انظر للبحر من منظور آخر: ما هو الضوء؟

تتجسد مياه البحر بشكل واضح في الفيزياء الكلاسيكية، مياه مكوّنة من جسيّمات (particles) تتحرك بشكل موجات (waves). ماذا عن ضوء الشّمس؟ هل هو جسيمات أم موجات؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، علينا أن نتعلم مبدأ إنتقال الموجة لنعرف كيف فكّر العلماء؛
لا تتحرك الموجة إلا من خلال المادة، طالما أنّ الفضاء هو “فراغ”، من المستحيل أن يكون ضوء الشمس عبارة عن موجة-عكس الصوت مثلاً الذي يتكون من موجات تنتقل بالهواء.
هذه الفكرة، هي فكرة العالم “نيوتن”، الذي اعتبر أن الضوء عبارة عن جسيّمات تسمى “فوتونات”.

ولكن، في العام 1818 قدم المهندس أوغستين فرينل بحثًا يثبت أن الضوء عبارة عن موجات. بالرغم من سخرية العلماء من فرينل، إلا أنه نجح في إثبات فرضيته “الإنكسار” refraction.
-لتقريب التجربة، تخيّل حاجزاً وراءه مصدر ضوء وأمامه حائط، لو كان الضوء جسيّمات، من المفروض أن ترى ظل الحاجز على الحائط، أما لو كان عبارة عن موجات، من المفترض أن “تنكسر موجات الضوء” على أطراف الحاجز وتنير نقطة صغيرة في الظل. وفيما بعد، أثبت ماكسويل بأن الضوء عبارة عن موجات كهرومغناطيسية -تنتج من تحرك الإلكترونات في حقل مغناطيسي- وقدم أربع معادلات تفسر تلك الظاهرة.

ولكن إذا كان الضوء عبارة عن موجة، فكيف انتقلت هذه الموجة في الفراغ -الفضاء- لتصل إلينا؟! اعتبر العلماء أنه في الفضاء يوجد مادة تسمى ال “Aether” أو-الأثير -ساعدت هذه الفكرة في اختراع الراديو فيما بعد- ومن خلال هذه المادة ينتقل الضوء-الموجة.

لم تقنع فكرة الأثير الألمان -خاصة آنشتاين- الذي نفى هذه النظرية ليقدم واحدة من أكثر النظريات ثوريّة بتاريخه ويغيّر الفيزياء تمامًا: الضوء عبارة عن جسيّمات صغيرة تسمى فوتونات تتحرك على شكل موجات.

لم تنتهِ قصة الضوء هنا، فبعد بضع أعوام سيلاحظ العلماء سرًا خفيًا من أسرار الطبيعة قد يساعدنا على فهم الكون ومبادئه الجزئية ويفتح باب فيزياء “الكم” على مصراعيه أمامنا، تناوب على حله كل من أنشتاين، بور، وهيزنبيرغ… والذي سنعالجه في العدد القادم.