عن التطبيع والمخيم

أعلن رئيس نادي الوحدات (أكبر مخيم فلسطيني في الأردن) أن فريقه سيلعب مع نادي الأهلي الإماراتي، المتهم بالتطبيع مع أندية “إسرائيلية” وذلك بالرغم من المناخات التي أشغلت الرأي العام الأردني والفلسطيني في الأسابيع الماضية وأدت إلى موجة احتجاجات شعبية واسعة امتدت إلى مخيم الوحدات نفسه، والتي أثارها وجود اللاعب، مؤنس دبور، في صفوف نادي الأهلي الإماراتي بعد أن انتقل إليه من فريق (مكابي تل أبيب) والمنتخب “الإسرائيلي”، كما تبين أن نادي الوحدات، وصيف الدوري الأردني، قد أقام علاقة توأمة مع النادي الأهلي المذكور.
بالإضافة إلى البوابة الجديدة للتطبيع وهي البوابة الرياضية التي دشنها نادي الأهلي الإماراتي وجر معه إدارة نادي الوحدات، ما يهمنا من كل ذلك الإشارة إلى خطورة الأقنعة والذرائع التي تقدم لتسويق التطبيع، والتي تقود إلى جذور سياسية وليس رياضية فقط، وكان مهندسها الأول، الروائي الفلسطيني إميل حبيبي الذي استلم جائزة دولة العدو خلال قصفه لبيروت، ودافع عن نفسه بالقول: “أنا إسرائيلي”، كما سبق وشارك في وفد “إسرائيلي” لعقد صفقة الأسلحة التشيكية للكيان الصهيوني.
وكان حبيبي نفسه من دفع الشاعرين، محمود درويش وسميح القاسم (رفيقاه في الحزب الشيوعي الإسرائيلي) للاشتراك تحت علم الكيان الصهيوني في أكثر من مناسبة دولية، بل أن درويش كثيرا ما استخدم الموروث اليهودي في نصوصه بدل الكنعانيات، وبالمثل سميح القاسم في قصيدته التي نعى فيها عددا من جنود العدو كانوا على متن مروحية سقطت في جنوب لبنان، كما كانا (القاسم ودرويش) من أنصار إعلان كوبنهاجن التطبيعي الشهير، ولا ننسى أيضا كيف تم تصعيد عضو سابق في الكنسيت “الإسرائيلي”، هو عزمي بشارة ودعمه لتشكيل مركز دراسات في الدوحة استدرج عشرات المثقفين العرب للثورات الملونة.
وجه الخطورة في كل ذلك، أولا، باستخدام جهة فلسطينية على غرار عرفات وأوسلو لتغطية جهات عربية وإسلامية تنتظر ذلك، وثانيا لتمرير التطبيع بواجهات غير سياسية مباشرة، مثل الغاز والرياضة والثقافة وباسم حوار الأديان (الابراهيمية) وذلك علما بأن المسألة ليست موجهة ضد أهلنا في الـ 48 واللقاء معهم كما سوقها بعض المدافعين عن المشاركة الرياضية مع النادي الإماراتي المذكور سواء كانوا من نادي الوحدات أو من خارجه.
وقد سبق لقوى وأوساط أردنية وفلسطينية في الأردن أن رحبت بفلسطينيين من أهل 1948 مثل حركة أبناء البلد ورمزها الوطني، صالح برانسة، إذا كان موقف أهلنا من الـ 48 واضح وقاطع من كل أشكال التطبيع بما في ذلك المشاركة في انتخابات الكنيست.
أيضا وبالإضافة لانخراط اللاعب المذكور في كرة القدم الصهيونية واشتراكه فيها بما في ذلك المنتخب الصهيوني، فالمسألة في هذه التفاصيل بالذات تتعلق بالنادي الأهلي الذي لا يخفي علاقاته مع أندية داخل الكيان الصهيوني وبقرار التوأمة الذي اتخذته إدارة الوحدات مع ذلك النادي.
إلى ذلك، وفيما يخص المخيمات عموما، ثمة هجوم صهيوني رجعي يستهدف المخيم الفلسطيني تحديدا لتفريغه من بعده الوطني وخاصة بعد الدور البطولي الذي أظهره مخيم جنين وخلق مناخات جديدة لاستعادة البعد الثوري للمخيمات الفلسطينية، بعد أن جرت محاولات معروفة لإغراقها بالجماعات التكفيرية كما في لبنان وسوريا أو بالمخدرات كما في الأردن.
بهذا المعنى لا يمكن النظر إلى قضية نادي الوحدات ومحاولة توريطه في التطبيع عبر الرياضة، بعيدا عن اشتباكات عين الحلوة المفتعلة، بالإضافة للأسباب الأخرى لتلك الاشتباكات، ولا بعيدا عن وقف التداعيات المهمة التي أطلقها صمود مخيم جنين.