الثامن من تموز، تأكيد وترسيخ لمفهوم الفداء

الثامن من تموز، تأكيد وترسيخ لمفهوم الفداء

لم نكن يومًا تلامذة سعاده فقط، فنحن ورثته بالدم والفكر والروح، وورثته يملؤون أرجاء الأمة، متواجدون في كل ساح، يلبون نداء الواجب متمنطقين بالنظام.
لقد نثر طائر الفينيق أجنحته على تراب هذه الأمة فأزهرت جبابرة السوريين القوميين الاجتماعيين، الذين يسيرون تحت بيارق الزوبعة الحمراء على نهج سعاده، يقاتلون دفاعًا عن أرض وشعب وحقوق وثروات كل الأمة السورية بكل إيمان وعزيمة صادقة.
وتقتضي الضرورة اليوم إعادة استذكار ودراسة الأسباب التي أدت لصدور قرار اغتيال الزعيم أنطون سعاده، والذي لم يكن اغتيالًا شخصيًا مطلقًا، فقد أراد العملاء وتجّار السياسة الرخيصة اغتيال حركة نضالية وفكر عقائدي وأهم مشروع نهضوي يوحّد الأمة والمجتمع.
لقد اتُخذ قرار الاغتيال من قبل جهات إقليمية ودولية، وكانت أسبابه محاربة أنطون سعاده لاتفاقية سايكس-بيكو، ورفضه قيام دولة يهودية في جنوب الأمة السورية (فلسطين)، ومطالبته بمنع مرور أنابيب النفط للشركة الامريكية تابلاين، بالإضافة إلى سعيه لإنشاء جيش قومي لتحرير فلسطين، وتأسيس مجتمع قومي مدني ديمقراطي، فيصبح بذلك هذا المجتمع عصيًا عن اختراقه واحتكاره وتطويعه لإرادات خارجية، فظنّوا أنّهم باغتيال الزعيم يكونون قد تخلصوا منه وقضوا على مشروعه إلى الأبد، لكن ما حصل أنّ ذلك كان مجرد البداية التي انطلقت لحظة إطلاق رصاصاتهم، وأعلنها بقوله :”انا أموت ولكن حزبي فباقٍ”. والحقيقة أنّ الرصاص لا ينهي إلا حياة الجبناء أما الأبطال العظماء فيخلدون.
لقد أبرز استشهاد انطون سعاده روحية الزعامة الجديدة المبنية على القول والفعل والقدوة، وشكّل وصمة عار على جبهة المحكمة وإدانة للمحاكمة ذاتها، ونصوص القانون كافة لم ولن تكون قادرة على ستر عورة هذا الاغتيال الخسيس.
إنّ إحياء ذكرى الفداء الجليلة الاستثنائية التي لها جدارتها ليس فقط لدى الرفقاء القوميين الاجتماعيين، بل عند كل المؤمنين بأحقية الصراع والمقاومة والحرية والسيادة في هذه الأمة. وإن إحيائها يعيد لنا تجديد التأكيد لمفهوم الفداء المسند لحتمية الانتصار، وبعد عودتنا لساح الجهاد وتموضعنا في الصفوف الأمامية على مسافة صفر، نحن بأمس الحاجة إلى المزيد من ترسيخ مفهوم الفداء وإعادة الاعتبار لرمزية الفدائي، هذه الرمزية التي يحاول البعض تمييعها وجعلها أسطورة بالية وحكايات تاريخية قضى الزمان عليها. نحن بلا شك مستمرون في عملنا القومي وحدّدنا موقع الانطلاق وبدأنا، وما عاد يهمّنا فرسان الثرثرة ولا أبطال الكلام، فالغاية أعمق بكثير وسنظل ثابتين راسخين على الفكر والعقيدة القومية خارطة لطريقنا، عاملين لمصلحة الحزب والأمة ولصيانة النهضة، فخورين برفقائنا الذين كانوا طليعة المقاومة الجدية في هذه الأمة، فكانوا أوّل الاستشهاديين ضد الاحتلال الصهيوني، وفخورين برفقائنا الذين يناضلون ليستمر حزب سعاده كما أراده سعاده، حزبًا للشعب، فاعلًا ومساهمًا للتصدي للمشاريع والمخططات، حاضرَا في كل معارك البطولة، مكرسًا جل جهوده للشأن القومي.
ألف تحية لشعبنا الجبار في فلسطين وغزة وجنين وكامل أرضنا المحتلة، فبطولاتهم حبر مقدس للانتصار.