كسر الرئيس نبيه بري أنبوب التجربة الرئاسية لتتطاير شظاياه ذات اليمين وذات اليسار، من خلال رسالة مجازية لم يقصد منها الإساءة لشخص المرشح بعينه وإن ذهب البعض الى التأويل للتحشيد الشعبوي والكسب المعنوي العاطفي.
لقد اهتزت شباك المراوحة المملة التي دمغت جلسات الانتخاب الفولكلورية، كما تبددت مفاعيل المراوغة في مسألة شماعة التعطيل وتحميل قوى محور المقاومة أسبابها والنتائج.
باختصار شديد سال الحبر السري عن الأوراق البيضاء ال 63 لينضح اسم سليمان فرنجية وتنضج معه كل آليات المواجهة.
إنّ محور المقاومة حسم خياره النهائي بتسمية سليمان فرنجية مرشحًا للرئاسة لقناعة راسخة أنّ المواصفات والمهام والدور المطلوب في ظل تعقيدات المشهد المحلي والإقليمي وإن ظهرت بوادر انفراجات ملموسة واكبت ترددات الزلزال الذي ضرب سوريا، أكثر ما تنطبق على سليمان فرنجية في الظرف الراهن لتعذر تعديل دستوري يؤمن وصول قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الى سدة الرئاسة حسب ما صرح الرئيس بري أكثر من مرة.
إنّ كل الجهود راهنًا تنصب على تجاوز القطوع الرئاسي لوقف الانهيار المتفاقم وإطفاء اللغة الطائفية الطاغية وردم الصدوع المجتمعية المتسعة، في ظل غياب التفاهمات الإقليمية وسقوط لبنان عن لوحة الاهتمام الدولي المنشغل بملفات الصراع المحتدم في اوكرانيا على زعامة العالم، او بالحد الادنى إعادة توليف القوى الدولية وفق منطوق تعددي يجوف الأحادية الأميركية.
والحال فإن بزة المواصفات الرئاسية تأخذ مقاس سليمان بك بالتمام والكمال فهي أولًا: الحفاظ على الدور المسيحي في النظام السياسي.
ثانيا: عدم طعن المقاومة أو القبول بوشوشات الغرب الجماعي وعلى رأسه أميركا في قضايا جوهرية حساسة لا سيما سلاح المقاومة والتفريط بقوة لبنان بالمجان لقاء وعود خلبية ومساعدات أشبه بالصدقة المذلة.
ثالثًا: الحفاظ على الطائف الذي يضمن عدم استثارة المكون السني واستفزاز المملكة العربية السعودية وبالتالي قدرة فرنجية على صياغة علاقة الحد الاقصى من التعاون مع المملكة، وعبرها الى كل دول الخليج مستندًا الى صلات تاريخية بين عائلته والسعوديين مشفوعة بحرص شخصي على أهمية هذا الرابط الحيوي للبنان.
اما العلاقة مع الشقيقة سوريا والتي لحظها اتفاق الطائف وتكرست باتفاقات موقعة من حكومتي البلدين، فإنّ سليمان فرنجية أقرب لسوريا من حبل الوريد وباستطاعته الحصول على أكثر مما نصت عليه اتفاقية التعاون والتنسيق، أولًا لوطنية الرجل وفروسيته وايمانه أنّ سوريا بوابة لبنان الى الوطن العربي.
لقد كشفت الأيام الأخيرة ذات الصلة بالاستحقاق وفق مصادر متابعة وقريبة من مراكز القرار : إنّ تظهير سليمان فرنجية كمرشح لقوى الممانعة جاء بناء على تشكل قناعة راسخة لدى هذه القوى تكشفت في ضوء رفض فكرة الحوار من أصلها عقب دعوات متكررة من الرئيس نبيه بري بقصد وعن سابق ترصد وتصميم، ومعها ضرب التشريع واجتماعات اللجان النيابية ومن ثم اقفال المجلس النيابي والحكومة والصراع على المؤسسات بين القوى المسيحية، ما أفضى الى تعطيلها. كل ذلك الغاية منه الركون النهائي الى فكرة الفدرلة لوهم الخلاص الجماعي، والتعبيرات في هذا الشأن كثيرة: إعادة النظر بتركيبة الدولة، الطلاق، لا يشبهوننا، اللامركزية الادارية الموسعة والمالية، أبعد من الفدرلة، لكم لبنانكم ولنا لبناننا…..الخ) .في ظل تحييك خارجي لمنطقة آمنة من خط الشام حتى بشري وعزل مناطق نفوذ المقاومة دون الأخذ بعين الاعتبار أنّ الفدرلة المعمول بها في الغرب تقوم على أساس السكن، وليس على أساس الهويات الحضارية والإثنية والطائفية بالتالي ماذا سيكون مصير الاقليات في المناطق….
بالتالي تقول المصادر: إنّ إعلان الرئيس بري الوزير فرنجية مرشحًا للرئاسة، تم إخطار القوى الدولية التي جاءت للاستئناس برأيه والفرنسيون عرضوا خيارين، التول سليمان فرنجية رئيسًا ونواف سلام رئيسًا للحكومة، والثاني العماد جوزيف عون رئيسًا ونواف سلام رئيسًا للحكومة، وكان جواب الرئيس بري الثابت عندنا سليمان فرنجية والمتغير القابل للنقاش نواف سلام. كذلك سمع الفرنسيون الكلام نفسه من مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله السيد عمار الموسوي.
الآن حسب المصادر عينها لم يعد بمقدور أحد اتهام الثنائي الوطني (أمل وحزب الله) وحلفائهما بالتعطيل بعد اعلان الفريق الآخر جهارً انه لن يؤمن النصاب (86)، وهذا ما سيدفع المجتمع الدولي الى إعادة النظر بقوانين اللعبة سيما وأنّ الفرنسيين والأميركيين لا يعترضان على فرنجية، أنّ المملكة العربية السعودية، على عكس ما يشاع لحينه، لم تضع فيتو على سليمان فرنجية، ومقاربتها للملف، ترك الأمور للممارسة والسلوك كي يبنى على أساسه موقف المملكة تقول المصادر التي تتساءل: هل السعوديون غير مدركين أنّ انهيار البلد يعني فيما يعني قيام مشروع الفدرلة على أنقاض الطائف؟؟
تختم المصادر: بين سليمان فرنجية والفوضى والفدرلة خيار المواجهة قائم بدرب كما شفرة السيف وفريق الممانعة في البلد سيخوض معركة وحدة لبنان، رفضًا للصيغ المطروحة، ملقيًا عن كاهله تهمة التعطيل التي باتت أساس حركة الفريق المناوئ تحت عنوان رفض سليمان فرنجية، وهذه الحركة ستجد نفسها معطوبة حكمًا، وإن طال الفراغ بقوة دفع التسويات في المنطقة والتشبيك المنتظر على مستوى الإقليم، وتبريد النقاط الساخنة، الذي سيعيد توليف أوراق الداخل ولم شمل البلد، مع التنويه بأنّ ال63 صوتًا المضمونة في يد الرئيس بري ستزداد اذا ما قرر وليد بك جنبلاط الممتعض والمرتاب من نغمة الفدرلة المثارة من قبل الافرقاء المسيحيين، والتي قد تدفعه في اللحظة الإقليمية والمحلية المناسبة تحت عنوان رفض الفدرلة ومؤثراتها في العديد من المناطق وعلى رأسها الجبل، التصويت الى جانب فرنجية بعدما نعى معوض وضاقت السبل أمام مرشح ثالث سواء كان قائد الجيش أو غيره.
مفيد سرحال كاتب وباحث في الشؤون السياسية