قدرات جيش العدو تتراجع

ألقت أزمة التعديلات القضائية في كيان العدو، بظلالها على كل القطاعات، وكان للجيش الحصة الأكبر، فقد قام عدد كبير من العناصر، وبالأخص في سلاح الجو، برفض الخدمة في صفوف الاحتياط، كرد فعل على المصادقة على إلغاء ذريعة عدم المعقولية (قانون يحدّ من صلاحيات المحكمة العليا، ويحرم المحاكم من إمكانية شطب قرارات تتخذها الحكومة والوزراء، حتى لو كانت غير منطقية)، ويتخوف المسؤولون أن تتسع هذه الظاهرة، فتصل إلى صفوف الضباط الموجودين في الخدمة الدائمة، وبلغت ظاهرة رفض الخدمة ذروتها، عندما أعلنت حركة الاحتجاجات “إخوة في السلاح”، أن نحو 700 عنصر في الاحتياط في سلاح الجو، هددوا بوقف خدمتهم العسكرية في أعقاب المصادقة على قانون إلغاء ذريعة المعقولية، وقد نفذ هذا التهديد، 230 طياراً نشطاً في الأسراب العملياتية، و 80 مدرباً في مدرسة الطيران و 180 عنصراً من مقر العمليات، وقاموا بالتوقف عن الخدمة.

ونقل موقع صحيفة “يسرائيل هوم” الإلكتروني، عن مسؤول أمني “إسرائيلي”، عن خلفية اتساع رفض عناصر الاحتياط في الجيش ، وخاصة في سلاح الجو، إنه لا يتوقع الآن حدوث تراجع في قدرات “إسرائيل” العسكرية في عمليات ضد غزة أو جنين، وإنما في حالة حرب واسعة فقط.

ومن المتوقع أن يُعقد اجتماع للمجلس الوزاري “الإسرائيلي” المصغر للشؤون السياسية والأمنية “الكابينيت”، في السادس من شهر آب المقبل، حيث سيتم إحاطة الوزراء بشكل كامل، ولأول مرة، بحجم عناصر الاحتياط الذين يرفضون مواصلة الخدمة العسكرية احتجاجاً على تقدم خطة إضعاف القضاء، ومدى تأثير ذلك على كفاءات الجيش، وقال وزراء في “الكابينيت” إنهم سيطالبون بالاستماع إلى موقف الجيش، وجهات أمنية حيال التعامل مع ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، وبالموازاة مع اجتماع “الكابينيت”، ستعقد لجنة الخارجية والأمن في الكنيست اجتماعاً سرياً بحضور وزير الأمن، يوآف غالانت، الأسبوع المقبل، سيتمحور حول كفاءات الجيش الإسرائيلي، في أعقاب احتجاجات عناصر الاحتياط ضد خطة إضعاف جهاز القضاء.

ويعتقد المسؤولون في جهاز الأمن “الإسرائيلي”، أن كفاءات “الجيش” ستتراجع، ونشر معهد دراسات الأمن القومي تحذيراً استراتيجياً غير عادي، شرح فيه ما يمكن أن يحدث إذا استمر الترويج للتعديلات القضائية، وأكّد أنّ الضرر الذي يلحق بالأمن القومي “لإسرائيل” حقيقة واقعة، والاضطرابات الشديدة التي يمر بها “الجيش” التي تقوض أسس “الجيش الشعبي”، وتآكل الردع ضد “أعدائنا”، وتقويض العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة، ضعف الاقتصاد وخاصة التكنولوجيا العالية، تعميق الانقسامات في المجتمع وإضعاف الصمود.

لقد أصبحت الخدمة العسكرية في “جيش” العدو، خط المواجهة في الانقسام الداخلي في “إسرائيل”، وسيتفاقم هذا الانقسام، إذا كانت الجلسة القادمة للكنيست ستركز على صياغة مخطط التجنيد، والذي سيعفي القطاع الأرثوذكسي المتطرف من الخدمة في الأجهزة الأمنية، ومن المتوقع أن يلحق الضرر بكفاءة التشكيلات الأساسية في الجو، والاستخبارات والعمليات الخاصة ووحدات النخبة، كل ذلك يساهم في تراجع قدرات وكفاءات هذا “الجيش”.

ويعتبر الكثير من المسؤولين العسكريين، أنّ “إسرائيل” تواجه خطر من عدة جبهات، بينما أعداؤها يتمتعون بالأمن بسبب هذا الضعف، وفي نفس الوقت فإنّ هيئة الأركان العامة للجيش “الإسرائيلي” لا تستطيع التعامل مع هذه المشاكل، وهي لا تحظى بدعم المستوى السياسي أو الاهتمام المناسب، حتى في حالة وجود جنود الاحتياط في حالة الطوارئ، سيكون من المستحيل إصلاح الضرر الذي يلحق بالكفاءة وتماسك الوحدات والشرعية الأساسية للعملية.

وتفاقمت في الفترة الأخيرة، التهديدات الأمنية “لإسرائيل”، فإيران تمثل التهديد الأكبر، وهي التي استفادت من تراجع كفاءة الجيش “الإسرائيلي”، والإضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وتشجعت على مواصلة سياستها وتقوية شعورها بالأمن بعدم وجود تهديد حقيقي لتقدمها في البرنامج النووي، والمقاومة اللبنانية في الشمال تتحدى “إسرائيل” وتثيرها، فوجود رجال المقاومة على طول الحدود، ووجود بعضهم في نقاط المراقبة، يزيد من التوترات مع الجيش “الإسرائيلي”، إضافة إلى ارتفاع حملة التوعية التي تقودها هذه المقاومة، كتوزيع مقاطع فيديو عن مناطق محتلة في شمال “إسرائيل”،

وفي الضفة الغربية تكررت الهجمات والعمليات العسكرية، وتطورت قدرات المقاومة الفلسطينية، وقد بدا ذلك جلياّ في جنين ومخيمها مؤخراً، وفي غزة برز تطور القدرات الصاروخية، كماً ونوعاً.