يبدوأن الملف اللبناني بكل تفاصيله وتعقيداته، سيبقى على قارعة الإنتظار لفترة قد تطول أو تقصر، وفقاً لمسار تسلسل الملفات على الصعيدين الإقليمي والدولي، فقد غادرالموفد الفرنسي الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون، جان إيف لودريان وهو يحمل في جعبته جملة من الآراء المتناقضة والمتضاربة، التي ربما يستحيل جمعها في مبادرة أو مشروع أو إقتراح حل.
فالحوار مرفوض من قبل البعض، والتنازل عن ما يعتبره البعض “ثوابت” غير وارد، وبالتالي لا مجال أو إمكانية لجمع هذه التناقضات وحتى التفسيرات المختلفة لكل طرف أو جهة لمهمة الموفد الفرنسي، وحتى لما قاله هنا أو هناك.
لكن الثابت وفق مراقبين ومتابعين، أن لودريان،عاد إلى باريس وسيعرض على الرئيس ماكرون، المقترحات أو ربما الأفكارالمتناقضة التي سمعها من الذين إلتقاهم في بيروت، بإنتظار”اللقاء الخماسي” المهتم أوالمعني بالشأن اللبناني والذي يضم إلى جانب فرنسا كل من: الولايات المتحدة الأميركية، المملكة العربية السعودية، مصر وقطر.
ويرى هؤلاء ان المؤشرات الأولية التي يُمكن إستنتاجها والبناء عليها ،هي أن حل الأزمة في لبنان لا زال بحاجة إلى مزيد من الدرس والوقت وبالتالي سيمرالصيف أقله بلا رئيس وستذهب الأمورنحوالخريف، وربما أبعد وأطول من ذلك، في حال لم تنضج الظروف الداخلية والخارجية للحل، وهناك من ألمح إلى فترة السنة أو حتى نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي.
أصحاب هذه القراءة، يستندون إلى التصريحات الأميركية الأخيرة،التي أحبطت أي تسوية لا توافق عليها واشنطن، ما يعني أن التعقيدات الخارجية لا تقل أهمية عن التعقيدات الداخلية اللبنانية، وقد إنعكس هذا الجوعبرالكلام الذي نُقل عن لودريان بأن العالم كله منشغل الآن عن لبنان.
وما يُعزز هذا التوجه وهذه القراءات، الحركة الدبلوماسية التي جرت وتجري على صعيد المنطقة ، ولا سيما على مستوى العلاقة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، فبعد زيارة وزيرالخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى طهران بعد قطيعة دامت 7 سنوات، قام وزيرالخارجية الإيراني حسين أميرعبد اللهيان بجولة خليجيّة شملت قطر وسلطنة عمان والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي مسقط تم الكشف عن المحادثات غيرالمباشرة مع الولايات المتحدة بواسطة عُمانيّة، لاسيما بشأن البرنامج النووي، والعقوبات الأميركيّة، وملف الأميركيّين المحتجزين لديها،إضافة إلى الإتصالات مع المفاوضين اليمنييّن للمساعدة في تسريع مفاوضات السلام اليمنيّة ـ اليمنيّة،إستكمالا للمحادثات التي كان قد أجراها مع نظيره السعودي في طهران.
وهذا يعني أن مهمة لودريان، تأتي على وقع الإنفتاح ما بين باريس وطهران، وطهران وعواصم دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى وقع المصالحات التي تتم، والقراءة المتأنية للملفات الخلافيّة، ما يؤشر إلى أن وقت الملف اللبناني لم يصل بعد إلى مرحلة الأولويات والحسم.
فتلاقي المصالح قد يوفّرالدعم للمبادرة الفرنسيّة بإنتخاب رئيس لا يطعن المقاومة بالظهر، ويريح إيران، وسوريا، ولا يستفزّالخليج، مع فريق عمل وزاري قادرعلى تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها الأميركي، والأوروبي، والسعودي، وسائردول مجلس التعاون.
ومفتاح الحل يكون بانتخاب رئيس للجمهورية ولكنه ليس كل الحل،لأن الحل يشمل تسمية رئيس الحكومة العتيدة والحكومة وإقرارخطة إنقاذية إصلاحية على المستويات الإقتصادية والسياسية والمالية ويكون من أولوياتها محاربة الفساد .
إن خطوط التواصل الناشطة ما بين فرنسا ودول الخليج وإيران،ربما تحتاج إلى تقاطعات معينة، لتأمين الطريق الآمن نحوالقصرالجمهوري في بعبدا، لكن السؤال المركزي هو: متى سيحين موعد إنهاء الأزمة ؟؟
من الصعب التكهن بالإجابة،سيما بعدما صارح لودريان الجميع بأن عامل الوقت ضد مصلحة لبنان، وأنه سيلحق الأذى به، وأن أي طرف يراهن على قدرته في الصمود أمام هذا الوضع المأساوي سيكتشف أن صموده لن يدوم طويلاً.
كذلك فإن البيان المقتضب الذي وُزع قبيل مغادرته لبنان وما تضمنه، يؤكد أن الحل ليس قريباً، بدليل قوله بأنه سيعود مجدّداً إلى بيروت في القريب العاجل لأنّ الوقت لا يعمل لمصلحة لبنان.
لكن الأهم ربماهوالكلام عن أنه سيعمل على”تسهيل حوار بنّاء وجامع بين اللبنانيين من أجل التوصّل إلى حلّ يكون في الوقت نفسه توافقيّاً وفعّالاً للخروج من الفراغ المؤسّساتي والقيام بالإصلاحات الضروريّة لنهوض لبنان بشكل مستدام، وذلك بالتشاورمع الدول الشريكة الأساسيّة للبنان”.
في الخلاصة، من هي الجهة التي ستتولى الدعوة للحوار؟؟ ومتى؟ وأين ؟ وكيف؟
الأجوبة رهن التوافق بين تعقيدات الداخل والخارج وعلى المواطن اللبناني ان يدفع الثمن.