يتلقى الاقتصاد “الإسرائيلي” ضربات موجعة يومياً، بسبب تزايد الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وتنامي القلاقل الأمنية، وتزايد حالة الغموض وضعف اليقين وعدم الاستقرار، خصوصاً بعد تبني حكومة نتنياهو المتطرفة إصلاحات يرى كثيرون أنها تمثل اعتداءاً صارخاً على السلطة القضائية، وتحدّ من سلطات المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية في البلاد، وتمنح الحكومة السيطرة على لجنة تعيين القضاة، وتعمّق الفساد داخل الجهاز القضائي والمؤسسات الاقتصادية.
وقد نشرت قناة “كان الإسرائيلية”، استطلاعاً للرأي بشأن الوضع الاقتصادي، أظهر أن 76% من “الإسرائيليين” يعتقدون أن الوضع الاقتصادي في العام الأخير تغير نحو الأسوأ، و أن 12% منهم فقط رأوا أن الوضع لم يتغير، وأن 47% منهم متشائمون.
وكشف بنك “إسرائيل” المركزي مؤخراً، أن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي ستصل إلى 47.6 مليار شيكل (13.2 مليار دولار)، كل عام في السنوات الثلاث المقبلة، في حال تمرير التعديلات القضائية التي تتبناها الحكومة المتطرفة وتصر عليها رغم المعارضة الشديدة من الكيانات الاقتصادية والنقابات وأصحاب ومنظمات الأعمال والجيش، علماً أن تقديرات البنك المركزي تقل عن أرقام مؤسسات عالمية وبنوك استثمار، فمؤسسة موديز Moody’s العالمية توقعت منذ عدة أشهر أن يتكبد الاقتصاد “الإسرائيلي”، خسائر تصل إلى 27 مليار دولار سنوياً في حال تمرير تلك الإصلاحات القضائية التي يمكن أن تضعف المؤسسات وتؤثر سلباً في ملف التصنيف السيادي “لإسرائيل”، كما أكدت وكالة التصنيف هذه، أن خفض التصنيف يمكن أن يؤدي إلى خسارة تصل إلى 5.6% في النمو الاقتصادي مقارنة بالنمو المتوقع.
وأفادت وكالة بلومبرغ الأميركية، بانخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن نشر حكومة العدو، برئاسة بنيامين نتنياهو، منذ بداية ولايتها، حالة من عدم اليقين التام بشأن الاقتصاد “الإسرائيلي”، وأنّ وكالة التصنيف الائتماني الدولي، “ستاندرد آند بورز”، أكدت أنّ الجدل الدائر بشأن التعديلات القضائية قد يعرّض النمو الاقتصادي “الإسرائيلي” للخطر، وقد نقل موقع “radio103fm” “الإسرائيلي”، في منصة “أكس”، عن كبير الاقتصاديين السابق في وزارة المالية، يوئيل نافيه، انتقاده أداء الحكومة، قائلاً إنّها “لا تعمل لمصلحة الاقتصاد الإسرائيلي”، وكان “بنك إسرائيل” حذّر، في آب/أغسطس الفائت، من اشتداد حالة “عدم اليقين القائمة بشأن انعكاسات الفوضى، التي رافقت إقرار التعديلات القضائية، إلى جانب إمكان استمرار زيادة أسعار الفائدة وتباطؤ النمو في العالم”.
ويعزو بعض المحللين الاقتصاديين تراجع الاستثمار المباشر في “إسرائيل” إلى سببين، الأول انتشار الاحتجاجات ضد خطّة التعديلات القضائية، التي طرحها نتنياهو، والثاني تصاعد العمليات ضد جنود العدو في الضفة الغربية، كما أكدت وكالة التصنيف الائتماني الدولي، “ستاندرد آند بورز”، أنّ الجدل الدائر بشأن التعديلات القضائية قد يعرّض النمو الاقتصادي الإسرائيلي للخطر، وحذّر مستثمرون ومحللون إسرائيليون، في وقت سابق، من أنّ الاقتصاد “الإسرائيلي” قد يشهد تراجعاً في تصنيفه الائتماني، وتقلّص حجم الاستثمار الأجنبي فيه، بالإضافة إلى أداء أضعف لقطاع التكنولوجيا، إذا استمرّت الاضطرابات الناجمة عن التعديلات القضائية المثيرة للجدل.
وإذا أخذنا بالاعتبار خسائر الأسابيع الماضية، فإن إجمالي خسائر الاقتصاد “الإسرائيلي” ستتضاعف، وهناك الكثير من رجال الأعمال والشركات سحبوا أكثر من 3 مليارات دولار من البنوك خلال 6 أسابيع، وحولوها إلى الخارج، كذلك فعلت شركات استثمار وتقنية وتكنولوجيا معلومات أجنبية ومدخرون أفراد، وفي نفس الوقت نشهد تراجعاً مستمراً في قيمة الشيكل وبورصة تل أبيب، بالتزامن مع هروب استثمارات أجنبية ونقل شركات أجنبية و”إسرائيلية” أنشطتها إلى الخارج كشركة “ريسكيبيد” للتكنولوجيا، وشركة الأمن السيبراني “ويز” التي حولت أموالها إلى حسابات مصرفية في دول أخرى.
في الخلاصة فإنّ الوضع الاقتصادي في “إسرائيل” يتدهور بشكل مستمر، وسيشهد المزيد من التدهور، بسبب إصرار الحكومة على تمرير إصلاحات القضاء.