هل أسلحة الحزب أسلحة كاسرة للتوازن، ام مجرد وهم لا وجود له ؟

منذ ما بعد مواجهة تموز عام 2006 والحديث مستمر عن قدرات الحزب العسكرية والمدى الذي وصلت اليه سواء على صعيد الكمّ او النوعية ، وكثيرة هي التقارير التي تحدثت عن هذا الجانب سواء من المحور الذي ينتمي اليه الحزب او من المحور المعادي له .

لكن يبقى انّ كل ما يُنشر هو مجرد تخمينات وتوقعات وتحليلات لا أساس موضوعي لها لأنها لا تستند الى وقائع ملموسة سواء لجهة أماكن تموضع هذه الأسلحة او حجمها او حتى طرق وظروف وكيفيات استخدامها  ربطاً بالقاعدة الأساسية التي بنى عليها الحزب استراتيجية المواجهة مع الكيان المؤقت وهي الكتمان الشديد والسريّة الفائقة وخير توضيح لهذه المسألة هو عدم قدرة العدو على تحديد أماكن السلاح سواء تخزينه او أماكن تموضعه المفترضة وانا هنا اتحدث عن الأسلحة ذات الطابع العملياتي والإستراتيجي .

ويبقى انّ اية مقاربة لهذا الموضوع وحتى تتصّف بالواقعية فإن مستندها الوحيد هو ما صرّح به الأمين العام سواء بالنسبة للأسلحة او المعادلات بعناوين رئيسية لم تتطرق الى التفاصيل التي ستبقى مرتبطة بمفاجآت الميدان لحظة انطلاق المواجهة الشاملة .

وانا كغيري من الخبراء لم ولن ادّعي معرفتي التفصيلية باية اسرار حول أسلحة الحزب ولا باستراتيجيته وتكتيكاته الا ربطاً بما شاهدناه من تطور لقدرات الحزب الميدانية في مرحلة الحرب على سورية وايضاً بما صرّح به الأمين العام للحزب وما صدر عن قادة العدو .

وهنا سأحاول تبيان مسألتين أساسيتين وهما :

  1. تطور الأنماط القتالية للحزب .
  2. أسلحة الحزب المختلفة .
  3. في المسألة الأولى لا يختلف الصديق ولا العدو على ان الحزب وصل الى مرحلة بناء التشكيلات الكبرى وخوض القتال على مستوى فوج وما فوق مستفيداً من تجاربه القتالية في سورية وفي معارك تحرير الجنود اللبنانية من الجماعات الإرهابية ونظّم الدفاع والهجوم بالإعتماد على تشكيلات كبيرة متجاوزاً نمط قتال البقعة الذي اعتمده في مواجهة 2006 .

هنا يُطرح السؤال المنطقي : اذا كان الحزب قد استطاع العمل بتشكيلات كبيرة بمواجهة الجماعات الإرهابية مدعوماً من سلاحي الجو السوري والروسي واعداد كبيرة من قطع المدفعية والراجمات ، فكيف سيستطيع تنفيذ اعمال هجومية باتجاه الجليل الفلسطيني وفوقه كل سلاح الجو الإسرائيلي وحزمات كبيرة من صليات المدفعية والراجمات الإسرائيلية ؟

والجواب على هذا السؤال بسيط للغاية انطلاقاً من طبيعة التشكيلات التي بناها الحزب والتي تعتمد على المرونة العالية في الحركة بالإعتماد على عربات الدفع الرباعي وخصوصاً منها الدراجات الرباعية والتي يمكنها حمل أسلحة رشاشة متوسطة وثقيلة واسلحة مضادة للدروع وكذلك صواريخ محمولة على الكتف مضادة للطائرات يمكنها التعامل مع حوامات العدو والطائرات المسيّرة سواء الإستطلاعية او الهجومية وحتى طائرات الدعم القريب ، إضافة الى انّ نجاح هجمات من هذا النوع تعتمد بالدرجة الأولى على تحقيق التماس بأسرع وقت مع قوات العدو لمنعه من استخدام سلاحي المدفعية والجو في التصدي لوحدات الحزب المتقدمة ، وفي كل الأحوال سيكون لسلاح الأنفاق دوره الأساسي وكذلك وحدات الهندسة التي ستعمل على فتح الثغرات بشكل سريع في الجدار الفاصل .

عموماً يبقى عنصر المفاجأة هو العنصر الأهم في تنفيذ المهام الهجومية من خلال تمويه واخفاء المقاتلين والدراجات الثنائية والرباعية الدواليب  والتي ستشكل برأيي رأس سهم الهجوم وانا هنا لا افشي سرّاً فالتمارين حول هذه الأنماط تم نشرها علناً بمثابة رسالة تهديد وردع معاً للعدو .

  • في المسألة الثانية لم يعد سرّاً امتلاك الحزب لتشكيلة واسعة من صواريخ ارض- ارض يمكن الإشارة اليها بحسب مداها ورأسها المتفجر .
  • صواريخ غراد وهي بثلاثة أنواع : مدى 11 كلم ومدى 21 كلم ومدى 40 كلم ويمكنها حمل رؤوس متفجرة  بين 11 و30 كلغ ويمكن لهذه الصواريخ تأمين غطاء صاروخي بعمق يصل الى  20 كلم كحد وسطي لأي عمليات اختراق يمكن ان ينفذها الحزب مستقبلاً .
  • صواريخ فجر – 3  وفجر – 5  وهي بمدى يتراوح بين 70 الى 100 كلم برؤوس متفجرة تتراوح بين 40 الى 90 كلغ وهي صواريخ بات قسم كبير منها يحمل أنظمة توجيه دقيقة وسيكون بمقدورها استهداف نقاد القيادة والسيطرة وتجمعات العدو بدقة عالية وهو ما يكافيء في مكان ما صواريخ MLRS الموجودة لدى العدو .
  • صواريخ فئة زلزال وهي بأسماء مختلفة أهمها على الإطلاق نظام فاتح – 110 بنسخه الثلاثة ومن بينها النسخة الثالثة المطورّة والتي يصل مداها الى 400 كلم  برأس متفجر يقارب 600 كلغ وبنسبة خطأ بسيطة جداً لا تتجاوز الأمتار ويمكن لهذه الصواريخ ان تؤثر في نقاط العدو الإستراتيجية والبنى التحتية الأساسية ذات الطابع الحساس كما يمكن ان تكون ذات تأثير كبير في ردع العدو عن استهداف السكان والبنى التحتية في لبنان  وهذا يثبِّت معادلة الدمار مقابل الدمار .
  • صواريخ ارض – بحر ومن ضمنها فئتين أساسيتين C-802   والنسخ الإيرانية المطوّرة منها وصواريخ ياخونت الروسية والتي يمكن اطلاقها من منصات متحركة تؤمن سرعة عالية في المناورة والتخفي قبل وبعد الإطلاق ، وكلا الفئتين يمكنهما إصابة  قطع العدو البحرية على مسافات بين 200 الى 300 كلم ، كما يمكنها  تنفيذ عمليات تحريم الحركة للسفن بما فيها التجارية وبهذا يمكن رسم معادلة الحصار مقابل الحصار .
  • الصواريخ ارض – جو وهي بحسب ما حصل مع طيارين من سلاح جو العدو حيث تمت عمليات اطباق راداري على طائراتهم لمرات عديدة ولثوانٍ معدودات يمكن ان تكون منظومات  سام – 8 وبانتسير اس – 1  وبوك -1 وهي كلها منظومات متحركة يمكنها رمي أهدافها وهي في حالة الحركة كما يمكن لعدد محدود من العربات ان يؤمن السماء اللبنانية وان يعقد عمليات سلاح جو العدو واعاقة تنفيذه لمهامه في الحد الأدنى حتى لا ندّعي انه يمكن انهاء عمل سلاح الجو الا في حالة واحدة وهي ضرب مدارج وابراج مطارات العدو بشكل مستمر لمنع طائراته من الإقلاع وهو تدبير وارد .
  • أسلحة المضاد للدروع والتي باتت موجودة وباعداد كبيرة بدءاً من قاذفات ار بي جي 29 مروراً بالفاغوت والكونكورس والكورنيت القديم وصولاً حتى الكورنيت  أي ام وهو بمدى 10 كلم نهاراً و8 كلم ليلاً  ما يعني القدرة على التعامل مع مدرعات ودبابات العدو من مسافات 500 متر الى 9،5 كلم وهي مسافات تحريم وصد وقتل ليست بالبسيطة .
  • صنوف مختلفة من الغواصات الصغيرة المأهولة والمسيّرة وزوارق المطاط التي تحمل منظومات طوربيد إضافة الى مجموعات الغواصين المحترفين ( الضفادع البشرية ) الذين يمكنهم تنفيذ عمليات اغارة وزرع الغام شاطئية تستهدف منشآت وقطع العدو البحرية .
  • الطائرات المسيّرة وهي ما يقول عنها العدو انها بالآلاف بين استطلاعية وقاذفة وانتحارية واختصاراً يمكن القول ان كل ما تمتلكه ايران من نماذج يمكن ان يكون متوفراً لدى الحزب وبالأعداد المناسبة .

وهذه المسيرات بالتحديد سيكون لها الى جانب الصواريخ الإستراتيجية والعملياتية الدور الأكبر بمواكبة أي عمليات دفاعية او هجومية ستحصل .

انطلاقاً ممّا سبق ذكره لا احد يستطيع القول بان أسلحة الحزب هي مجرد وهم ولا احد يستطيع تحديد قدرتها بشكل دقيق بالنظر الى السرية المرتبطة باعدادها وانواعها وقدراتها بانتظار ان تُحدث هذه الأسلحة عن نفسها في المواجهة الشاملة القادمة ان حصلت لأن الكثير من المعطيات باتت تشكل مؤشراً على بدء دخول الكيان المؤقت في مرحلة التفكك ، وهذا لا يعني الرهان على التفكك فقط بل الإستمرار باعداد العدّة وكأن المواجهة حاصلة غداً.

الخبير عسكري وخريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية عمر معربوني