برشلونة… مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة

حقّق برشلونة لقب الدوري الإسباني الغائب عن خزائن النادي منذ موسم 2018 – 2019، والأوّل له بعد رحيل الأسطورة ميسي.
اللقب هو الثاني للمدرب الشاب تشافي، بعد أن فاز النادي بلقب السوبر الإسباني، وعلى حساب الغريم ريال مدريد بداية الموسم. وبنظرة شاملة فإنّ برشلونة حقّق لقبين منذ بداية الموسم، ودّع بطولة كأس الملك من الدور نصف النهائي بعد الخسارة من ريال مدريد، ولكنّ الخيبة الأكبر كانت بتوديع بطولة دوري أبطال أوروبا من الدور الأوّل بعد أن أوقعته القرعة في مجموعة صعبة ضمّت كلّ من انتر ميلان الإيطالي وبايرن ميونخ الألماني وفيكتوريا بيلزن التشيكي، لينتقل للمنافسة في الدوري الأوروبي الذي خسر المنافسة فيه باكرًا أيضًا بعد الإقصاء من مانشستر يونايتد الإنجليزي.
ستختلف وجهات النظر في تقييم موسم النادي الإسباني، والذي رفع من طموحات جماهيره عاليًا بعد أن حقّق السداسيّة التاريخيّة وعاش مواسمًا سيطر فيها محليًا وحقق النجاحات أوروبيًا في سنوات سابقة، ليغدو من الصعب على هذه الجماهير تقبّل فكرة تراجع النادي، أو التسليم لواقع أنّه يعيش فترة من التعثرات على المستويين الرياضي كما الاقتصادي.
لكنّ، وبنظرة منطقيّة للأمور، يمكن اعتبار موسم برشلونة ناجحًا إلى حدّ ما، بالنّظر إلى وضع الفريق حاليًا، بعيدًا عن اسمه والمرتبة التي وصل إليها.
نعم الخروج من البطولات الأوروبيّة باكرًا أمر لا يليق بالبارشا، وخسارة أي بطولة أمام الغريم ريال ستبقى موجعة ومؤلمة، لكن بالنسبة لنادٍ يعيش واحدة من أسوأ الفترات الاقتصادية التي قد تمرّ على نادي كرة قدم فإنّ تحقيق بطولتين يعدّ أمرًا لا بأس به إن لم يكن جيّدًا.
فمن يريد الحكم على برشلونة، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار حقيقة أنّ تشكيلة النادي قوامها لاعبون شبان يفتقرون إلى الخبرة اللازمة التي يتطلبها الفوز بالبطولات الكبرى أو حتى المنافسة عليها، فبالدي عمره 19 سنة وكوندي 24 وغافي 18 وبيدري 20…
أمّا المدرّب تشافي فهو قد أتى لتدريب البارشا في منتصف الموسم الماضي، بدون أي خبرة تدريبيّة في أوروبا، فهو لم يسبق له إلّا أن درّب نادي السد القطري، وتدريب نادٍ بحجم البارشا، مطالب بالمنافسة على أكثر من جبهة، يتطلّب خبرة طويلة، فما تمكّن تشافي من تحقيقه حتّى الآن يعتبر أكثر من جيّد بالنسبة لعمره “التدريبي”، ومن يريد أن يفتح باب المقارنة مع بيب غوارديولا، فغوارديولا كان مدربًا في الأكاديمية وعلى اطلاع على مستوى اللاعبين في مختلف الدرجات، والأهم أنّ غوارديولا كان خلفه الأب الروحي “يوهان كرويف” صاحب الفكر الكروي العبقري.
تشكيلة برشلونة تعاني من الكثير من النقص، كما عانى النادي من الكثير من الإصابات طوال الموسم، وإن كان لابورتا قد لجأ لسياسة الرافعات الاقتصاديّة لتدعيم صفوف الفريق، فإنّ بعض الصفقات، حتى المجانية منها، كانت عشوائية ولم يستفد منها النادي كفرانك كيسي وفيران توريس مثلًا، دون أن ننسى أنّ هذه السياسة زادت من مشاكل النادي وقد تقف عائقًا أمام قدرته على عقد صفقات في سوق الانتقالات المقبلة.
كما أنّه على المشككين التسليم لحقيقة أن اللقب تحقق رسميًا في الجولة 34 من 27 فوزًا وثلاث هزائم فقط و اربع تعادلات وبعد تسجيل 64 هدفًا وتلقي 13.
لكن تبقى أبرز الأمور التي حققها برشلونة، والتي تكاد أهميتها تضاهي أهميّة الفوز بالبطولات، هي العودة للاعتماد على لاعبي الأكاديميّة الشبان، فالفريق الذهبي للبارشا كان قوامه لاعبو الأكاديمية، فالشغف أساسي للقتال من أجل القميص، كما أنّ مستوى هؤلاء، وفي مقدمتهم بيدري وغافي يعد بالكثير، إذ أنهما يقارنان منذ الآن بأبرز لاعبي خط الوسط المخضرمين في العالم. وفي النهاية من حق جماهير برشلونة الاحتفال، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، خطوة تحقق بلقب “الليغا” المحلي.