السفارديم هم مجموعة يهودية تنحدر من إسبانيا والبرتغال، طُردوا من إسبانيا منتصف القرن الخامس عشر بعد سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس، فاتجهوا إلى مناطق الدولة العثمانية، وانتهى رحالهم في أرض فلسطين، خلال الهجرات اليهودية التي قدمت إليها عام 1948، ويُطلق مصطلح السفارديم اليوم على اليهود الذين لا ينتمون إلى أصل أشكنازي غربي في “المجتمع الإسرائيلي”، ويُقصد بهم يهود المشرق العربي والعالم الإسلامي الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة واستوطنوا فيها، وترجع تسمية السفارديم إلى الأصل العبري، ويشار إلى السفارد بكلمة إسبانيولي، وسفارد إسم مدينة في آسيا الصغرى تم ربطها بإسبانيا عن طريق الخطأ، وأصبحت تطلق في العبرية للإشارة إلى إسبانيا.
يُطلق لفظ اشكناز على يهود ألمانيا وشمالي فرنسا، وابتداءً من القرن السادس عشر، أصبح يُطلق على يهود شرقي أوروبا وأحفادهم من كل مناطق العالم، وارتبط إسم أشكناز بالناحية الشرعية اليهودية، وذلك من خلال فتاوى دينية يهودية لها علاقة بالتقاليد الدينية، ينتمي معظم اليهود في العالم إلى اليهودية الاشكنازية، بدأت اليهودية الاشكنازية في فرنسا ثم في ألمانيا وبريطانيا، ونشأت عدة جاليات يهودية في مقاطعة الراين، عمل معظم أبنائها في التجارة والصرافة، وتعرضوا خلال الحملات الصليبية إلى ملاحقات ومضايقات من تيارات وفرق دينية، وتمّ إقصاء المجتمع اليهودي عن الحياة العامة في المانيا، ومُنع اليهود في ألمانيا من العمل في عدد كبير من المهن، واقتصر نشاطهم على التجارة بالبضائع القديمة والمستعملة، والإقراض بالفائدة، ودُفعوا للعيش في جيتوات في المدن المركزية، وقد شكلوا عماد أجهزة الحكم والإدارة والاقتصاد في “إسرائيل”، فهم مؤسسو الدولة وقيادتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والتعليمية، وأصحاب الأملاك والعقارات ورأس المال، لهذا فالقرار السياسي بقي في يدهم.
وتشهد العلاقات بين الاشكنازيين صراع حاداً بين المتدينين والعلمانيين، فالمتدينون يسعون إلى فرض الشريعة اليهودية على مناهج الحياة اليومية “للمجتمع الاسرائيلي”، والعلمانيون يرفضون بشكل كلي وكامل فرض الشريعة والتقاليد الدينية، وغالباً ما تتحول هذه الصراعات إلى مواجهات تتخذ أشكالاً من العنف، كإغلاق الشوارع والطرقات أو فتحها في أيام السبت والأعياد اليهودية، وصراعات ونقاشات حادة في قضايا مثل الزواج المدني، والإجهاض وغيرها.
ينظر مؤسسو ما يسمى بـ “دولة إسرائيل” إلى السفارديم نظرة دونية، كلها شك وعدم ثقة، بسبب تدني مستواهم الاجتماعي والثقافي مقارنة باليهود الغربيين، وميزوا بشكل كبير بين اليهود الذين هاجروا من الدول الأوروبية (الأشكناز)، واليهود العرب الشرقيين (السفارديم)، واعتبروا أن يهود أوروبا شكلوا شخصية الشعب اليهودي، والحركة الصهيونية تأسست منهم وبواستطهم، ورغم أن اليهود الشرقيين شكلوا أكثر من نصف عدد المهاجرين إلى فلسطين في فترة الخمسينيات، فقد ظلت السلطة في يد اليهود الأشكناز الذين طبّقوا سياسة تمييز في حق جماعات اليهود الشرقيين، وجعلوهم في مرتبة أدنى، وبالتالي فقد جرى توطينهم في الضواحي البعيدة ، وفي المستوطنات التي أنشئت بعيداً عن المدن الكبيرة، كالجليل وعلى طول الحدود الشرقية، وتم استخدامهم كيد عاملة رخيصة في الزراعة والصناعة، فكانوا يعملون بالأعمال الدنيا بأجور زهيدة.
منذ قيام الكيان الغاصب، و”المجتمع الإسرائيلي” يعاني من عنصرية حادة بين الأشكناز والسفارديم، فالأشكناز كانوا دائماً أفضل من السفارديم، لناحية مستوى التعليم والثراء، والتطور العلمي والفكري، بينما يعاني السفارديم من نقص المهارات التعليمية والثقافية، فضلا عن الفقر الشديد، ومن البديهي أن تنعكس هذه الفوارق بكل أنواعها على التمثيل السياسي، فقد حصل الأشكناز على معظم الرتب والوظائف العليا في “الدولة”، بينما بقي للسفارديم الفتات، ولعل الهجرات إلى فلسطين ساهمت في تغيير بنية “الجالية اليهودية” فيها، فالمهاجرون الجدد (الذين لُقّبوا باليشوف الجديد) جاؤوا من أجل الاستيطان، بينما المهاجرون القدامى (الذين لُقّبوا اليشوف القديم) جاؤوا بفعل الدوافع الدينية، وبالتالي فقد تغير البناء الداخلي للسكان اليهود على مستوى ديمغرافي، تمثل في زيادة أعداد الأشكناز في مقابل السفارديم، ومستوى اقتصادي سببه قدوم رؤوس الأموال الأشكنازية.