هي الذّكرى التي لا يمكنُ أن تُنسى، واليوم المفصلي من حياة وطنٍ وأمّةٍ،علّما الكون كيف يكون النّصر من بعد العُسر، وكيف أن ثُلَّةً من رجال الله في ميدان الصمود، تهزم الجيش الذي قيل عنهُ أنّهُ لا يُهزم، وكيف يهرب ضُباط وجنود الصهاينة كالقطط من أرض وطنٍ أبى شعبه أن يعيش تحت نيرِ الذُّل والقهر والاستعباد، وأراد أن يكون أمّةً حُرّةً بين الأمم، تقارعُ النّار بالنار، لكي تخرج من ظلمات الخوف إلى نور الانتصار.
في هذه الذكرى لا يسعني إلا أن أوجّه تحية لأبي وأمي، الفارسان الذان اعتُقلا في سجون العدو الإسرائيلي في كلّ من معتقلي أنصار وكفرمان، حيثُ قاتلا هذا المُختلّ طوال عقود من الزمن،فأمي التي اعتقلت كممرضّة مع المقاومة الفلسطينية في ذلك الوقت، وأبي الذي خسر الكثير من عمره، مقدّمًا شبابه وحياته للقضية المركزية فلسطين، فكان أن جمعَ منزلٌ واحد مقاومٌ ومقاومة، نسجا قصّة صمود وثبات وتضحية لا تلين.
عشيّة الذكرى الغالية على قلوب اللبنانيين وعلى منزلنا كواحد من بيوت ومنازلَ قاومت إسرائيل طوال عقود، أتيقّن في كل عام أكثر من أيّ عامٍ مضى وانقضى،أن لا حياة بالذّل والقهر والاستقواء، وأن الخيار المركزي للحياة الحُرّة أبد الدّهر هو مواجهة كلّ ظالم ومُحتلّ ومُستبدّ، ويوم التّحرير النّهائيّ بات قريبًا جدًّا، اقرب من اي يوم مضى،على مقياس الإيمان بالحق ونُصرته في كلّ حين.