هبت يوم أمس على منطقة الشرق الاوسط عاصفة سياسية غير مسبوقة فاجأت العالم بمغازيها واثارها الانية والمستقبلية واقصد بها الاتفاق السعودي والايراني وبرعاية صينية وفي العاصمة بكين على اعاده العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ عام ٢٠١٧، بين السعوديه وايران وتبادل السفراء خلال شهرين، والاتفاق على تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعاون التكنولوجي والعلمي المستقبلي بين البلدين.
يكتسب هذا الإعلان أهميته الكبرى من انه يشكل الاقتحام السياسي الصيني لأول تدخل نشط في السياسة الدولية في إطفاء خلاف مستعر منذ سنين بين دولتين وان تكون بكين مركزا للاتفاق والاعلان عنه. في وقت لم يعهد العالم من الصين سوى الاهتمام بالقضية الاقتصادية وبناء العلاقات الاقتصادية مع الدول بعيدا عن أي تدخل في الأمور السياسية لتلك الدول الداخلية أو الخارجية .
هل سيشكل ذلك ايذانا ببدء النشاط السياسي في القضايا العالمية للقوة العالمية الصاعدة، خاصة مع مبادرتها أيضا لانهاء الصراع بين روسيا والغرب الدائر على الأرض الاوكرانية؟ هذا ما ستجيب عليه الايام.
أما إيران، وهي تشعر بالسعاة في الوصول لهذا الاتفاق والذي كان يشكل عامل ضغط استراتيجي وسياسي كبير عليها ،ومهما لها أن تزيل هذا الضغط الكبير عنها ويخفف من حجم الضغوط الأخرى عليها في المنطقة ويخلق الفرص أمامها لفرض واقع جديد في صراعها مع الغرب و”إسرائيل” ويمنعهم من استغلال دول وشعوب المنطقة في صراعهم ضد إيران ويصعب من عدوانهم على إيران، ويكفي أن نرى السعار والجنون الاسرائيلي من الإعلان عن ذلك الاتفاق . وكذلك الهدوء الأمريكي غير المعهود والممزوج بالصدمه من اعلان الاتفاق وقولها ، وأعتقد كذبها،بانها أبلغت قبل الإعلان بالوصول الى الاتفاق بين البلدين وانها باركته
الموقف السعودي الشجاع في الوصول إلى مثل هذا الاتفاق وإنهاء الخلاف مع إيران والحديث عن المصلحه الوطنية السعوديه في إنجازه خطوه مهمه في الاتجاه الصحيح ،سوف يعقبها بالتاكيد ،وبمنطق الامورأيضا، خطوات شجاعه في انهاء حرب اليمن وأعاده العلاقات مع سوريا والوقوف إلى جانبها في لملمه جراحها وإنهاء المأساة السوري الممتده وكذلك اتخاذ موقف اكثر تسامحا واقل عدوانيه من حلف المقاومه في صراعه مع إسرائيل .
اتفهم بأن البعض يعتقد انني احلم او اتوهم دورا مبالغا فيه للسعوديه ولا يتسق مع ما عرفناه عن السياسه السعوديه ، ولكني اعتقد ان السعوديه سارت مع ولي العهد السعودي دربا جديدا ولن تستطيع التراجع والعوده عنه، ما دامت تطلب التعامل الندي والاحترام المتبادل من الغرب والولايات المتحده تحديدا ،وتعرف أيضا أن الغرب لن يتركها وسوف تعمل على إعادتها إلى الحظيرة والتي تحاول الخروج منها واخذ دورها العربي والعالمي الذي تستحقه والذي يرفضه الغرب ولا يقبل به لخطره على الغرب كله وتدرك السعوديه انها تملك الفرصه التاريخيه في ظل الظروف الدوليه المضطربه والفوضويه والتي أشعلها الغرب في العالم كله وتصدي العالم كله لجنون الغرب من احساسه بإفول الغرب ،والجهد العالمي لبناء عالم متعدد الاقطاب وعلى العالم العربي أن يأخذ مكانته التاريخيه المستحقه في هذا العالم المتغير .
السعودية جزء من هذا العالم وهي أيضا تتغير في الداخل وفي الخارج بخطوات سريعة وهي أيضا تعرف ان هذ التغيير لن يقبل به الغرب وسيجهد في التامر عليها واختلاق الصراعات الداخلية والخارجية وحتى العدوان عليها ولن تستطيع حمايه نفسها إلا بتحصين نفسها في الداخل وحل كل مشاكلها في المنطقه والاقتراب من العالم الصاعد والاندماج فيه حتى تجعل من الصعب الاعتداء عليها .
السعودية تسير في الاتجاه الصحيح وبدعم الأشقاء والاصدقاء والحلفاء الصاعدون ستتمكن من تجاوز المخاطر التي ستتعرض لها حتما من هذا الغرب المتغطرس والمجنون.