رسالة مطران القدس عطالله حنا بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة

أيها الأحباء الأخوة والأخوات

يطيب لي أن أخاطبكم صبيحة هذا اليوم من رحاب مدينتنا المقدسة والقدس الآبية حاضنة أقصانا، (المسجد الأقصى) وقيامتنا (كنيسة القيامة)ووحدتنا الوطنية والإنسانية.

أيها الأحباء ابعث بتهنئتي القلبية لكل من يحتفلون اليوم حسب التقويم الغربي أو الذين سيحتفلون حسب التقويم الشرقي تعددت التقاويم لكن رسالة العيد واحدة

وصاحب العيد واحد هو السيد المسيح الذي ولد في مغارة في بيت لحم ليعلمنا التواضع ومنادياً ان نكون متواضعين في حياتنا، وكلما كان الإنسان متواضعاً كان عظيماً

أيها الأحباء أرض الميلاد تنزف دماً ومدينة الميلاد حيث المغارة التي ولد فيها المخلص، بيت لحم، محاصرة تحيط فيها الاسوار والحواجز العسكرية كما وكل المدن والبلدات والمخيمات في الضفة الغربية.

يريدون للفلسطيني ان يعيش وكأنه في سجن كبير، كل مدينة وكل قرية وكل مخيم وكل محافظة في الضفة الغربية يكون عبر بوابات عسكرية يفتحها الاحتلال متى يشاء ويغلقها متى يشاء وكأنه محكوم على الفلسطيني ان يعيش في كانتونات متباعدة عن بعضها البعض.

أما مسألة الوصول إلى القدس ففي غاية التعقيد والصعوبة. الفلسطيني لا يستطيع الوصول إلى القدس، سيرى أمامه الحواجز والبوابات العسكرية التي تمنعه من الوصول إلى القدس لزيارة المقدسات من اجل التجول في أزقة المدينة العتيقة وأسواقها، كما بقصد العمل في القدس. وهذا مخطط هادف لانتزاع القدس من الجسد الفلسطيني.

يريدون للفلسطيني ان يعتاد بدون القدس دون ان يأتي اليها ويصلي في كنائسها ومساجدها ويعمل فيها ونحن لن نكون دون القدس ومعها.

رسالتنا في هذا العيد إننا باقون في هذه الأرض مهما تعرضنا للتنكيل والضغط والاضطهاد والمحاولات الهادفة لتغريبنا ولجعلنا نحزم أمتعتنا، نحن باقون وسنبقى لن نغادر هذه الأرض وجذورنا عميقة في تربتها كشجرة الزيتون التي ترمز إلى السلام لكن جذورها العميقة في تربة هذه الأرض ترمز إلى عراقة وجودنا الفلسطيني في هذه البقعة المباركة من العالم.

أما غزة المكلومة والمنكوبة فما يحدث فيها لا يمكن ان يتصوره عقل بشري الدمار في كل مكان والدماء والآلام والأحزان في كل مكان وأهلنا يتضورون جوعاً ولا يجدون ماء أو دواء لمعالجة مرضانا ما يحدث في غزة انما هي وحشية لا توصف بكلمات

في عيد الميلاد نرفع دعاؤنا من اجل غزة ونطالب بأن تتوقف محنة غزة وان تذهب قوافل الإغاثة لتوصل إلى أهلنا في غزة ما يحتاجونه من دواء وماء وغذاء.

ومن الأهمية بمكان ان يبدأ تخطيط إعادة الأعمار وانتشال الركام وهذا يحتاج إلى سنوات وسنوات لأن ما حلّ بغزة من دمار لا يمكن ان يوصف. دمار وخراب في كل مكان

اعان الله أهلنا في غزة وكان معهم في هذه الأوقات العصيبة التي يعيشونها. والمسيحيون في غزة وهم ربما 500 شخص فقط يجتمعون في كنائسهم هناك ويضيئون اشجارهم ويرتلون ويصلّون ولسان حالهم “اننا في غزة باقون.”

كما هو حال كل الشعب الفلسطيني هناك. اهل غزة يتم التنكيل بهم، ولكنهم باقون وسيعملون على إعادة بناء ما دمر وهم متشبثون بانتمائهم وعراقة وجودهم في هذه البقعة من العالم.

أوجه تحيتي في عيد الميلاد إلى كل الاشقاء العرب وكل الأحباء والاحرار من أبناء امتنا أحيي الاحرار في العالم من كل الأديان والاعراق والخلفيات الثقافية الذين يقولون لا للاحتلال لا للاستعمار ونعم للحرية نعم للكرامة نعم كي يعيش الشعب الفلسطيني بحرية في وطنه مثل باقي شعوب العالم.

من القدس أحيي أهلنا واحبائنا في لبنان وسوريا والعراق وفي سائر ارجاء المشرق العربي وكل الأقطار والدول العربية نحييكم جميعاً في هذا العيد المجيد ونقول لا يضيع حق وراءه مطالب

فلسطين ستبقى قضية العرب الأولى وقضية الإنسانية الأولى وفي عيد الميلاد نقول مجدداً اننا باقون في هذه الأرض ولن تتمكن اية قوة غاشمة من انتزاعنا وانتزاع جذورنا العميقة في تربة هذه الأرض المباركة.

واود التنويه بأننا نرفض كل مظاهر الكراهية والعنصرية وسمعنا في الآونة الأخيرة انباء ومظاهر مزعجة للتطرف والعنصرية والكراهية وهي خارجة عن السياق الإنساني، والحضاري، والوطني، والروحي.

المسيحيون والمسلمون في هذا المشرق هم اخوة وكما كان يقول البطريرك الراحل اغناطيوس الرابع هزيم العروبة لها جناحان والإسلام والمسيحية هما جناحا العروبة

هكذا كنا وهكذا سنبقى والاحداث النشاز لن تؤثر علينا.

في جنين قام مجموعة من المتخلفين والمتطرفين بإحراق شجرة عيد الميلاد لكن كان الرد من أهالي جنين يتقدمهم مفتي جنين وشخصياتهم المسيحية والمحمدية بان ذهبوا إلى باحة الكنيسة مجدداً وزينوا الشجرة مجدداً واضاءوها وكأنهم يقولون للعالم بأسره ان قوى الشر لن تنال من عزيمتنا واخوتنا.

 ميلاد مجيد لكم جميعاً  وكل عام وانتم بخير .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *