تتوالى تداعيات التعديلات القضائية على مختلف القطاعات في كيان العدو، والتي تنذر بالمزيد من الانهيارات، فقد رفع بنك “إسرائيل” (يُعتبر بمثابة المصرف المركزي) مستوى الخطر على الاستقرار المالي، من متوسط منخفض إلى متوسط مرتفع، ويعود سبب رفع هذا التقييم إلى تأثيرات بيئة الاقتصاد الكلي، وأشار خبراء الاقتصاد في البنك عدة مرات، إلى أن الإجراءات الحكومية هي المصدر الرئيسي للمخاطر على الاستقرار المالي في “إسرائيل”، وخاصة خطوات الحكومة المتعلقة بإضعاف الجهاز القضائي، وكان الائتلاف القومي الديني بزعامة رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، قد أقر الأسبوع الماضي، المرحلة الأولى من التشريع التي تحد من صلاحيات المحكمة العليا ( أعلى هيئة قضائية في “إسرائيل” ) لإبطال قرارات الحكومة التي تعتبر غير معقولة، مما قاد إلى موجة من الاحتجاجات على مدى الأشهر الماضية دون ظهور أفق لنهايتها، وتطلق الحكومة على حزمة التشريعات اسم “الإصلاحات القضائية”، لكن المعارضة تقول إن من شأنها “تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية”.
وأشار البنك إلى عاملين ساهما بتراجع النظام المالي، هما استمرار استمرار تشديد السياسة النقدية، أي الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو الاقتصادي في “إسرائيل” والعالم، إلى جانب الصعوبات في النظام المصرفي العالمي، وتبعات الخطة القضائية الحكومية وخاصة ما يتعلق بالأداء الاقتصادي، وحذر من أن تصاعد هذين العاملين، من شأنه أن يشكّل تحدياً للنظام المالي في المدى الزمني المتوسط.
وكان أمير يارون، محافظ بنك “إسرائيل”، قد حذّر من أن أجندة الحكومة يمكن أن تقوض الاستثمار وتشعل هجرة الإسرائيليين المتعلمين، وأنّه من الضروري الحفاظ على استقلال القضاء، كما حذّر مسؤولو القطاعات الصناعية من أن الإضرار بمكانة المحكمة، من شأنه أن يشكل تهديداً وجودياً حقيقياً لصناعة التكنولوجيا الفائقة المجيدة التي تم بناؤها في “إسرائيل” بجهد كبير على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وعادة ما يطلق البنك تقييمه للاقتصاد، مرتين في السنة، يشرح فيه ما يعتبره «تهديدات رئيسية» للاستقرار الاقتصادي “الإسرائيلي”، وفي تقرير له لفت إلى أن انعدام اليقين الذي يحيط بعواقب التغييرات التشريعية المتعلقة بالنظام القانوني في “إسرائيل” على أداء الاقتصاد والنظام المالي كله، رفع المخاطر على المرافق الاقتصادية، ورافقها تراجع سعر صرف الشيكل، الذي أدى إلى ارتفاع التضخم، وانخفاض أسعار الأسهم وزيادة تقلبات سوق العملات الأجنبية والأسواق المالية، كما أشار إلى أن تأثير التشريعات القضائية على الاقتصاد، كان بارزاً في النصف الأول من العام الحالي، وزادت شدته مع زيادة التقدم في التشريعات، وأضاف أنه منذ بداية العام 2023، ورغم الصدمات الاقتصادية العالمية، فإن العنصر الأكثر أهمية في تفسير التطورات السلبية في الأسواق المحلية المختلفة هو العنصر المحلي، وأن التخوف المركزي من خطة إضعاف الجهاز القضائي، هو بتبعاتها في المدى المتوسط والبعيد، وحذر من أن الخطة قد تؤدي إلى تباطؤ النمو، وتراجع ثقة المستثمرين وجاذبية الاقتصاد، وتراجع القدرة بجذب استثمارات أجنبية، وارتفاع تكاليف الدين العام وضرر محتمل لاستقرار النظام المالي، وتوقع تراجع قدرة المدينين في “إسرائيل”، الأسر والشركات، بتسديد القروض، وسيشعر بهذه الصعوبة بالأساس المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة وشركات في فرعي البناء والعقارات.
وأصدرت شركة ناشون سنترال، استطلاعاً كانت قد أجرته، أظهر أن 46 % من الشركات كانت تخطط لاستخراج احتياطيات نقدية من “إسرائيل”، وأنّ أكثر من نصف هذه الشركات تنوي تحويل أكثر من نصف احتياطياتها إلى الخارج، وأنّ 42 % منها تفكر في نقل تسجيلها إلى بلد آخر، و27 % في نقل الموظفين إلى الخارج، كما أظهر استطلاع أجرته «سلطة الابتكار الإسرائيلية»، أن 80 % من الشركات الناشئة التي تم تأسيسها حتى الآن هذا العام قد تم افتتاحها خارج “إسرائيل”، وأن الشركات تنوي أيضاً تسجيل ملكيتها الفكرية المستقبلية في الخارج، مما سيؤدي إلى ضربة شديدة “لإسرائيل”.