أوجاع جسديّة عصيّة على التشخيص الطبيّ.. كيف السبيل إلى التخلّص منها؟

أوجاع جسديّة عصيّة على التشخيص الطبيّ.. كيف السبيل إلى التخلّص منها؟

هل سبق لك أن شعرت بآلام فقصدت الطبيب وأجريت الفحوصات ولم يظهر سبب محدّد لتلك الآلام؟ هل سمعت بأحد الأشخاص الذين انتقلوا من طبيب إلى آخر لمعرفة سبب الآلام وأجمع الأطباء على أنهم لا يشكون من أي مرض؟ هل عرفت يومًا شخصًا كان مصابًا بمرض ما وساءت حالته فجأة دون سبب واضح؟
العقل والجسد مرتبطان، فهناك أمراض سيكوسوماتية تظهر على شكل أعراض وآلام جسديّة دون مسبّب فيزيولوجي ولا تستجيب للعلاج الطبّي الدوائي، وتكون نتيجة إحكام التوتر والقلق والضغوطات العاطفيّة النّفسيّة قبضتها على العقل لتفرض آلامًا عضوية يشعر بها المريض حقًّا، فيشكو من أوجاع جسديّة تبدو عصيّة على التشخيص الطبّي.
وتُعدّ أكثر أعراض الاضطراب النفسي – الجسدي شيوعًا على الجسد هي الصداع وآلام المعدة والإرهاق. كذلك قد يظهر الاضطراب بطرق مختلفة مثل صعوبة النوم والتركيز وتذكّر الأشياء، وقد يشمل الأعراض التالية أيضًا: ارتفاع ضغط الدم، خفقان القلب، تساقط الشعر، قرحة المعدة، كثرة حبّ الشباب، تعب، ضعف الأظافر، مشاكل في المعدة مثل عسر الهضم، آلام العضلات، التهاب الجلد أو الاكزيما أو الصدفية والأرق.
أمّا أسباب الاضطرابات النفسية الجسدية، والتي قد تختلف من شخص لآخر، فقد تكون ناجمة عن:

  • الخوف والقلق، سواء من وجود تهديد خارجي فعلي، أم خوف من خسارة أو فقدان أو قلق نتيجة صدمة أو سوء معاملة أو ظروف اجتماعية واقتصادية شائكة.
  • ضغط عاطفي: فيصاب عادة بأمراض جسديّة بعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عاطفيّة لم يتمّ حلّها أو واجهوا شعورًا بالرفض سواء من شريك أو من عائلة أو حتى أصدقاء.
  • اضطراب الاكتئاب: قد يسبب أعراضًا جسدية وتغيرات في الشهية ومستويات الطاقة والذاكرة، وفي حال تفاقم الاضطراب قد يؤدي إلى ارتفاع ضعط الدم وأمراض السكري والقلب. كذلك فإنّ الاكتئاب يقلّل من قدرة الجسم على تحمّل الألم.
  • الكبت العاطفي وعدم التعبير عن المكنونات الداخلية: ينتهى تزاحم المشاعر بالانفجار لاحقًا في أضعف خط مناعي في الجسد مسببًا آلامًا عضوية ظاهرة.
  • إفراز هرمونات الأدرينالين والكورتيزول بشكل مستمرّ نتيجة الضغوطات العصبية سيؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين وآلام العضلات والأعصاب.
    هذا وهناك دراسات عديدة عن العلاقة بين الشعور بالألم الجسدي ومكان تواجده وبين الحالة النفسية للشخص، أظهرت التالي:
  • ألم الرأس: نتيجة التعرّض للجهد لفترة طويلة.
  • ألم الرقبة: عدم القدرة على مسامحة النفس أو الآخرين.
  • ألم الكتف: عبء عاطفي كبير وقلق.
  • ألم في الجزء العلوي من الظهر: الافتقار للدعم العاطفي والشعور بأنه شخص غير مرغوب به.
  • ألم في الجزء السفلي من الظهر: ضائقة ومخاوف مالية.
  • ألم الكوع: قساوة ظروف الحياة.
  • ألم اليدين: افتقاد التواصل والصداقات الجيّدة.
  • ألم الورك: مقاومة للتغيير وخوف من المضي قدمًا.
  • ألم الركبة: ازدياد الشعور بالأنا وتهديدها.
  • المعدة: مشاعر الخوف.
    هناك العديد من خيارات العلاج للأمراض النفسجسديّة والتي تهدف أساسًا إلى السيطرة على مشاعر التوتّر والإجهاد النفسي، منها:
  • العمل الذاتي: ممارسة الرياضة بانتظام والحصول على قسط كافٍ من النوم وممارسة تمارين الاسترخاء والتنفس، كذلك التعبير عن المشاعر والمخاوف، سواء للأصدقاء أو الأهل أو كتابتها للوعي والتحكم بها. بالإضافة إلى التخلص من العلاقات السلبية والتوقعات العالية والسعي لتحقيق الكمال. ويساعد أيضًا تخصيص وقت للأنشطة الترفيهية وممارسة هواية، وكذلك مساعدة الآخرين والبعد عن الضغائن والتفكير بواقعية بشأن ما يمكن فعله وما لا يمكن التحكم به وبحصوله.
  • العلاج النفسي: وذلك إما بالعلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد على تغيير التفكير السلبي وأنماط السلوك ضمن جلسات أسبوعية، أو اللجوء إلى مضادات الاكتئاب في حال دعت الحاجة لذلك ولمدة محدّدة وذلك لموازنة المواد الكيميائية في الدماغ.
    ليس الجسد وحده من يعيش معك منذ ولادتك وحتى وفاتك، وإنّما النفس أيضًا، تعيش وتتفاعل وتمرض وتتسبّب بوجعٍ من الداخل والخارج. التخلّص منها هو علاج مزدوج لا بدّ من سلوك مساره من أجل سكون ينشده المرء عند كل صباح.