على الرغم من وجود اعتراض من بعض الأطراف في الداخل الأميركي حول استمرار التواجد العسكري للجيش الأميركي في سورية ، وهو في الحقيقة احتلال موصوف وليس تواجداً بحسب المصطلح الذي تستخدمه اميركا واتباعها ، شهدت مناطق الشرق السوري عمليات تعزيز للقوات الأميركية المنتشرة في قواعد مختلفة أهمها الرميلان والمالكي والعمر والتنك وباغوز فوقاني والرويشد والشدادي والتنف ، وهنا لا بد من الإشارة الى ان الأميركيين اختاروا مواقعهم بعناية حول آبار البترول والغاز للسيطرة عليها وكذلك المطارات الزراعية التي قامت بتوسيع مدرجاتها لاستقبال الطائرات المروحية المقاتلة أو المدن العمالية التي سطت عليها وكذلك المنتجعات السياحية مثل لايف ستون والذي اقامته الدولة السورية على ضفاف سد الباسل .
وعلى الرغم من اعلان القيادة العسكرية الأميركية ان عدد العسكريين الأميركيين لا يتجاوز ال 500 الاّ ان المعلومات تشير الى حوالي ال 2500 بين عسكريين وخبراء ومتعاقدين مدنيين مع العلم انّ الرقم مرشح للزيادة في المرحلة القادمة .
وبمعزل عن عدد الجنود الأميركيين وهو عدد متحرك صعوداً ونزولاً فالأم هو تحديد مهام هذه القوات التي لم تتغير والمتمثلة بـــــ :
1- تقديم الدعم العسكري واللوجستي للقوات الإنفصالية الكردية التي أمّنت للأميركيين موطيء القدم الرئيسي .
2- نهب المقدرات السورية النفطية والزراعية حيث من المعروف ان منطقة شرق الفرات تحتوي على اكبر أراضي سورية الإستراتيجية الزراعية واهم آبار النفط والغاز العاملة وهو ما يشكل السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية وانعكاسها على الواقع المعيشي .
3- تأمين الدعم المباشر للجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم ” داعش ” الإرهابي
ويبقى ان نشير الى ان أهّم واخطر القواعد الأميركية هي المتواجدة في قاعدة التنف الواقعة على مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية وهي بمثابة العقدة التي تمنع عملية الربط الإستراتيجي عبر الطريق من طهران الى لبنان وهو الطريق الذي يستخدم محور المقاومة بديلاً له عبر معبر القائم – البوكمال ولكنه طريق محفوف بالمخاطر بسبب هجمات تنظيم داعش التي تتحرك في البادية السورية باشراف ودعم أميركي .
ومنذ ال 2017 عام تحرير البوكمال وإحداث الربيط بين الحدود السورية والعراقية من شمال شرق التنف حتى البوكمال لم تتوقف الغارات الأميركية والهجمات الإرهابية على مناطق مختلفة من البوكمال حتى مشارف بلدة السخنة سواء على فصائل عراقية من المقاومة العراقية او على مواقع وآليات للجيش العربي السوري .
في موضوع الغارات غالباً لا تتبنى اميركا ولا حتى الكيان الإسرائيلي هذه الغارات التي تستهدف مواقع حراسة وثبيت أساسية منتشرة على جوانب الطريق باستثناء ان تنظيم ” داعش ” الإرهابي لا يزال يُعلن عن عملياته التي تستهدف غالباً آليات نقل مبيت للجنود السوريين وآخرها كان منذ أيام .
وبالرجوع الى اهداف التحشيد الأميركي التي لم تتغير عناوينها تروّج مواقع الكترونية وعلى رأسها مواقع كردية مركزها الأساسي في المانيا لسيناريو المرحلة القادمة اختصر عناوينه على الشكل التالي :
1- السيطرة بواسطة القوات الأميركية وقوات ما يسمّى ” ب المعارضة السورية ” على كامل خط الحدود بين شمال التنف ومدينة البوكمال السورية لإغلاق الحدود مجدّداً بين سورية والعراق وقطع أي تواصل بين ايران ولبنان عبر سورية والعراق .
2- تكثيف عمليات التحريض للداخل السوري باستغلال الأزمة الاقتصادية وانعكاسها على الواقع المعيشي عبر الدعوة للتظاهر والإعتراض وصولاً الى اسقاط الدولة .
3- انهاء الوجود الإيراني في سورية بالقوة كنتيجة لسقوط الدولة
تستند هذه المواقع في السيناريو الذي تروج له على استقدام الولايات المتحدة الأميركية لحاملتي طائرات الى المنطقة وحوالي 3000 عنصر من مشاة البحرية .
ممّا لا شكّ فيه ان هذا السيناريو يعبّر عن رغبات اميركا واتباعه وهي لم تترك جهداً ووسيلة منذ 12 سنة الاّ وبذلته بهدف تحقيق سقوط الدولة في سورية لكن النتيجة حتى اللحظة تبدو مغايرة لهذه الرغبات .
وممّا لا شكّ فيه ان اميركا تمتلك الكثير من مكامن القوة والأدوات لتحقيق هذا السيناريو لكن السؤال المنطقي والطبيعي : ” هل ان قوى محور المقاومة لم تُعِّد الخطط اللازمة لمواجهة هذا السيناريو ؟ ” .
والجواب هو : ” بالتأكيد هناك الكثير من الخطط التي تتلاءم مع طبيعة الوضع وتعقيداته ، وهي خطط تتدرج برأيي من مستوى المواجهة النقطية البسيطة الى مستوى المواجهة الإستراتيجية الشاملة .
وان كان الهدف الأساسي لأميركا لم يتبدّل وهو أمن كيان العدو ، فإنّه من المؤكد ان أي سيناريو يمكن ان يشكّل خطراً على سورية والعراق وعلى وجودية محور المقاومة سيُقابل بسيناريو واضح المعالم سيكون على رأس أولوياته توجيه الجهد باتجاه الكيان الإسرائيلي المؤقت وايضاً بالتدريج ابتداء من ضربات عكسية مماثلة وصولاً حتى اطلاق المواجهة الشاملة وهي ما يتم الإعداد لها منذ سنوات طويلة واستوفت اغلب شروط اكتمالها من النواحي البشرية والتسليحية واللوجستية وسيضع وجودية الكيان بمواجهة اي مخاطر وجودية تهدّد دول وقوى محور المقاومة .
الخبير العسكري وخريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية عمر معربوني