يهمّ موقع “صباح الخير” التّأكيد على أنّ المقالات المُزيّلة بأسماء كتّابها، تُمثّل رأيهم وليس بالضّرورة رأي الجريدة.
لا أحد في لبنان يتأفف من أزمة النازحين الفلسطينيين والشاميين ويشن حملات عنصرية ضدهم، يوازي الأوساط المناهضة للوطنيين والمقاومين اللبنانيين، سواء كانت هذه الأوساط من القوى الانعزالية واليمين الماروني أو من الأوساط التي تتحدث بمنطق طائفي لاحتكار تمثيل اللبنانيين من طوائف معروفة، ولم تكتف الأوساط المذكورة بالتأفف السياسي فقط بل راحت تحوله إلى برنامج عمل على الصعيدين المحلي والخارجي معززا بمنابر وأصوات إعلامية تصحو وتنام على هذه النغمة.
من المؤكد أن لا أحد مهما بلغت مشاعره وثقافته القومية والوطنية والأممية، لا تخامره الرغبة في وطن مهما كان صغيرا بأن لا يجد نفسه في أجواء من هذا النمط مفتوحة على تجاذبات إقليمية ودولية خطرة، لكن المسألة أولا وأخيرا أبعد من رغبات في إقليم ولد من قلب النار التي أشعلتها اتفاقية سايكس بيكو على إيقاع وعد بلفور، وكانت وحدة الإقليم السوري التاريخي الاستهداف الأول فيها بعد أن ظل هذا الإقليم عنوانا لحضارة عظيمة امتدت إلى قرطاج في تونس وسواحل الخليج.
ابتداء من الفلسطينيين ومخيماتهم في لبنان، فالمسؤول الأول عن تهجيرهم هو الحليف والصديق والممول الأساسي للقوى الانعزالية وظلالها في الطوائف الأخرى، وكان الأجدر بهذه القوى وظلالها المذكورة أن تتوجه إلى حليفها وصديقها وممولها وتطلب منه الضغط على حليفهم المشترك ممثلا بالكيان الصهيوني للقبول بعودة النازحين الفلسطينيين إلى بلادهم.
ومن المفهوم أولا، للقاصي والداني في لبنان وفي كل مكان أن المقصود بحليف وصديق القوى الانعزالية، هو الثنائي الانجلوسكسوني الأمريكي والبريطاني وبقية الامبرياليين مثل فرنسا وغيرها، إلا إذا كان سايكس بيكو وبلفور يعودون في جذورهم إلى الضاحية الجنوبية أو مخيم جنين أو دمشق.
ومن المفهوم ثانيا، أن القوى الانعزالية وظلالها في الطوائف الأخرى تعرف أن المراكز الرأسمالية وقفت على الدوام سواء في الأمم المتحدة أو عبر الدعم العسكري والاستخباراتي والسياسي مع الكيان الصهيوني المتشدد إزاء عودة نازح فلسطيني واحد من لبنان.
وقد لا تعرف القوى الانعزالية أن حليفها الفرنسي والانجلوسكسوني هو من وقف وراء تأسيس وكالة الغوث الدولية للنازحين الفلسطينيين، رغم أن هناك منظمة دولية واحدة لكل النازحين في العالم، هي المفوضية السامية.
الفرق بين وكالة الغوث والمفوضية، هو في أن الأولى تأسست كوكالة لمساعدة الفلسطينيين على التوطين أيا كان شكله المأساوي كما في حال المخيمات، وارتبطت لهذه الغاية مع بنك الانشاء والتعمير الدولي الذي تديره واشنطن، أما الثانية، أي المفوضية فوظيفتها رعاية لاجئي الحروب والأزمات من أجل تسهيل عودتهم إلى أوطانهم.
هذا عن النازحين الفلسطينيين، أما عن النازحين الشاميين، فمن هو الذي وفر كل الظروف لمغادرتهم بلدهم والانتشار في لبنان كما في الأردن وتركيا وغيرهم، ألم يلعب حليف وصديق القوى الانعزالية الانجلوسكسوني البريطاني ومعه فرنسا والعثمانية الجديدة والكيان الصهيوني وجماعات النفط والغاز الدور الحاسم في تغذية الجماعات التكفيرية وإشعال النار في كل مكان في سوريا وتحويلها إلى ميدان اشتباك مسلح واسع أجبر الملايين على المغادرة هنا وهناك.
وهل تنكر القوى الانعزالية وظلالها تنسيقها مع حلفائها المذكورين لفتح الممرات وإغراق سوريا بالدم والأسلحة، وفبركة الأفلام داخل معسكرات النازحين الشاميين وتصويرهم كجماعات مضطهدة، والارتزاق المادي والسياسي من قضيتهم، فضلا عن محاولة تيار آخر من القوى المشبوهة في لبنان دمجهم في المعادلة الديموغرافية اللبنانية والتعاطي معهم كطائفة لا كمجموعة إنسانية، لإحداث توازن مع البيئة الاجتماعية للمقاومة، سواء كانت شيعية أو غير شيعية.
وما أن دعت سوريا كل اللاجئين الشاميين في الخارج إلى التصويت في انتخابات الرئاسة السورية، وهي تعرف أنهم في ظروف صعبة تحت ابتزاز الاستخبارات الدولية في الدول المضيفة، صوت معظم اللاجئين وبالرغم من الظروف المذكورة للرئيس بشار الأسد، ومنهم نازحو لبنان، فتحولوا بين ليلة وضحاها في خطاب القوى المشبوهة إياها إلى عبء اقتصادي واجتماعي، وصاروا موضوعا للمزيدات والابتزاز.
الدكتور موفّق محادين