في الماضي، كنا نسأل: “كيف أنتم العرب بعديدكم اللامتناهي، لم تنتصروا يومًا على الأحتلال في بلادكم، و أعداده قليلة باهتة بالمقارنة معكم؟”
حتى أنشدت الأغاني الثورية: “وين الملايين..الشعب العربي وين، الغضب العربي وين”..
و المقاربة صحيحة بالشكل والجوهر، لأن الجموع الغفيرة و قياداتها كانت متلهّية بعضها ببعض، يغذي نزاعاتها، الطائفية والمناطقية، وعلى السلطة، أيادٍ خفية من داخلها وخارجها،
فحافظت بالشكل على الشعارات الرنانة، وبالمضمون باعت القضية و الأرض، مقابل حفنة من الدنانير، و الكثير من الألقاب و المكتسبات..
الى أن أتى يوم تفتق فيه عقل نير، عسكري أستراتيجي، فاعتبر أن الخطر الوجودي على مقولة الجيش الذي لا يقهر، هو تضامن و تحالف كل الجبهات المعنية بالصراع، ضده.
هذا الكيان قادر اليوم على غلبة أقوى حزب إذا كان لوحده، بمفرده،
و قادر على قمع أكبر أنتفاضة بمفرده،
و قادر على مواجهة أهم جيش في محيطه الأقليمي المباشر بمفرده.
و لكنه عاجز وأضعف من أن يفتح عليه عدة جبهات في آن معًا.
هنا انطلق العمل الجدي منذ سنين طويلة، لمراكمة قوة لا يستهان بها في لبنان، و منها انطلقت القافلة نحو الداخل الفلسطيني والمحيط الدائري للكيان، على كل الصعد وبكل الإمكانات المتاحة.
و عندما تبلور الوضع العام، واتّضحت معالمه، أُطلق على العملية أسمها الحقيقي:”وحدة الساحات “.
لها وجهان، عسكري تراكمي للقدرات والخبرات والمقدرات، لن ندخل في تفاصيله.
و سياسي، عبارة عن عملية إستيعابية لكل القوى الحية في المجتمع المقاوم في كامل بلادنا، رغم الخلافات السابقة، وتأطير الجهود في اتجاه واحد تحت أشراف واع ومدرك للأمور.
ما نراه اليوم من قصف صاروخي من غزة أو لبنان أو الجولان، ما هو إلا رأس جبل الجليد الذي تم بناؤه بالدم والصبر وعلى مر الأيام، ما هو إلا رسائل مبطنة يفهمها قارؤها، وما نراه من عمليات فدائية لمجموعات و استشهاديين منفردين،
ما هو إلا نتاج هذه السياسة الحكيمة الواعية القادرة.
استمرارنا في هذا الخط له نهايتين لا ثالث لهما:
أما العودة الطوعية بشكل الهجرة المعاكسة لفقدان الثقة و الأمل والأمان بديمومة هذا الكيان الهجين.
إما حرب شاملة لا تبقي ولا تذر، سيدفعون فيها ثمنًا باهظًا لثمانين عامًا من قهر وذل و عذاب لشعب بأكمله.
الدكتور هشام نبيه أبوجوده