في دوري يعجّ بأندية تُعرف بالأندية الكبرى، أو أندية الصفّ الأوّل، كمانشستر سيتي وليفربول وأرسنال ومانشستر يونايتد وتشيلسي، يُعتبر وصول أحد الأندية الأخرى إلى المربّع الذهبي في انجلترا أمرًا صعبًا جدًّا، باستثناء ليستر سيتي الذي حقق لقب الدوري الممتاز موسم 2015 – 2016. لكن هذا الموسم كان لنادي نيوكاسل يونايتد رأي آخر، إذ احتل النادي بقيادة مدرّبه ايدي هاو، المركز الرابع خلف البطل مانشستر سيتي ووصيفه أرسنال، متخلّفًا بفارق أربع نقاط فقط عن الثالث مانشستر يونايتد، ليتأهّل للمنافسة في بطولة دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، بعد غياب دام 20 سنة.
ربّما كان مشجعّو النادي يتوقّعون له العودة إلى السكة الصحيحة مع الإدارة السعودية الجديدة التي استلمت دفة الفريق في تشرين الأوّل 2021، لكن ليس بهذه السرعة، فنيوكاسل كان يصارع للبقاء في الدوري الممتاز وتفادي الهبوط قبل 18 شهرًا، وحتّى أنّه احتلّ المركز 11 في ترتيب الدوري الموسم الماضي. فنجاح هذا الموسم لم يكن في الحسبان، وحتّى أنّ المدرّب هاو اعترف بنفسه أنّ التّأهّل لدوري الأبطال لم يكن ضمن خطط الفريق بداية الموسم، بل أنّ كلّ ما كان يسعى له هو الابتعاد عن مراكز الهبوط.
عوامل كثيرة ساهمت في تحقيق نيوكاسل لهذا الانجاز، أهمّها تخبّط بعض الأندية الكبرى وتراجع مستواها هذا الموسم، كليفربول وتشيلسي وتوتنهام من خلفهما، لكن يبقى للمدرّب التّأثير الأكبر، ولفترة طويلة، ارتبط اسم هاو ببورنموث، النادي الذي درّبه في معظم مسيرته الكروية وقاده من الدرجة الثالثة لكرة القدم الإنجليزية إلى الدوري الإنجليزي الممتاز كمدرّب، دون أن ننسى الصفقات الذكية للإدارة الجديدة.
وصول المالكين الجدد عام 2021 فتح الباب أمام حقبة جديدة في تاريخ النادي، وبدأ التغيير يظهر بسرعة حيث تمّ تعيين هاو كمدرب للفريق مكان ستيف بروس وصعد نيوكاسل من المركز 19 إلى المركز 11 في الدوري الإنجليزي الممتاز في ذلك الموسم.
كما استفاد النادي من سوق انتقالات ذكية شهدت وصول أمثال المهاجم ألكسندر إيزاك ولاعب خط الوسط برونو غيماريش والظهير الأيمن كيران تريبير على مدار ال 18 شهرًا الماضية، في حين أنّ حارس المرمى بوب، حافظ على نظافة شباكه في 14 مباراة في الدوري. كما لعب المدافعون فابيان شار وسفين بوتمان ودان بيرن دورًا محوريًا في نجاح النادي، فرفقة البطل مانشستر سيتي، نيوكاسل هو أقلّ فريق تتلقى مرماه أهدافًا هذا الموسم، إذ لم تهتزّ شباك الناديين سوى 33 مرة في 38 مباراة.
أكثر من 54 عامًا ونادي نيوكاسل غائب عن منصّات التتويج، واليوم النادي هو الأغنى في العالم، وما تأهّله للمنافسة في دوري الأبطال الموسم المقبل إلّا دفعة معنويّة كبرى للاعبين المتواجدين في النادي، وعامل أساسي لجذب نجوم جدد لتعزيز الفريق، ففي العصر الحالي أصبح للمال أهميّة كبرى في عالم الرياضة، وأي نادٍ يودّ المنافسة يحتاج لبعض نجوم الصف الأوّل لبناء منظومة قادرة على التنافس، يقودها مدرّب يتقن ايجاد الحلول وبناء التكتيكات التي تسمح لفريقه بالفوز والمنافسة، وهو ما يبدو أنّ هاو يتمتّع به حتّى اللحظة.
نيوكاسل يملك كلّ هذه العناصر، فهل سيكون قادرًا على المنافسة بجديّة الموسم المقبل؟