الحريديم يتجنبون الغوص في وحول التعديلات القضائية

منذ أن بدأت حكومة العدو معركة التعديلات القضائية، شهد الشارع “الإسرائيلي” حالات غليان ومعارضة شديدة لهذه التعديلات، من قِبل معظم القطاعات العسكرية، والاقتصادية، والمالية، والمهن الحرة، بينما بقي مكون أساسي في الحكومة الإئتلافية، وهم الحريديم، خارج هذه المعركة، لا مؤيداً ولا معارضاً.

والحريديم هم طائفة اليهود الأرثوذكس المتشددة، جاؤوا من أوروبا الشرقية، وهم متزمتون دينياً، لا يعترفون بقوانين “الدولة”، ويعتبرون أن التوراة دستورهم، وهم طائفة سريعة النمو، لها مكانة كبيرة في السياسة “الإسرائيلية”، وهذا ما أكسب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أغلبية برلمانية ضيقة، وكون الحريديم متشددين ومتزمتين دينياً، فدورهم الأساسي يتمثل في الاهتمام بالحياة الروحية، ودراسة التعاليم اليهودية، وممارسة طقوس العبادات الدينية.

ومؤخراً بدأ الحريديم يتدخلون في الشؤون السياسية الداخلية، وبجميع تفاصيل الحكم، بشكل مناقض لما اعتمدوه خلال العقود الماضية في هذا المجال، ورغم أن هدف رئيس الحكومة من تلك التعديلات، هو إرضاء حلفائه القوميين، الذين وبفضل دعمهم له، تمكن من العودة إلى رئاسة الحكومة، فإن أحزاب الحريديم السياسية، الذين يشكلون جزءاً مهماً من حكومة نتنياهو، قد تدعم الخطط ضمن قائمة تتضمن أيضا أولوياتها السياسية، واهتمامها بالتعديلات القضائية يكاد لا يُذكر، لا بل تعتبرها سبب أحد أكثر الخلافات الإسرائيلية إثارة للانقسام في “إسرائيل”.

وهناك بند في اتفاق ائتلاف الحكومة الحالية، يعفي اليهود المتدينين المتشددين المعروفين أي الحريديم من الخدمة العسكرية، للسماح لهم بدراسة النصوص اليهودية المقدسة، ويساوي بين الخدمة العسكرية وتعلّم التوراة، كما يكون محصناً وغير قابل للشطب من قبل المحكمة العليا، ويخشى بعض السياسيين من الطائفة، من أنّ هذه الأزمة يمكن أن تعرقل طموحهم نحو إقرار هذا القانون، ويعتبرون أنّ هناك شعور قوي بالأخوة داخل الحريديم، ويواجه تحدياً شديداً من حروب اليهود الدائرة الآن، كما أقترحوا الانسحاب من الإئتلاف الحاكم ( وهو ما يؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو )، إذا لم يتم الوفاء بأولوياتهم، وأنه لا يوجد سبب للبقاء في حكومة لا تعالج هذه القضية، التي هي من وجهة نظرهم القضية الأولى والأخيرة عن سبب مشاركتهم في الإئتلاف الحكومي.

وكان تكتل يهدوت هتوراة “التوراة اليهودي المتحد” والذي يضم أحزاب الحريديم قد قال أنّه لم ينضم إلى الائتلاف، للدفع بتعديل قضائي، لكن لحسم أوضاع طلاب يشيفا ( وهي مدراس تعليم اليهودية )، فيما يتعلق بالتجنيد الإجباري، كما حذر من أنّ عدم تمرير قانون التجنيد، الذي يعفيهم من الخدمة العسكرية، في بداية الدورة الشتوية للكنيست سيؤدي إلى حلّ الحكومة، وهم ينوون تمرير القانون بالقراءات الثلاث، ليصبح نافذاً في بداية الدورة الشتوية للكنيست الذي خرج في عطلة الأسبوع الماضي، بعد انتهاء الدورة الصيفية، ويعود في شهر تشرين الأول، وقدّم يهدوت هتوراة، مشروع قانون أساس “تعلّم التوراة”، الذي يعتبر تعلّم التوراة قيمة أساسية للشعب اليهودي ويُحسب كخدمة مهمة من أجل الدولة والشعب.

ومما لا شك فيه أنّ حجم وقوة الحريديم في ازدياد مستمر، فقد بلغ عددهم في “إسرائيل” مليون ومايتا ألف نسمة، أي 13 % من السكان، ولديهم في الكنيست مع نتنياهو 64 مقعداً من أصل 120، وهذا ما يضعهم تحت مسؤولية جديدة، وأمام لغط كبير يتمثل في سؤال مهم هو : هل سيكون إقرار قوانين عبارة عن إعفاء قانوني للحريديم من الخدمة العسكرية أم أنّه فقط عبارة عن السير في التعديلات القضائية.

في الخلاصة يظهر الحريديم غير مبالين بكل ما يحصل في الكيان المؤقت، ما عدا الشق المتعلق بهم، وهو الإعفاء من الخدمة العسكرية، والمساواة بينها وبين تعلّم التوراة، واعتبار تعلّم التوراة قيمة أساسية “للشعب اليهودي”، وأن يُحسب كخدمة مهمة من أجل الدولة والشعب.