منذ أسابيع والقوات الأوكرانية تحاول اختراق خطوط الدفاع الروسية والنتيجة الفشل تلو الفشل ، فشل مصحوب بخسائر كبيرة في الأفراد ومجازر غير مسبوقة في الدبابات والمدرعات لدرجة ان دبابات ليبوبارد التي أرسلت الى أوكرانيا والبالغ عددها 18 دبابة دُّمِرّت كلها ، إضافة الى اكثر من ثلث عربات البرادلي الأميركية وعشرات المركبات المدرعة الغربية .
اقتباسات :
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال إن بلاده تقترب من لحظة تكثيف العمليات الهجومية المضادة.
مساعد وزير الدفاع الأوكراني السابق أوليكسي ميلنيك قال:
من المبكر جدا أن نتوصل لهذه الاستنتاجات، الانتصار لن يكون سريعا، فالعدو قوي جدا.
تنقصنا القوة الجوية، لذلك سنشهد معارك ضارية، لكننا سننتصر.
المستشارة السياسية في مركز الدراسات الدولية إيلينا سوبونينا قالت:
من المستحيل على أوكرانيا اختراق الآن التحصينات الروسية، فكييف هجومها المضاد بطيء جدا، ولم ينجح حتى الآن.
القنابل العنقودية، لن تغير موازين القوى على الأرض، فهي تؤثر على المدنيين، ولكنها لا تؤثر على مراكز الدفاع الروسية.
ومن واشنطن، قال مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، الجنرال مارك كيميت:
ما أنتقده من جانب السياسيين، هو تحدثهم عن إنجاز الأمور بسرعة، لكن المحنكون يعلمون أن اختراق التحصينات يستغرق أشهر طويلة.
قبل بدء الهجوم الأوكراني المضاد كنتُ من بين مجموعة من الخبراء قد توقعنا حدوث ما اسميته حينها ب ” مفرمة اللحم ” وهو ما حدث بالضبط حيث تجاوزت خسائر القوات الأوكرانية ال 25 الف بين قتيل وجريح وذلك بسبب معرفتنا المسبقة بما قام به الجيش الروسي من إجراءات دفاعية مستفيداً من خسارة “خاركوف” حيث انتقل الجيش الروسي على كل محاور الجبهة الى الدفاع الصلب والنشط ودفع وحدات محدودة الى الهجوم وتقدّم بشكل بطيء على محاور “سوليدار” و”ارتيوموفسك” وكسر خط الدفاع الصلب للقوات الأوكرانية.
بالنظر الى حجم وشكل العمليات الهجومية الأوكرانية، من الواضح ان رئاسة الأركان الأوكرانية نفّذت نفس الأنماط التي استخدمتها في هجوم “خاركوف” بدفع قوّة كبيرة بين لواء مشاة ميكانيك الى لوائين على محور واحد في محاولة لإحداث الصدمة وتحقيق اختراق تكتيكي ومن ثم دفع القوات لتحقيق اختراق عملياتي .
حينها كانت الخطة الأوكرانية طموحة وسوريالية الى حد كبير حيث تم الترويج بأن الهدف هو الوصول الى شواطيء بحر آزوف وتحديداً الى مدن وموانيء ماريوبول وبرديانسك بحيث يتم تنفيذ المرحلة الأولى بداية بالوصول الى “فولنافخا” على اتجاه “اوغليدار” بعمق 30 كلم والى “بيلماك” على اتجاه غرب “اوغليدار” بعمق بين 20 الى 30 كلم والى “توكماك” على اتجاه “اوريخوف” بعمق 30 كلم.
حينها قلنا : اذا لم تحقق القوات الأوكرانية هذه الأهداف فإن الخسارة ستكون كبيرة جداً وغير متناسبة مع الإمكانيات التي تم حشدها سواء على المستوى العسكري او على المستوى المالي.
وما حصل حتى اللحظة من فشل ذريع سيتكرر في المستقبل حيث ستصطدم القوات الأوكرانية بخط الدفاع الروسي المشكّل على الشكل التالي :
1ــ مفارز استطلاع وصد خفيفة متحركة على حافّة المنطقة الرمادية تتم تغطية عملياته بغطاء جوي من طائرات الدعم القريب ( سو-25 ) والحوامات القتالية ( كاموف – 52 و مي 28- ومي – 24 ).
2ــ حقول الغام ثابتة وأخرى يتم زرعها بعد اضطرار مفارز الاستطلاع والصد للتراجع بواسطة منظومات صاروخية من بينها صواريخ اوراغان وتورنادو – S وتورنادو G.
3ــ حقول مزروعة بأهرام اسمنتية (أنياب التنين) لإعاقة الدبابات يسبقها ويليها خنادق إعاقة ملاصقة من الأمام والخلف.
4- خنادق إعاقة للدبابات والآليات لا يمكن عبورها الا بجسور.
5ــ خنادق الدفاع الأول والثاني وهي خنادق لولبية تحتوي ملاجيء للأفراد وغرف قيادة وسيطرة ومراقبة مدعومة بدبابات ومنصات مضاد للدروع بشكل كافٍ.
6ــ مجموعات الإسناد الناري القريب (هاونات وهاوتزرات خفيفة) والبعيد (مدفعية محمولة وراجمات صاروخية بعيدة المدى).
ويبقى ان سبب الفشل الأساسي هو التفوق الروسي في القدرات النارية والتي باتت باغلبها تستخدم أسلحة دقيقة سواء المضادة للدروع او الحوامات القتالية او حتى قذائف كراسنوبول المدفعية الدقيقة آخذين بعين الإعتبار ان الجيش الروسي يمتلك مخزوناً كبيراً من الأسلحة التي لم تُستخدم بعد كالقنابل العنقودية التي بات استخدامها وارداً بعد تزويد أوكرانيا بمثيلتها الأميركية إضافة الى القنابل الإستراتيجة بزنة تصل الى 5 أطنان واكثر حيث سيكون استخدامها وارداً على تجمعات القوات الأوكرانية اذا ما استدعى الأمر ذلك .
الخبير العسكري وخريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية عمر معربوني