بين مطرقة التهديدات وسندان الاعتداءات وسؤ التقدير

بين التهديدات «الإسرائيلية» والوقت، تحاول واشنطن رسم المهل المطلوبة للانصياع اللبناني.

وبين كلام سماسرة السياسة والعقارات، ليس الفرق بكبير، وبين مهلة نوفمبر (تشرين الثاني) واتهام الدولة بالفشل، يجري في أوساط الدولة، تحديد أسماء المندوبين وشكل التفاوض.

نستعرض أسماء المبعوثين الكتر، فمن منهم نصدق، ومن سيأتي بعد، وانطوني بلير رئيس حكومة بريطانيا السابق، أحدهم، ذلك الذي انجز مع ديك تشيني مذابح قتل العراقيين بالملايين والوعد القادم للمنطقة، ربما «انتداب جديد» ينتظرنا.

بحكم واقع المنطقة وتوجه الأنظمة يريد من في السلطة، تثبيت التزاماتهم امام من «عينوهم » ولو بالانتخاب، تنازلا واستسلاما امام أطماع واهداف العدو.

ولبنان كأحد دول الطوق لكيان غاصب طامع دأب على المدّ والجزر بالدم والمجازر وسلخ الأراضي وانشاء احزمة امنية متكررة، ازيلت بالمرة الأولى بالمقاومة وتحرير عام 2000 فيما العدو اليوم ما زال يدمر منازل الجنوبيين، ولكنهم يستمرون وبعناد بالبقاء واعمار بيوتهم وقراهم والاستقرار دون وجل او خوف.

وإذ يبدو صعباً على من في السلطة كما الأعداء، فهم سرّ ثبات وصمود الجنوبيين، اذ بهم تحت عنوان حصرية السلاح يبتزون اهل الجنوب بوقف الاعمار وتمويل الصناديق الداعمة لا بل يحاصرونهم ماليا وقانونيا بكل ما اوتوا من قدرة ولا يقصر حاكم مصرف لبنان ووزير العدل واخرين بقيود وعقبات.

وإزاء صمت الدولة عن عملية سلخ الأراضي وقضم القرى لإلصاقها بكيان العدو كما حصل في عقود سابقة، مع القرى السبع، يبدو ان بعض فئات الداخل اللبناني، يستهويه تكرار هذا النموذج ويسمونه مع الأميركي «منطقة ترامب الاقتصادية» طبعا لن يسمح الجنوبيون بهذا المخطط، وهو اذا كان البعض في الماضي يرمي الى استبدال اهل جبل عامل، بأخرين من لون طائفي اخر ولم يوفق. فالخشية اليوم ان يكون مجيء طوني بلير موفداً الى لبنان يحمل طي ملفاته بعضا من هذا المشروع.

لبنان المقاوم، لا تزال ذاكرته حية امام المجازر من حولا، ثم قانا واحد واثنين  ومروحين وغيرها ، والى الأمس القريب كانت ملاحم بطولية سيكتبها التاريخ لشباب صنعوها رغم الوجع والجراح، على مدى ستين يوماً،واوقفوا تقدم  العدو واحتلال القرى ، رغم   تفوقه بطيرانه الحربي والاستطلاعي وقدراته النارية،  ولم يتمكن من  التقدم البري  الا بعد  وقف اطلاق النار برعاية أميركية، فكان تخطيه للخط الأزرق ، ثم امعانه في التدمير والتجريف للقرى والبلدات، ولا يزال الى الان مستمرا في اعتداءاته وفي استهداف المقاومين وشباب الجنوب وأهله  باختراقه سماء لبنان من الجنوب الى البقاع . دون أي رادع لا من لجنة «الميكانزيم» ولا حتى الإدارة الأميركية راعية وقف النار، والتي أفصح مبعوثيها، عدم القدرة على ردعها.

طبعا ولأننا نفهم طبيعة العدو «كل مكان تدوسه اقدامكم من البرية ولبنان من النهر نهر الفرات الى البحر الغربي يكون تخمكم» هذا ما تقوله توراتهم ولذا فالنوايا «الإسرائيلية» واضحة ،لكن الشك كبير بادراك السلطة اللبنانية لما يصاغ للبنان وتبدو كأنها تسير مع داعمي العدو داخل البلاد، واللوبي اللبناني في الإدارة الأميركية في واشنطن، لتكريس زمن جديد  يلتقي مع الايحاءات الجارية بانتهاء زمن اللاءات بين العرب والعدو، حسب قمة الخرطوم عام 67، (لا صلح لا اعتراف، لا تفاوض)، وتبدل ظروف المرحلة، نحو دعوات  تلقى اذانا صاغية عن الاتفاقيات الابراهيمية وما سبقها من توقيع  بعض الأنظمة على اتفاقيات

«الاستسلام »، وهذا كله يدفع لبنان ليكون، بحلّ من وعوده السابقة انه أخر من يفاوض ويوقع.

تريد الدولة اللبنانية بكل ارثها القوي الذي تسلفها إياه المقاومة ان تذهب الى التفاوض خالية الوفاض، حتى من حقها المشروع بالدفاع عن نفسها والذي تكفله لها القوانين الدولية، ودون ان تشترط مقابل شروط العدو، انسحابه وإعادة الاعمار وتسليم الاسرى، فهي تذهب للتفاوض المباشر وبقيادة الاميركي الذي أعلن بوضوح سقوط القرار1701!!!

وسط عصر من الانحطاط العربي الذي كشف ضعفه امام حجم التعاطف الشعبي العالمي ، وحيث تعلن دولة العدو رغبتها بانشاء إسرائيل الكبرى، يعمى على اعين البعض أهمية تعزيز الوحدة الداخلية وعدم الركض وراء سراب اتفاقات لا تحمي فلا كامب ديفيد قدم حلا لمصر ولا وادي عربة، للأردن ،والانهاك الاقتصادي لهاتين الدولتين يغرقهما بالمزيد من الارتهان للبنك الدولي ولبنى تحتية يهيمن العدو عليها .

اما عن أوسلو، فلينظروا الى قرار الكنيست مؤخراً، بإعادة ضم الضفة الى دولة العدو، باعتبارها حق «تاريخي» وارض يهودية، (يهودا والسامرة) حسب المزاعم التوراتية.

نحن امام عدو لا تلزمه المواثيق او القرارات الدولية التي مزقها علنا وعلى منبر الأمم المتحدة نفسها.

 لا شيء غير القوة يردع هذا العدو، فلم يوقفه عن استكمال إبادة الفلسطينيين في غزة سوى الحراك الشعبي الغربي الذي أغرق شوارع العالم بالبشر رافضا سرديته المزعومة.

وليس ما حصل مؤخرا في الانتخابات الأخيرة لحاكم نيويورك الا جزء بسيط من تداعيات زلزال منطقتنا، ونتيجة بطولات الجنوبيين والغزاويين المستمرة.

دولتنا مدعوة الى الاستفادة من صمود شعبنا واصراره على البقاء في ارضه، وهو رصيد بيدها لا يضاهى امام رعب مستوطني الشمال الفلسطيني المحتل الذين لم يجرأوا على استكمال عودتهم رغم كل وعود الحماية من قادة العدو،

 نقول ختاما قول سعاده ، «لا يمكن ان نحافظ على حقوقنا بخطب ومذكرات وإذا كنا لا ننهض ولا نعتمد على أنفسنا، كان باطلاً كل مجهود، قد تكون الحرية حملاً ثقيلاً ولكنه حمل لا يضطلع به الا ذوو النفس الكبيرة».