الولادات والجوع والفقر والعكس في بلدان العلم والبحبوحة( لن نقول التطور الايجابي لتدهوره وانحداره الاخلاقي) نجد ان معدل الوفيات اعلى من معدل الولادات وبالتالي هنالك حاجة للإنجاب في تلك البلدان يدفع الدول القدرة عسكر يا” على اشعال الحروب والمجاعات لاستقطاب ابناء تلك البلدان.
اما القول بأن هذه العلاجات الاخلاقية لم تنجح في بلدان الطفرات السكانية كالهند وباكستان واندونيسيا والفلبين ومصر وسواهم لم تنجح فهذا ادعاء باطل، وفي استعمال للدراسة بالملاحظة بالمشاركة ( participant observation) الميدانية في دولتين استقطابيتين لأبناء تلك الدول (سلطنة عمان ، والامارات (دبي خاصة) كموضوع دراسة تثبت بوضوح للعيان حجم انخفاض اعداد المواليد الحديثة والنساء الحوامل بنسب متدنية جدا” ومن جميع الجنسيات السابقة الذكر، وإن لم يكن ذلك بعامل الوعي (يحتاج الى اجراء مقابلات) وهو محتمل فإن ذلك حاصل بدافع ظروف العمل واحتلاله حيزا” كبيرا” من وقت ابناء تلك الجاليات وانتشار اساليب التسلية والترفيه الى جانب ارتفاع مصاريف التعليم وتكلفة التربية( وهي شبه اجبارية كحاجة عصرية او افساحا” بالمجال لعمل الوالدين) كلها عوامل تساعد على الحد من الولادات لدى شرائح المجتمع كافة لا الوافدة والمستهدفة بالبحث فقط . ولا حاجة لإحداث كل تلك المجازر التي حصلت من حرائق وزلازل وفيضانات وحروب وامراض واوبئة مفتعلة بخبث وعنصرية تعدت الحيوانية في بربريتها.
ان ما حدث في الغرب من انخفاض في معدل الولادات من الممكن ان ينسحب على دول العالم اجمع وتسقط كل الاعتبارات والمحرضات على الانجاب بمجرد تغير الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية مهما كانت الخلفية المنبثقة عنها مشفوعة بمساعدة الدول المتعثرة على النهوض ورفع مستوى المعيشة والحد من انتشار المجاعة والبطالة.
لا تحتاج عملية الحد من تزايد السكان الى بوارج واساطيل وصواريخ, فرغم فتكها لم تزهق من ارواح البشر اكثر من حروب السيف والترس والمنجنيق التي كانت خسائرها مهولة بفترات وجيزة، ولا تحتاج الى استحضار الزلازل والبراكين ولفيضانات وعوامل الطبيعة المدمرة وهي لا بد حاضرة او تتحضر بين فتر ة واخرى لتعيد التوازن الى جسدها المنهك بعد طول صبر لا على ولادة مليار من هنا او مليون من هناك انما على انتهاك الهة الشر والة استغلال الطبيعة وموارد باطنها بطرق متوحشة جشعة لا تقيم وزنا” او اعتبارا” حتى للأرض التي نبتوا منها وترعرعوا على اديمها واكلوا خيراتها بدلا” ان يأكلوا من خيراتها …وحسابها قادم لا محالة ولن يشفع لهم سلطانهم.
لم يعد هنالك ناس او شعب يمتلك قيم ومبادئ أغلي من الذهب لكي لا تليق الحياة الا لمالك الذهب؟؟؟