عن “وحدة الساحات” وأهمّيّة “المبادرات الفرديّة”

شكّلت العمليّات الفرديّة، في تاريخ الحزب، المدماك الأساسيّ في تحوُّل أصل المعركة وتثبيت حزبنا في منتصف جبهة الصّراع، وريادته في كثيرٍ من الأحيان.

ثمّة تكتيكٌ استراتيجيّ يتّبعُهُ المقدامون في حلبة البقاء، وهو أنّ من يُريدُ الدّفاع، عليهِ أن يُهاجم. هذا الهُجوم بالتّحديد، يتطلّب ثوابت أساسيّة إن لم تتوفّر، ينتحر المُقدِم عليه ويؤذي المجموعة، والمؤسسة، والفكرة، وأحياناً: الوطن. على رأسِ هذه الثّوابت: الإيمان المُطلق بالدّافع.
ولا شكّ أنّ أكثر المشاهد الواقعيّة ارتباطاً بهذه الفكرة، هي جنوبنا السّوريّ، وأطفاله، وشبابه، وإيمانهم المطلق الّذي لا ينضبّ. فكيفكما قلّبت نظرك في فلسطين، يكادُ يعميك وهجُ عزّ الشباب المُتّقد إيماناً بالنّار لُغةً وحيدةً لمخاطبة اليهود، رغم شحّ وأحياناً ندرة التّوجيه الذي يخضعون له لمُعاداة اليهود، لكنّ الاحتكاك المُباشر بين أهل الأرض والمُحتلّ، خلق لدى هؤلاء وعياً جعلهم يعادون اليهود بدون هوادة. ولعلّ تعاقب الأجيال في بلادنا، يُعيدُ خلق الأبطال بهيئةٍ جديدة، وإلّا فماذا يُفسّرُ تشابُه عمليات اليوم في فلسطين بعملية الشهيد خالد علوان البطولية؟

من جهةٍ ثانية، وإلى جانب أهميّة دور الفرد، تبرز أهميّة وحدة الساحات، الّتي تمكّنت قوى المقاومة من فرض مفهومه في كُلِّ ساحاتنا، من الداخل الفلسطيني المُحتلّ الى غزّة ولبنان والجولان، في خطوةٍ أربكت العدو وطحنت رأسه الذي خبّأ ما تبقّى منه أمام مواطنيه كالنّعامة، غير قادرٍ على الردّ عليها أو ردِّها.

“وحدة الساحات” هذه ارتبطت بمنظومتين: المنظومة العسكرية، ومنظومة الفرد الّتي أشرنا إليها.

أيُّها القوميّون، إنّ الساعة الّتي علينا أن نبذل فيها جُهدنا ودماءنا لتحرير ما تبقّى من أرضنا، قد اقتربت، واقترب معها حصادُ ما زرعنا من إيمانٍ لتحرير فلسطين. إنّ كُلَّ فردٍ بينكُم هو منظومة بكاملها، فإمّا أن يوظّف وديعته لنصر أُمّتنا، وإلّا فاندثارها واندثارنا معها.