بدر الحاج يكشف حقائق عن انطون سعاده سُعي إلى طمسها

بعد مقابلته مع الاعلامي جاد غصن، تنشر صباح الخير في هذا العدد تفاصيل بعض ما رواه الباحث السوري القومي الاجتماعي بدر الحاج عن الزعيم انطون سعاده، والذي كشف خلالها عن حقائق قام الاعلام اللبناني والعربي طوال عقود بالعمل على طمسها.

عن انطون سعاده الشاب الفذّ وتأثره بوالده

تجربة انطون سعاده بدأت من بداية العشرينات عندما كان يكتب في جريدة الجريدة، الذي كان يصدرها والده الدكتور خليل سعاده. والد انطون سعاده من الرعيل الأول وكان مثقفاً جداً، لكنه طمس من البرامج اللبنانية الرسمية لأنه والد انطون سعاده.

خليل سعاده كان مغضوب عليه أولاً لأنه والد انطون سعاده، وثانياً وهو السبب الأساسي: خلافه مع معظم المفكرين في المهجر حول طبيعة العلاقة بين فرنسا وسورية. كان الدكتور خليل سعاده معادٍ لفرنسا، وقد قمت ببحث مستند على الوثائق الفرنسية التي كانت تراقبه عندما كان يعيش في القاهرة، حينها كان يحضر مذكرات زغلول. وبعدها طرد من مصر وانتقل إلى الارجنتين حتى سنة 1919, وقد أنتج في مصر أهم قاموس عربي إسمه قاموس سعاده, كتب له المقدمة ديفيد مارغوليوس استاذ “اللنجويستكس” في جامعة “أكسفورد”.

أنقذ في الشوير التي كان فيها اشتباكات ومئات القتلى حينها, فأرسل إلى مدرسة برمانا هو واخوته من قبل المهجرين في الشوير الذين كانو يرسلون المساعدات للناس, وعند إنتهاء الحرب استدعاهم والدهم, كما وسافر سعاده عند خاله إلى “نيو مكسيكو” لفترة معينة وعمل هنالك في محطة قطار, من بعدها انتقل عند أبيه الذي بدوره انتقل من الأرجنتين إلى البرازيل وأنشأ جريدة “الجريدة” التي كانت دائماً تهاجم الفرنسيين.

في البرازيل تدرّب انطون سعاده على يد والده خليل سعاده، فكانت لغته العربية متماسكة جداً، كما وأنه هو بدوره أدخل كلمات جديدة على اللغة مثلاً: مناقبية ومتحد…

ما كتبه انطون سعاده في البرازيل والأرجنتين كان معروف نبضه، مثلاً عندما قاموا بمحاولات إغتيال غورو في حوران، يقول سعاده لو كان هنالك عدة محاولة على بلفور كنا قد استرحنا، فكان من الواضح أنه اتّخذ الإتجاه العنفي ضد المستعمرين.

أول مقالات انطون سعاده كانت عن الحركة الصهيونية سنة 1923, التي نشرها بعد ما أقفل والده جريدة “الجريدة” وأصدر مجلة “المجلة”، كما نلاحظ فيها أيضاً موقفه ضد الأميركيين ومن سقوطهم من عالم الإنسانية الأدبي، فكان سعاده مشبعاً بفكرة تحررية وفكرة وحدة سورية.

بوجوده في أمريكا اللاتينية، أتاحت له فرصة التعرف على حركة التحرر في تلك الفترة، حتى أنه عندما جاء إلى الشام ليؤسس الحزب هنالك تراجع بعدما لاحظ أنها فرصة خاسرة، لأنه رأى الكتلة الوطنية في الشام هي مجموعة من الاقطاعيين الذين يتنافسون على السلطة وممالقة الفرنسيين فقط لا غير، فلن تنجح فرصة تأسيس الحزب في الشام. من بعدها عاد إلى بيروت وكان الأميركيون في ذلك الوقت يصدرون تصريحات أنهم مع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

كان انطون سعاده ضد التيار القائم في تلك الفترة، ففي الشام كان هنالك كتلة وطنية، وفي لبنان الدستوريين ومجموعة بشارة الخوري يتقاتلون على السلطة.

من بعدها اكتشف امر الحزب سنة 1935، فقام الفرنسيون بإنشاء حزبين طائفيَين لاستقطاب الناس طائفياً لكي لا يدخل بحزبٍ موحد فأنشؤوا حزب النجادة رئيسه عدنان حكيم وحزب الكتائب رأسه بيار الجميل، وقاموا بإنشاء منظمات أخرى مثل القمصان الحديدية رئيسها يوسف عوض وهو كان بدوره تنظيم مسيحي وقس على ذلك.

ولكن في تنظيم الحزب السوري القومي الإجتماعي يوجد ناس من مختلف الطوائف، ولم يعرف القوميين طوائف أو مذاهب رفاقهم لأنهم لا يتكلمون ولا يسألون عنها، فقد إستطاع انطون سعاده أن يجمع بشر من كافة الطوائف في حزب واحد، ولذلك كان يشكل خطر على موضوع الإنتداب.

كيف استقطب الحزب القومي هذا العدد من الناس في ذلك الوقت؟

قام انطون سعاده بتجربتين في سان باولو وباؤوا بالفشل، التجربة الأولى حزب السوريين الأحرار والتجربة الثانية هي الرابطة الوطنية السورية، واعتبر بعد هذه التجارب أن العمل في المغترب لا ينفع، كما وكان الدكتور خليل سعاده يقول له دائماً الكلام نفسه ويشجعه للعودة إلى الوطن. وكان بدوره الدكتور خليل لديه العديد من العلاقات مع قادة الكتلة الوطنية السورية وهنالك رسائل سرية بينه وبينهم لم تكشف حتى يومنا هذا. مجيء انطون سعاده إلى الوطن كان عكس التيار وكان بمثابة تحد، فهو هاجر وعاد إلى بلاده بعكس كل العالم، كما وانه كان مفلساً فكان يكتب مقالات في جريدة “الأيام” الدمشقية ليعتاش، وعند تنظيمه الحزب سراً كان يعطي صفوف خاصة باللغة الالمانية لبعض طلاب الجامعة الأميركية أي لم يكن موظفاً، وإن قرأت رسائله الخاصة فهو عاش بفترة ألم وإحباط ولكنه بقي مثابراً.

في المرحلة بين 1935 و1938 اعتُقل سعاده ثلاث مرات، سنة 1938 أخبر سعاده أن هنالك مذكرة توقيف بإسمه وكانت الحرب على الأبواب، فغادر إلى حيفا وكان بحوزته 30 كتاباً من كتاب نشوء الامم الذي أصدره وهو في السجن، فباعهم للقوميين في حيفا لإستكمال طريقه إلى قبرص, ومن قبرص إلى أوروبا فالبرازيل.

خلال تواجده في البرازيل كان انطون سعاده منقطعاً عن أخبار الوطن، وكان يقول إن أبشع السجون هو المهجر، كما وأنه هوجم من كل الجهات منها الجهات الاسلامية من المهاجرين والجهات الإنعزالية اللبنانية. 

عودة انطون سعاده إلى الوطن لم تكن سهلة، فلم يكن النظام اللبناني يريده أن يعود، وهنالك وقائع لجلسة مجلس النواب بين كمال جنبلاط ورياض الصلح وهما يتقاتلان حول سبب عدم موافقة الصلح على عودة سعاده إلى وطنه، وأنه ليس لرياض الصلح الحق بمنعه الدخول إلى بلاده. كما وأنهم رفضوا اعطاءه جواز سفره إلا أنه وبطريقة تحايل إستطاع الدخول على إسم سعاده مجاعص. ويقول بشارة الخوري إنه حصل خلاف في مجلس الوزراء بسبب عدم الموافقة أيضاً على عودة سعاده إلى لبنان. وعقب عودته في 2 آذار 1947 إلى القاهرة أرسل الحزب الذي كان يترأسه نعمة تابت حينها وفد لاستقباله، وفي تلك الفترة كان الحزب يمشي مع كميل شمعون بسبب القرابة التي تجمع بين تابت وشمعون. 

كانت بداية الوضع الفلسطيني هو الذي قتله، كانت عودته حاملاً نظام ضد الطائفية ومع العلمانية والأفكار الحديثة لم تناسب الجميع، كما ولم يكترث البعض أولاً, فكغيره من الكتاب يا إما أن تعجب بأرائه أو لا تعجب، كما يقال في القرى “دق بالعرض”، ففي إستقبال سعاده في 2 اذار 1947 والذي كان من أكبر الاستقبالات التي حصلت وقتها لأنه كان وجه وطني ضد الاحتلال، يقول في خطابه الصارم: أولاً اننا بهذا الإستقلال خرجنا من السجن إلى باحة السجن فعلينا تحطيم الجدار، ثانياً بالموضوع الفلسطيني الذي كان مازال في أوله وهو بدوره كان يراقب التنظيم الصهيوني فيقول: قد تجدون في لبنان من يقول لكم إن موضوع فلسطين لا علاقة لنا به، لكن فلسطين قضية لبنانية في الصميم، وقضية سورية في الصميم.

بعد 12 ساعة استمع رياض الصلح الى الخطاب وأصدر بحق انطون سعاده مذكرة توقيف، بقيت 6 اشهر ولم يعفَ عنه إلا مع وصول الإنتخابات النيابية لأنهم يريدون أصوات القوميين في المتن، فتحرك غبريال المر وتحرك الشيخ خليل الخوري وقاموا بصيغة لرفع مذكرة التوقيف بحق انطون سعاده، فذهب سعاده إلى مكتب الشرطة في ساحة البرج وادلى بتصريح أنه ليس ضد الكيان اللبناني.

سنة 1948 حصلت النكبة على فلسطين، بدوره كان سعاده يعلم بكل ما كان يحصل في الداخل الفلسطيني، لأنه كان لديه فروع حزبية تزوده بتقارير.

إذا راقبت الصحف السورية واللبنانية بين 1947 وأواخر 1948 عندما حدثت النكبة، تقرأ عناوين مثل “القوات تقتحم الناصرة وتحررها” و “تدمير مئة دبابة يهودية”، كانت تستعمل عبارة يهودية فكان القليل من يستعمل عبارة صهيونية، وكان انطون سعاده يستعمل عبارات يهودية كسائر الزعماء العرب في تلك المرحلة.    

سنة 1949 كان واضح لانطون سعاده أن كل شيء سينهار، ولديه عدة مقالات عن فلسطين مثل “الانعزالية أفلست” و”العروبة أفلست” وكان ينشر في جريدة الشمس وغيرها بعدما اقفلت جميع جرائده.

في ذكرى التقسيم نظم سعاده مظاهرة منعها رياض الصلح، وفي 1948 حصل إنقلاب في سورية. وفي هذه الفترة ازداد القمع على انطون سعاده لأنه لم يهادن بالموضوع الفلسطيني، وكان لديه خطاب في مخيم للفلسطينيين في برج البراجنة يقول فيه أن مثل ما اليهود يتدربون ويستعينون بالخارج ليقتلوننا، فسنضرب ونسلح ونرسل مقاتلين.

الخطاب الرسمي اللبناني.. هل كان في حالة حرب؟

الخطاب الرسمي اللبناني، كان كله في حالة حرب وكانوا يريدون إزالة الدولة اليهودية، ولدي تصريح لرياض الصلح يقول فيه “لن نوقف القتال مهما تدخلت جمعية الأمم وغيرها..” ولكن في الوقت عينه رياض الصلح لديه جلسات مسجلة بالأرشيف الصهيوني مع الياهو ساسون في باريس يتفاوض معه كيف يعزّز موقعه في تركيبة السلطة الداخلية في لبنان. الياهو ساسون هو يهودي دمشقي كان سابقاً في الثلاثينات مسؤول القسم العربي في الوكالة اليهودية وكان يجري اتّصالات مع الجميع. كان الياهو ساسون يدفع للصحف والسياسيين ورجل الدين ومحامين، كما يقول أنه نشر مقالاً ضد إشتراك لبنان في جريدة نداء الوطن للياس غرافي، فكان خارق الوسط ولكن عند قيام “الدولة الاسرائيلية” ما عاد يستطيع الاجتماع مع السياسيين، فأصبحت الاجتماعات كلها في باريس منها اجتماعاته منها رياض الصلح.

هذا الرجل رياض الصلح حاكم انطون سعاده في 8 تموز 1949 واعدمه، كما يقول يوسف شربل رئيس المحكمة العسكرية بتهمة أنه عميل اسرائيلي، وهو من التقى عدة مرات بالياهو ساسون بعد قيام “دولة اسرائيل”.

لماذا التركيز على رياض الصلح الذي كان رئيس حكومة وليس على بشارة الخوري الذي هو رئيس للجمهورية والسلطات أكثر لديه؟

بأوراق فريد شهاب يقول إنه لديه تقارير أن الهدف لم يكن فقط رياض الصلح، بل الهدف كان بشارة الخوري وفؤاد شهاب، وأقصد بالأهداف أي الأشخاص الذي كان يريد الحزب القومي قتلهم من بعد إعدام انطون سعاده، ويقول إن سعاده اتصل بالقوميين ووعدوه بعدم قتل أحد. ولدي معلومات أن بشارة الخوري كان خائفاً جداً خصوصاً بعد مقتل رياض الصلح، فيتصل صهره الفرنسي الجنسية ويلتقي بأحد قادة الحزب المتوفي الآن، ويدعوه إلى مطعمه الذي يعد من أشهر المطاعم في بيروت، ويحاول تبرأة الخوري من اغتيال سعاده ورمي التهمة على غيره. ولكن هم بالتكافل والتضامن جميعاً، كل الطوائف الممثلة بالسلطة وقعت على قرار إعدام سعاده، منهم مجيد ارسلان وزير الدفاع حينها، حبيب أبو شهلا، رياض الصلح، بشارة الخوري وكل هذا النظام الطائفي.

القبض على انطون سعاده وتهمة التعامل ما إسرائيل

كان لأنطون سعاده مكتب مخابرات من القوميين الموجودين بفلسطين، كانوا يرسلون له التقارير عن وضع الداخل الفلسطيني، كان من بينهم يوسف سلامة، وكان هنالك رفقاء في حيفا منهم محمد جميل يونس. كتب محمد جميل يونس في ايار 1949 لأنطون سعاده يقول فيه علمنا بلقائك في بلدة يركا في الجليل الأعلى بين ضباط من الهغنا وموفدين من المطران مبارك وحزب الكتائب، طلبوا بسلاح لقلب نظام الحكم في لبنان.

مطران لبناني وحزب الكتائب في إسرائيل؟ 

أجل، وهذا الكلام في اواخر نيسان سنة 1948, هذه الرسالة كانت مع اضبارته في منزله، وبعد حادث الجميزي، أي بعد هجوم الكتائب على مركز الحزب وإحراقه، فنشروا هذه الرسالة في المحاكمات، واعتبروا أن لديه علاقة مع إسرائيل، إنطلاقاً من أن هذه الرسالة من قبل أحد في الداخل الاسرائيلي، غباء يعني، وهنالك عناوين عريضة نزلت في الصحف منها صحيفة البيرق :”انطون سعاده يلتقي بالهغنا”

بواسطة أصدقاء لي في فلسطين المحتلة كدميين استطعت أن آتي بنسخة من الأرشيف، مع العلم أن الصهاينة فعلوا “strict control” على أرشيف الدولة، فطلبت من بروفيسور في جامعة حيفا هو فلسطيني الجنسية التقيت به في لندن، أرشيف فترة من 1947 إلى 1949 وصل أنه ليس لديه مشكلة ولكن هو عائد للوطن فلا يمكنني الاتصال به أو التواصل معه، فقال لأنه سيصلني ملف باللغة العبرية عبر البريد وكل ما علي أن ادفع لشخص معين، فأخذت هذه الوثائق وترجمتها. هنالك وثيقة من وزارة الخارجية تقول تلقينا برقية من حق، الجليل بوصول وفد من لبنان بينهم ممثل حزب الكتائب والمطران مبارك، وطلبوا منهم الذهب من تلأبيب إلى حيفا للقائهم، فدونت وقائع ماحدث في اللقاء، وكانت مطابقاً لماورد في رسالة محمد جميل يونس بأنهم طلبوا سلاح واموال لقلب النظام اللبناني، كما وأنه حرجهم وسألهم عن موقف الجيش   

وقالوا أن الجيش بمجرد أن نقوم بالخطوة الاولى سيمشي معنا، وكانوا يريدون منه جواب نهائي فقال لهم أنه مرسل ولا يستطيع أن يعطي لهم القرار، هذه الرسالة تلغي كل حفلات النفاق الذي كانوا يشيعونها في البلد أن انطون سعاده يميل إلى الحركة الصهيونية. فهذه الناس أغبياء، كما على زمان فؤاد شهاب يقول أنهم “اطلقوا النار على الأرزة” أو “من آمن بالمسيح فهو كافر” هذه نظريات الشعبة الثانية عند فؤاد شهاب، بالضبط كموضوع إتهام انطون سعاده بالعمالة، فهم اتهموه بما هم فيه. بالاضافة الى ذلك فلا أحد يسأل, معظم المؤرخين الذي أعتبرهم أنا طائفيين إن ضحوا يعرضون صورتين أو ثلاثة عن الحادث، ولكن إذ يستوقفك من 1920 حتى الأن أن القضية النافرة الوحيدة هي إعدام انطون سعاده، لأن نظام كامل قرر تصفيته  في 24 ساعة وبسبب الموضوع الفلسطيني، لا يوجد سببا آخر، بقي يتكلم 20 عاماً عن الغاء النظام الطائفي ولم يحصل هذا.   

الحدود المرسومة في بلادنا هي حدود وضعها الغرب، حسب دراسات انطون سعاده فهذه البلاد بلادٌ واحدة، هنا تكمن الاشكالية أن الغرب ثبت مفهومه حتى هذه اللحظة، فالكل الأن يتكلم عن المشرقية، ما هي المشرقية؟ فتاريخياً من أيام بقليموس حتى الأن اسمها سورية، هذه البلاد واحدة. أنا قناعاتي كما قال مثلاً عندما يذهب مقاتل من جنوب لبنان ليقاتل في الشام فهذا الشيء عظيم جداً بغض النظر عن أراء البعض بما يسمى الثورة السورية، لأن لاول مرة هذه الحدود الذي فعلها غورو تكسر.

الفرنسيين حاولوا التجزئة، فأقاموا 5 دول في سورية ولم ينجح المشروع، كانوا يريدون أن ينشئوا دولة للشركس لم تنجح، كانوا يريدون أن ينشؤوا دولة للسريان بقيادة المطران تبوني لم تنجح، يعني أبناء هذه المنطقة لا يريدون أن يتجزأوا، يقول سعاده بوحدة هذه المنطقة وهذه الوحدة وقفاً على إرادة شعوب هذه المنطقة، فما الخطأ في كلامه؟ 

الأتراك كانوا قد قسمونا الى سناجق، لدي أصدقاء من الخيام رجل كبير في العمر التقيت به يقول لي “لم نعرف بيروت, نحن بدأنا نعرف بيروت بعد 1948 “هو خياط كان يذهب إلى حيفا كل أسبوع ويعود، كان كل الإقتصاد في جنوب لبنان معتمد على الجنوب السوري، فهذه البلاد متشابكة يعني حتى بموضوع الثروات النفطية بالبحر هذا حوض واحد لا يمكن لأحد أن يجزئ ما جمعته الطبيعة، أي لا يمكن للخط الحدودي الذي قرر الانجليزي والفرنسي أن يضعة ولم يأخد رأي أحد هنا، يعني Newcombe-Paulet الإتفاق سنة 1923 هل سألوا اللبنانيين أو الفلسطينيين؟ لم يسألوا أحد. وعندما تقدموا شمالاً إذا بتراجع نريد أن ندخل إلى الحركة الصهيونية لأن هنا تكمن القصة، عندما بدؤوا بالتقدم في المناطق التي كانت ضمن لبنان الكبير، لم يقبلوا الصهاينة، في مذكرة الحركة الصهيونية لمؤتمر الصلح 1923 الصفحة 2 هي عبارة عن 14 صفحة في الإنجليزية مكتوب عليها ممنوع أن يعلن منعاً باتاً، اشتريت نسخة منها يقول عن الحدود أن “هنالك نقطة في جنوب صيدا تمتد شرقاً لتشمل جميع منابع المياه إلى أن تصعد إلى جبل حرمون ثم تتجه جنوباً بإتجاه البحر الميت حدودهم جنوب صيدا ليس لأنهم يريدون مصادر المياه ولكن لأن المشروع لا يعيش بدون مصادر المياه”، والقصة ليست نفط وغاز بل هي قصة مياه، لذلك كل عهود الاستقلال أو ما يسمى بالإستقلال لم يضع ولا مضخة مياه على ولا نهر لأن ليس لهم الجرأة، بأيام عهد الرئيس اميل لحود، أعتقد حزب الله أو أحد الأحزاب قرر ان يأتي بمضخات ليضخ المياه على بعض القرى العطشى، هدده بالقصف، نزل الرئيس لحود شخصياً إلى مكان القصف وفرضوا الضخ. ايام الربيع تذهب المياه بإتجاه فلسطين في الصيف كل القرى تعطش، بسبب منعهم من إستعمال المياه,  لم يدق أحد بأي من العهود، طبعاً موضوع النفط والغاز يأتي اليهم بعائدات، لكن موضوعهم الأساسي هو موضوع مياه. اردوغان بنى حوالي مئة سد وشعبه مازال عطشاً، العراق لديه مشكلة تصحر. بنغوريوم عندما نفوه الأتراك أصدر كتاب أن المشروع الصهيوني لن يعيش بدون المياه وبدون الجليل، لأن الجليل أخصب مناطق فلسطين. 

إن قرأت عنهم فهؤلاء الناس منظمين، متعلمين على درجة كبيرة من الثقافة, من عالم الفيزياء الى عالم الطبيعة, عالم النباتات، وعالم توليد الكهرباء, كلهم إشتغلوا على الأرض, وعند دخولهم على فلسطين ضخت أموال هائلة لهم، روتشيلد دفع كل أمواله حتى يدربهم ويصنع هذه الفرق، كان لديهم ليس فقط في الجليل كان لديه 7 صور في حوران، سلبوا منهم فيما بعد، ولكنهم إستوطنوا في حوران لأنهم يريدون كل الحوض المائي في الشمال.

هل باع الفلسطينيون أرضهم؟

في قصة بيع الأراضي، هنالك بعض الأسر الرأسمالية اللبنانية والسورية باعوا اراضيهم في فلسطين، آل سرسق، آل تيان، آل تويني، أبناء عبد القادر الجزائري، أحمد الأسعد، خالد شهاب الذي كان رئيس وزراء في لبنان، آل سلام باعوا. مثل اللبنانيين تقول لهم أنا هذا بشير جميل أدخل شارون إلى بيروت، يقولون لأنه “انزنق”. في الوثائق الفرنسية هنالك مراقبة دقيقة لكل عمليات البيع والشراء، كانو يأتون إلى بيروت ويفاوضهم وكان هنالك 3 بنوك تتعامل في دفع الفلوس لبيع الأراضي وللصحافة، ذكرت اسماؤهم في الكتاب.الناس لم تبع اراضيها “منها لحالها”، هنالك بع1 المزارعين الذين كانت أوضاعهم صعبة يدفع لهم أكثر في ارضهم التي تساوي حوالي 2000 متر فيبيع، ولكن كان هنالك سمسار هو شيخ قرية الخالصة ومذكور في مذكرات يوسف نعمان الذي كان يتولى عمليات الشراء عند روتشيلد، ورد إسم هذا السمسار في 100 مرجع، هذا الشيخ إنتقل على لبنان ويأخذ الجنسية اللبنانية ومن أعطاه هذه الجنسية صديقه رياض الصلح عاش بين بيروت وكان في الصيف بالزهراني، في 1948 دخلت دورية سورية وقتلته وأشتعلت بين لبنان وسورية بسبب السيادة، ثم صالحتهم السعودية.

يمكن متابعة المقابلة كاملة عبر الرابط التالي: