لا شك أنّ ريال مدريد هو النادي الأكثر نجاحًا على المستوى الأوروبي، تاريخيًا كما حاضرًا، فالنادي الإسباني يتربّع على عرش دوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني، ويفرض نفسه منافسًا شرسًا على كل الجبهات، موسمًا بعد موسم.
لكن رغم كل هذا، يبدو هذا الموسم، أنّ صفات عديدة تليق بالريال وتنطبق عليه، باستثناء صفة واحدة، وهي “الاستقرار” فنتائج النادي متفاوتة بشكل كبير، وهي انعكاس لتفاوت أداء اللاعبين بين مباراة وأخرى.
يحتل ريال مدريد المركز الثاني في الدوري الإسباني خلف الغريم برشلونة، وفاز في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا بخمسة أهداف لهدفين على ليفربول، وخسر السوبر الإسباني لحساب برشلونة وفاز بلقب كأس العالم للأندية.
لا يبدو موسم النادي الملكي سيئًا حتى اللحظة، وما زال ينافس على جميع الجبهات، لكن نظرة أعمق للأداء والمستوى يعطي فكرة أوضح عن وضع مقلق للجماهير يمر به النادي.
الفوز العريض على ليفربول لا يعني بالضرورة أنّ الريال في أفضل أحواله، فالجميع يعلم أنّ النادي الإنجليزي يعاني كثيرًا هذا الموسم، وبعد هذا الفوز تعادل الريال مع الجار اللدود أتليتيكو مدريد بهدف لمثله، وخسر في كلاسيكو ذهاب نصف نهائي كأس الملك بهدف نظيف ثمّ تعادل مع ريال بيتيس سلبًا، قبل أن يعود إلى سكّة الانتصارات يوم السبت الماضي من بوابة إسبانيول إذ فاز عليه بثلاثة أهداف لهدف، الريال حتى اللحظة ما زال متواجدًا بقوة في دوري الأبطال بانتظار مباراة العودة ضد ليفربول، والأمر عينه في كأس الملك بانتظار العود ضد برشلونة، وما زال في المنافسة في الدوري، وهو يستطيع الفوز بكل شيء أو خسارة كل البطولات.
وإذا كانت ما زالت جميع الأبواب مفتوحة أمام الريال، لكن هذا القلق الذي يخلقه عند جماهيره أسبابه عديدة، ومنها ما هو خارج عن إرادة المدرب واللاعبين ومنها ما هو مرتبط مباشرة بهم.
عانى عدة لاعبين في ريال مدريد من الإصابات هذا الموسم، وأبرزهم ميندي وبنزيمة وألابا، والذين يشكلون نواة في تشكيلة الفريق، وإذ كانت الإصابات أمرًا طبيعيًا في عالم كرة القدم، فمشكلة الريال تكمن في ضعف دكة البدلاء، وغياب الحلول عند إصابة أحد اللاعبين الأساسيين، وهو أمر لم تعتد الجماهير لديه، إذ لطالما كانت قائمة الفريق الإسباني مليئة بالنجوم، على أرض الملعب كما على دكة البدلاء، لكن انشغال الإدارة برئاسة فلورينتينو بيريز بمشروع الملعب الجديد، والذي سيحول السانتياغو برنابيو إلى مدينة رياضية مذهلة، دفعه إلى إهمال الانتقالات في الفترة الماضية، ولكنّ من يعلم سياسة بيريز يدرك تمامًا أنّ هذا الحال لن يطول، وفي سوق الانتقالات، ومهما تعقدت الأمور، في النهاية سينال بيريز من يريد، إلّا في حالات نادرة جدًّا.
لاعبو الريال قد يكونون جزءًا من المشكلة، فأداؤهم متفاوت بشكل كبير بين مباراة وأخرى، وهي مشكلة يتحمّل جزءًا منها أيضًا المدرب كارلو أنشيلوتي، الذي لا يبدو أنّه قادر على ايجاد حلول ل”مزاجية” اللاعبين في الأداء، أو لتثبيت الاستقرار في النادي، فأنشيلوتي على الرغم من كونه أحد أنجح المدربين في الفترة السابقة، خاصة في دوري الأبطال، يبدو أنّه ليس بالرجل المناسب في الفترة الحالية للريال، ولكنه يصر في المقابل على أنّ ناديه يعرف تمامًا كيف يتخطى الصعاب، وينهض منها أقوى من أي وقت.
هنا أصاب أنشيلوتي في ما قال، فريال مدريد، أثبت دائمًا على أنّ أقصى صعابه ليست سوى غيمة صيف عابرة، وأنّه قادر على النهوض من أي مشكلة يمرّ بها، والعودة لتحقيق البطولات حتى حين يبدو أنّه يمر بموسم “سيئ”، فهل يكون هذا الموسم موسم “معجزة” جديدة ترى الجماهير الريال على المنصات في نهايته، أم أنّ ناقوس الخطر بدأ يقرع في البيت الملكي؟