رأس السنة السورية “أكيتو”

إعداد محمد جميل عليان

    يُعتبر التقويم السوري أقدم تقويم ( 6773 عام)، فهو يسبق التقويم العبري بما يزيد على الألف عام والتقويم الفرعوني بخمسمائة عام، يبدأ في اليوم الأول من شهر نيسان، وقد أُعتمد لدى الحضارات السومرية، البابلية، الأكادية، الأشورية والكلدانية، واستمر مع حضارات ماري وأوغاريت وتدمر وغيرها.

    “أكيتو” هو رأس السنة السورية، وتعني بداية أو عتبة، أو موعد بذر وحصاد، وأول من احتفل به السلالة البابلية الأولى، ويُعتبر أقدم عيد مسجل في سورية الطبيعية، ويرتبط اسم “أكيتو” بموسم بذر وحصاد الشعير، وانطلاق الحياة في البذور والنباتات، وتكاثر الأنواع.

     بداية كان “أكيتو” عيداً للحصاد الزراعي، ثم تطور إلى عيد وطني للسنة الجديدة، ويتزامن مع الاعتدال الربيعي، أي الفترة التي يتساوى فيها الليل والنهار، ويرتبط بـالبداية الحقيقية للحياة، ونهاية موسم المطر والبرد وبداية الربيع والخصب والزراعة، ويُحفّز الطّقس الإنسان مانحاً روحه التجدد والاندفاع للنّهوض والعمل والإبداع بحرارة، وكان يبدأ في 21 آذار، وينتهي في 1 نيسان الذي يمثّل رأس السنة.

    كان السوريون القدماء يحتفلون مرتين في العام، الأولى في بداية شهر نيسان، والثانية في تشرين الأول، الذي يمثل الاعتدال الخريفي وبداية زرع البذور، فيما يمثل شهر نيسان عودة الربيع، واستمر الاحتفالان لفترة من الزمن ثم تحولا إلى احتفال واحد.

    كانت تقام احتفالات “الأكيتو” عند السومريين لإله القمر “نانا”، وكانت هذه المناسبة عندهم تحمل صفة القداسة، ما جعلها أفضل فرصة لإقامة شعائر الزواج المقدس، وارتبط عند البابليين بانتصار الإله “مردوخ” على الالهة “تيامات”، وكان يتخلل هذه الاحتفالات تقديم الذبائح وإقامة الصلوات، وقراءة قصة الخلق البابلية “اينوما إيليش” التي تحكي عن عملية اتحاد الآلهة تحت راية “مردوخ” وانتصاره على “تيامات”، إضافة إلى الاحتفالات السياسية والاجتماعية، ويأمل المحتفلون بأن تأتي السنة وفيرة بالإنتاج الزراعي، والحياة الجديدة، وكانت تستمر الاحتفالات بهذا العيد لمدة 12 يوماً متواصلة، وتم تقسيم هذه الأيام إلى طقوس مختلفة، فيبدأ في أيامه الثلاثة الأولى بطقوس الحزن، ويتبعها يومان للطهارة، وطلب الغفران، ويتبعهما يوما الأمل والرجاء، وهما السادس والسابع.

    ارتبط هذا العيد بالآلهة عشتار، وهي الأم المنجبة للحياة، نجمة الصباح والمساء، والتي في فمها يكمن سر الحياة، ومن ابتسامتها يشع الأمن والطمأنينة، ويأمل المحتفلون بأن تأتي السنة وفيرة بالإنتاج الزراعي، والحياة الجديدة.

    ويجري تداول عبارة “آكيتو بريخو” للتهنئة بعيد رأس السنة السورية، وهي تعني الفرح والسعادة.